دراسات

المياه ومستقبل العالم.

إياد العرفي

يتوقع الخبراء أن المياه ستحتل في القرن الحادي والعشرين نفس المكانة التي احتلها النفط في القرن العشرين، وستصبح السلعة الاستراتيجية الأهم التي ستتصارع عليها القوى العالمية الكبرى.

لقد اعتمد البشر على المياه منذ الأيام الاولى للحضارة ولكن التوسع اللوغاريتمي في معدلات التحضر والتنمية مع وصول من يعيشون على كوكب الأرض الى سبعة مليارات نسمة، يدفع الطلب على المياه الى معدلات لم يعرفها العالم قط من قبل، حيث أصبح استهلاك المياه يفوق سرعة نمو السكان، وكثيرة هي الأسباب التي تؤدي الى نقص المياه منها: الاعتماد المفرط في استخدام السيئ وهو الخطر الخفي الأشد ضررا، كذلك استنزاف المياه الجوفية، وقلة الأمطار وتذبذبها، والتملح،  بينما يعد تلوث المياه من أهم الأسباب تفاقم هذه المشكلة، ناهيك عن العوامل الطبيعية الناتجة من التغير المناخي كالفيضانات والجفاف، فيما قلة حصة المواطن العربي من المياه بشكل كبير، إذ أصبحت ندرة المياه حقيقة من حقائق الحياة اليومية لكثير من البلدان.
في حين حذر الخبراء من أزمة مائية بحلول عام 2025. وعلى الرغم من قيام معظم دول العالم بإجراءات وقاية المياه من النقص والتلوث، الا انها لم تحقق النتائج المرجوة في الحفاظ على المياه العالمية، وينصح الخبراء بهذا الشأن بسن الكثير من القوانين والتشريعات الحازمة لمحاولة الحد من تلوث المياه الذي يتطلب الحفاظ على المياه الطبيعة، بجانب بناء الحكومات محطات لتنقية المياه ومعالجتها من المخلفات والنفايات، كذلك وضع حد أعلى لتركيز الملوثات في المياه ليضمن حد أدنى لسلامة المياه. كل هذا بجانب التوعية في وسائل الإعلام المختلفة وشبكة المعلومات الدولية بأهمية المحافظة على المياه.

ويبقى السؤال قائما كيف ستكون هناك مياه تكفي الجميع خاصة اذا استمر تفاقم هذه الازمة في ظل تزايد السكان ليصل عددهم الى تسعة مليارات نسمة في منتصف القرن ؟ وهذا يدق ناقوس الخطر و ينذر بانهيار العالم المتحضر وربما تشهد المعمورة حروب المياه في المستقبل القريب.

استهلاك المياه العالمي

معهد الموارد العالمية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، يقول ان استهلاك المياه كان يتزايد بأكثر من ضعف معدل الزيادة السكانية في القرن الماضي، وقال انه من المتوقع أن يزيد استهلاك المياه في البلدان النامية بنسبة 50 في المئة في الفترة بين 2007 و2025، وأن يزيد بنسبة 18 في المئة في البلدان المتقدمة وان معظم الزيادة في الاستهلاك في البلدان الافقر التي تشهد هجرة المزيد من السكان من المناطق الريفية الى المدن، وأضاف أن المياه من العوامل التي تؤخذ في الاعتبار للاثار المتوقعة للتغير المناخي – كالفيضانات والجفاف الاكثر شدة والتحولات بعيدا عن أنماط هطول المطر السابقة – والتي من المحتمل أن تتأثر بها أولا وبشكل أسوأ الشعوب الاكثر فقرا ومضى المعهد قائلا “يواجهنا تحد كبير، فهل ستكون هناك مياه تكفي الجميع خاصة اذا استمر السكان في التزايد ليصل عددهم الى تسعة مليارات نسمة في منتصف القرن كما هو متوقع؟”

