من هو منافس باراك أوباما في الانتخابات الأمريكية إعداد: إياد عبد الهادي

 

كثيرة هي الأسباب التي جعلت من ميت رومني الأفضل بين الجمهوريين، لمواجهة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية. فالرجل أثبت أنه يمتلك من الصفات ما يؤهله لدخول البيت الابيض، حيث يتمتع رومني بمزايا تجعله المنافس المثالي  فهو رجل أعمال ناجح ينتمي لأسرة ثرية صاحبة نفوذ سياسي قوي. ويقدم رومني نفسه على انه مقاول ناجح قادر على إيجاد وظائف والنهوض بالاقتصاد الامريكي الذي يعتبر ان سياسات الرئيس الديمقراطي باراك اوباما دمرته.

لكن بموازاة ذلك لا يخلو رومني من العيوب, حيث يرى منتقديه انه يأتي من أوساط ثرية وان سجله في  إيجاد وظائف حين كان حاكماً لماساتشوستس كان موضع شكوك. وبالتالي فإنه قد يواجه صعوبة في التواصل مع الأمريكيين العاديين الذين تضرروا بشدة بسبب الأٍزمة الاقتصادية