من جهته قال روب رينر المدير التنفيذي لمؤسسة بحوث المياه ومقرها ولاية كولورادو الامريكية “هناك الكثير من المياه على الارض ومن ثم لن تنفذ على الارجح، لكنه استطرد قائلا “المشكلة هي أن 97.5 في المئة منها (مياه) مالحة… وأن 2.5 في المئة منها عذبة وأن ثلثي المياه العذبة هي “مياه متجمدة”. ومن ثم لا يوجد في العالم الكثير من المياه العذبة للاستهلاك، وقال رينر ان أكثر من مليار شخص لا يستطيعون الحصول على مياه شرب نظيفة ويعيش أكثر من مليارين دون صرف صحي ملائم مما يؤدي الى وفاة خمسة ملايين سنويا معظمهم أطفال بسبب أمراض تنقلها المياه يمكن الوقاية منها. ثمانية في المئة فقط من امدادات المياه العذبة يذهب للاستهلاك المنزلي ويستخدم حوالي 70 في المئة في الري و22 في المئة في الصناعة، ويساهم الجفاف وعدم كفاية الامطار فيما يعرف بالخطر المائي الى جانب الفيضانات والتلوث. ويحدد أطلس أكويدكت على الانترنت الذي يديره معهد الموارد العالمية المناطق الساخنة التي تواجه خطرا مائيا التي من بينها:

– حوض نهر موراي دارلنج باستراليا.
– حوض نهر كولورادو في الغرب الاوسط الامريكي.
– حوض نهر أورانج سنكو الذي يغطي مناطق من جنوب افريقيا وبوتسوانا وناميبيا وليسوتو كلها.
– حوضا نهر يانجتسي والنهر الاصفر في الصين.

ويقول المعهد ان المطلوب هو ادارة متكاملة للموارد المائية تأخذ في اعتبارها من يحتاج أي نوع من المياه وكذلك أين وكيف تستهلك المياه على النحو الاكثر كفاءة.

في حين قال رالف ايبرتس نائب الرئيس التنفيذي لشركة بلاك اند فيتش، وهي شركة هندسية رأسمالها 2.3 مليار دولار تعمل في مجال تصميم شبكات المياه ولها مشروعات في أكثر من 100 دولة، “ستتحول المياه سريعا الى عامل مقيد لاعمارنا”، وقال انه يرى أن ثمة ضرورة “لوضع أولوية” للموارد للتعامل مع التحديات المائية التي يفرضها التغير المناخي والنمو الحضري المتزايد، والشركة التي يعمل فيها ايبرتس ليست الشركة الوحيدة. فندرة المياه والاجهاد المائي – الذي يحدث عندما يزيد الطلب من المياه على العرض أو عندما تحد النوعية الرديئة من المياه الاستهلاك – واللذين أصابا بالفعل الشركات التي تعتمد بكثافة على المياه وسلاسل العرض في روسيا والصين وفي أنحاء شتى في جنوب الولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه كان للفيضانات العارمة اثار اقتصادية شديدة في استراليا وباكستان والغرب الاوسط الامريكي، طبقا ل “تحالف سيريس” الذي يضم مستثمرين كبارا ومجموعات بيئية كبيرة، والتي حددت مخاطر مائية سيحتاج قطاع الاعمال الى التعامل معها في القرن الحادي والعشرين، وقالت ميندي لوبر رئيسة سيريس “ان محورية المياه العذبة بالنسبة لاحتياجاتنا من الطعام والوقود والالياف تحتل مكانا مركزيا فيما أصبح عالما مكتظا ويعاني من اجهاد بيئي، وتسمح قاعدة بيانات تحالف سيريس للمؤسسات الاستثمارية أن تعرف أي من الشركات تتعامل مع المخاطر المائية. وينظر الى شركتي “نسلة” و”ريو تينتو” على أنها رائدتان في هذا الصدد، وتؤثر المخاطر المائية بالفعل على نشاط شركة “ذا جاب” المنتجة للملابس الجاهزة والتي خفضت من توقعاتها للربح بنسبة 22 في المئة بعد أن خفض الجفاف محصول القطن في تكساس، ولا يشكل الخطر المائي قلقا بالنسبة للشركات فقط اذ يؤثر ايضا على وكالات المعونة الدولية مما يهدد بوقوع كارثة بالنسبة لاولئك المعرضين لجفاف متزايد أو غموضا متزايدا يكتنف امدادات المياه.

وأشار تقرير لمنظمة أوكسفام الى أن التغير المناخي في شرق أفريقيا قد يؤدي الى تغييرات في درجة الحرارة وهطول الامطار مما يؤدي الى خفض موسم النمو ويخفض من حجم حاصلات أساسية مثل الذرة والصويا بما يلحق أشد الضرر بالمزارعين ومربي الماشية الصغار، وقدم تحليل علمي شمل أكثر من 30 دولة يسمى برنامج التحدي بشأن المياه والغذاء الامل. ووجد أن معظم أحواض المياه في أفريقيا واسيا وأمريكا اللاتينية يمكنها مضاعفة انتاج الغذاء في العقود القليلة القادمة اذا تعاونت دول المنبع مع دول المصب من أجل الاستخدام الكفء لمواردها المائية.

الإنتاج الغذائي

المجمعات المائية الكبرى في العالم تتمتع بكميات كبيرة من المياه تمكنها من مضاعفة الإنتاج الغذائي خلال العقود المقبلة، بحسب معدي دراسة قدمت خلال المؤتمر الدولي الرابع عشر حول المياه الذي عقد في بورتو غاليناس البرازيلية.

المشكلة لا تكمن في نقص في المياه وإنما في “استخدام غير ناجع وفي توزيع غير عادل لكميات المياه الضخمة في أبرز المستجمعات المائية”، وفقا لدراسة “المجموعة الاستشارية للأبحاث الزراعية العالمية” وهي شبكة من مراكز للأبحاث وللتنمية المستدامة، وبحسب الدراسة التي نشرت في العدد الخاص للمجلة الدولية حول المياه “في العالم مياه تكفي لتلبية الحاجات الغذائية وتلك الخاصة بالطاقة والصناعة والبيئة خلال القرن الحادي والعشرين، وأعلن سايمون كوك أحد المشرفين على الدراسة أن “هناك كميات كافية من المياه، شرط استخدامنا هذه المياه بشكل أكثر توازنا، ولفت إلى أن “المجتمعات تستخدم المياه لزراعاتها ولإنتاج الكهرباء ولتغذية مراكزها المدنية وكذلك لأهداف بيئية”، ولا بد من أخذ جميع هذه الجوانب بالاعتبار بطريقة شاملة بهدف التوصل إلى استخدام متوازن. وشرح ألان فيدال مدير برامج المياه والأغذية في المجموعة الاستشارية للأبحاث الزراعية العالمية التي أطلقت الدراسة أنه “مع تغييرات بسيطة نستطيع إنتاج أغذية ثلاثة مرات أكثر مقارنة مع ما ننتجه اليوم، خصوصا في المناطق الجافة في إفريقيا جنوب الصحراء. بحسب فرانس برس.

ففي إفريقيا “المنشآت الزراعية تستخدم بالكاد 4% من المياه المتوافرة” بحسب ما تشير الدراسة التي تتطرق إلى أحد أبرز التحديات التي تواجهها الإنسانية: إنتاج ما يكفي من غذاء، وقد تطلبت الدراسة خمسة أعوام من الأبحاث مع علماء من خمسين بلدا حللوا وضع عشرة مستجمعات مائية هي: مستجمعات منطقة الأنديز ومستجمع ريو ساو فرانسيسكو في أميركا الجنوبية ومجمعات أنهر ليمبوبو والنيجر والنيل وفولتا في إفريقيا ومجمعات أنهر الغانج (الهند) والكرخة (إيران) والميكونغ وهوانغ هيه أو النهر الأصفر في أسيا.

أزمة المياه في الوطن العربي

أكد التقرير الاقتصادي العربي الموحد للعام 2010، والصادر عن صندوق النقد العربي أن نصيب الفرد في البلدان العربية من المياه سيتراجع إلى أقل من 500 متر مكعب سنوياً بحلول عام 2025، مقابل مايقارب ألف متر مكعب حالياً “مايعرف بخط الفقر المائي”، بنسبة انخفاض تصل لنحو 50% خلال 15 عاماً، ويصل متوسط الفاقد من المياه المستخدمة في الري بأكثر من 100 مليار متر مكعب بما يشمل 65% من حجم المياه المستخدمة في الري وتشمل 15 % من مياه الري تضيع في شبكات التوزيع، و25 % في شبكات الري، و15 % في الحقل، وتشكل حصة القطاع الزراعي 89% بما يعادل 263 مليار متر مكعب من الموارد المائية السطحية المتاحة “الأنهار والأمطار” والبالغة 349 مليار متر مكعب سنوياً، كما تقدر حصة الاستهلاك المنزلي بنحو 6%، وحصة القطاع الصناعي بنحو 5%، وحذر التقرير من عجز الموارد المائية المتاحة في تلبية الاحتياجات الغذائية للبلدان العربية، حيث تشير التقديرات إلى إمكانية الموارد المائية المتاحة بتأمين الغذاء بنحو 24% من احتياجات البلدان العربية، إضافة إلى تقديرات دولية بانخفاض هطول المطر في المنطقة العربية بنحو 20% خلال العقد المقبل نتيجة التغيرات المناخية المتسارعة، وتشير التقديرات إلى أن الطلب على المياه في الدول العربية بحلول العام 2020 تقدر بنحو 409 مليارات متر مكعب منها 369 مليار متر مكعب حصة القطاع الزراعي ونحو 40 مليار متر مكعب للأغراض المنزلية والصناعية، فيما بلغ الطلب عام 2009 نحو 362 مليار متر مكعب منها 338 مليار متر مكعب للقطاع الزراعي و24 مليار متر مكعب للأغراض المنزلية والصناعية، وأشار التقرير أن المنطقة تعاني من عجز واضح في مواردها المائية لتلبية احتياجاتها منذ نهاية القرن الماضي، حيث من المتوقع ان يصل نصيب الفرد إلى ما دون 500 متر مكعب بحلول عام 2025.

مصر مثالا

في حين تثير مشاكل تسرب أنابيب المياه والتبخر والنمو السكاني السريع قلقاً كبيراً لدى القائمين على إدارة وتخطيط إمدادات المياه في مصر. ولكن ما يزيد الأمر سوءاً ويجبر المصريين على إعادة النظر في كيفية استخدامهم للمياه يتمثل في التهديد الذي تشكله دول المصب التي تطالب بالمزيد من مياه نهر النيل، حسب بعض المراقبين، وفي هذا السياق، شدد رضا الدماك، مدير وحدة دراسات المشروعات المائية بكلية الهندسة جامعة القاهرة، على ضرورة “تكيف المصريين مع استخدام كميات أقل من المياه يوميا، ويبلغ عدد سكان مصر نحو 85 مليون نسمة. ووفقاً للخبراء، تحصل مصر على حصة سنوية من مياه نهر النيل تقدر بحوالي 55.5 مليار متر مكعب. ويتم استخدام حوالي 85 بالمائة من تلك المياه في الزراعة، ولكن الكثير منها يتسرب سدى وطبقا للبحث الذي أعده في عام 2007 فتحي فرج، خبير المياه المستقل، تفقد مصر 2 مليار متر مكعب من المياه بسبب التبخر، كما تفقد أيضا 3 مليار متر مكعب بسبب الحشائش التي تنمو على ضفاف النيل وعلى الجزر الموجودة في النهر.

كما ذكر البحث أن حوالي 40 بالمائة من المياه المتبقية، التي تستخدم في المنازل والصناعة، والتي تبلغ حوالي 2.3 مليار متر مكعب، تضيع بسبب تسرب الأنابيب، في حين يتم استخدام 2.5 مليار متر مكعب من المياه لتوليد الكهرباء،  وفى تعليق له على الموضوع، قال فرج إذا قمت بحساب كل هذه الكمية المفقودة من المياه ستكتشف أن ما يتبقى للمصريين هو حصة صغيرة من المياه التي تحصل عليها بلادهم سنويا من نهر النيل. وهذا يمكن أن يظهر أيضا لماذا ينبغي أن نشعر بالقلق.

تمنح اتفاقية تقاسم المياه، التي تم توقيعها بين مصر والسودان عام 1959، مصر حصة 55.5 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل، لكن الضغط السكاني يجعل البلاد تواجه نقصاً في المياه يتراوح بين 10 و15 مليار متر مكعب سنوياً. وأشار خبير مياه مصري إلى أن “خطة دول المنبع بإعادة توزيع المياه تمثل أمراً في منتهى الخطورة بالنسبة لمصر، وكانت الدول المشتركة في حوض نهر النيل قد طالبت، بمقتضى مبادرة حوض النيل، بمراجعة اتفاقيات الحقبة الاستعمارية التي تخصص الجزء الأكبر من مياه نهر النيل لكل من مصر والسودان وتعطي القاهرة حق الاعتراض على مشاريع دول المنبع، ولم تعترف مصر بالاتفاقية الأخيرة التي وقعتها كل من بوروندي، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا، وأوغندا. وتسعى الاتفاقية إلى السماح لمشاريع الري والطاقة الكهرومائية بالمضي قدما دون موافقة القاهرة. فعلى سبيل المثال، تخطط إثيوبيا لإنشاء سلسلة من السدود على طول نهر النيل لتوليد الكهرباء، كما أعلنت إثيوبيا في شهر مارس عن إنشاء سد النهضة الذي يهدف لأن يكون أكبر محطة لإنتاج الطاقة الكهرومائية في أفريقيا. ولكن بعض الخبراء مثل ميهاري بينيه، الكاتب بشبكة الأنهار الدولية، يرون أن السد الذي يتم بناؤه بالقرب من الحدود السودانية يثير العديد من المخاوف بشأن تأثيراته البيئية والبشرية.

يقول هيثم عوض، أستاذ هندسة الري بجامعة الإسكندرية، أن خطة إثيوبيا لبناء السدود على طول نهر النيل ستؤدي إلى خفض حصة مصر الحالية بمقدار 5 مليار متر مكعب سنويا، لكنه يعتقد أنه من الممكن التعامل مع هذا الأمر إذا تمكنت مصر من التعاون مع إثيوبيا وقامت بشراء بعض الكهرباء التي يتم توليدها، ولم تعد الاحتجاجات على نقص المياه في مصر بالأمر الجديد، خاصة في شهري يوليو وأغسطس اللذان يعتبران أكثر شهور الصيف حرارة.

الى ذلك حذر مسؤولون وخبراء من ان استمرار استهلاك المياه بالمعدلات الحالية في مصر ينذر بكارثة ربما بحلول عام 2025، جاءت التحذيرات على هامش ورشة عمل ومؤتمر صحفي عقدا بمدينة العين السخنة في شرق البلاد للاعلان عن تغيير في آلية تقديم المساعدة الامريكية لمصر في مجال الادارة المتكاملة لموارد المياه التي تأتي كلها تقريبا من نهر النيل، وقالت وفاء فلتاؤوس مديرة مشروع الادارة المتكاملة لموارد المياه (حياة) بالوكالة الامريكية للتنمية الدولية ان المرحلة الاولى من المشروع اتاحت امكانية خفض امدادات المياه من وزارة الري للمزارعين بنسبة 14 في المئة من خلال اضفاء اللامركزية على ادارة نظام الري في البلاد باشراك روابط للمزارعين والمستفيدين في اتخاذ القرارن وقال المهندس مؤمن سعيد الشرقاوي المسؤول في المشروع ان المرحلة الثانية التي بدأت عام 2009 وتنتهي في 2012 تستهدف تحقيق نفس النسبة من زيادة كفاءة استخدام مياه الري، وقال المهندس حسام فهمي رئيس هيئة الصرف الصحي ان مصر تسعى للانتقال من مرحلة الكم الى الكيف في اشراك روابط مستخدمي المياه على الترع الفرعية في اتخاذ القرارات المتعلقة بتوزيع المياه والمساهمة في صيانة الترعن واشار الى وجود 1222 رابطة في مصر حاليا ويتيح التغيير الجديد في تقديم المساعدة الامريكية في مجال تشكيل هذه الروابط ان تتولى وزارة الري انشطة تدريب الاعضاء بدون مشاركة متعاقدين امريكيين على ان تقدم الهيئة الامريكية للمساعدات الدولية تمويلا يغطي تكلفة كل مرحلة بعد اكتمالها. وتتولى هذه الروابط المنتخبة التواصل مع الجهات المسؤولة والمساعدة في صيانة الترع وتوزيع حصص المياه ومكافحة التلوثن وتقدم الوكالة الامريكية للتنمية الدولية هذا العام مليون دولار لمركز تدريب انشئ حديثا بالوزارة. ومن جانبه قال اندرو تشاب مدير المشروع بشركة اي.ار.جي التي شاركت في تنفيذ المرحلة الاولى ان ازمة المياه في مصر حاليا “متوسطة لكنها تتجه لان تكون اكثر حدة” في ظل الزيادة السكانية واستهلاك الزراعة لحوالي 83 في المئة من حصة المياهن وأضاف أن نقص الوعي لدى المزارعين يمثل تحديا يجعلهم يقاومون التخلي عن زراعة محاصيل تستهلك كميات كبيرة من المياه مثل الأرز والتحول الى محاصيل جيدة اخرى تعطي نفس العائد مع استهلاك اقل للمياه. بحسب رويترز.

وقال محسن الغرباوي مدير عام وحدة الاستخدامات المائية بوزارة الري ان “التلوث اخطر من ندرة المياه” بالنظر الى ان مصر بها واحد من اعلى معدلات تلوث المياه في العالم، وقال ان حجم المياه الملوثة نتيجة المخلفات المنزلية والصرف الصحي يصل الى 12 مليار متر مكعب سنويا يتم ضخها في البحر دون فائدة وهو ما يعادل استخدام دول الخليج والاردن وتونس والجزائر والمغرب مجتمعة.

 

الجزائر مثال آخر

الجزائر استثمرت 25 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية لتوفير مياه الشرب والري، دون رفع سعر الماء، وخلال ندوة حول تسيير المياه بالجزائر في مدينة وهران، أوضح خبراء أن “المياه في الجزائر نادرة وموزعة بصفة غير متساوية (…) ولتوفيرها استثمرت الجزائر خلال العشر سنوات الماضية 25 مليار دولار.

توفير الماء لم يكن التحدي الوحيد بالنسبة للجزائر بما ان التوزيع كان يواجه مشاكل كبيرة باعتبار ان “30 بالمائة من المياه الموزعة كانت تضيع بسبب قدم الشبكة وسوء التسيير. وفي سنوات الجفاف فكرت الحكومة الجزائرية في استيراد المياه من اوروبا لمواجهة الازمة، أما اليوم فالمياه اصبحت متوفرة في الجزائر، كما ان التوزيع اصبح مقبولا بفضل تفويض شركة “سويز” الفرنسية لتسييره في الجزائر العاصمة، وقررت الحكومة تمديد عقد شركة “سويز” لخمس سنوات اضافية سنة 2011، بعد نجاحها في تخفيض نسبة ضياع المياه الصالحة للشرب من 30% الى 17%، ويتم تسيير توزيع المياه في وهران من طرف شركة “اغبار” الاسبانية التي تملك فيها سويز 75% من الاسهم. أما في قسنطينة (400 كلم شرق الجزائر) ففازت الشركة الفرنسية الاخرى “لا مارسييز دو لو” بصفقة تسيير المياه بها. ومن جهته عبر المدير العام لشركة سويز جون لوي شوساد عن ارتياحه للتعمال مع الحكومة الجزائرية، بعد نجاحه في حل مشكل توزيع مياه الشرب بالجزائر العاصمة التي يفوق عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، وقال شوساد ان “ورقة الطريق التي حددتها لنا الحكومة الجزائرية في العقد تعتمد على نقل الخبرة الفرنسية الى الجزائريين للحفاظ على نفس مستوى التسيير في المستقبل. بحسب فرانس برس.

وتنوي الجزائر استثمار 15 مليار دولار لبناء 19 سدا جديدا ومحطات لتحلية مياه البحر في السنوات الخمس القادمة زيادة على 68 سدا موجودا حاليا، لتتمكن من الحفاظ على مستوى 600 متر مكعب في السنة لكل ساكن، بينما المستوى المطلوب الذي حدده البنك العالمي هو 1000 متر مكعب في السنة. ويتم انجاز محطة لتحلية مياه البحر في منطقة بطيوة بوهران تصل قدرة انتاجها الى 500 الف متر مكعب يوميا، هي الاكبر في منطقة حوض المتوسط بحسب وزير الموارد المائية، وقررت الحكومة الحفاظ على نفس تسعيرة الماء، اي 11 دينار (1,1 سنتيم يورو) بينما يبلغ سعر التكلفة 32 دينار (3,2 سنتيم يورو)، وتبلغ مساحة الجزائر 2.2 مليون متر مربع بعدد سكان يفوق 36 مليون نسمة يقطن غالبيتهم في الشمال الساحلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى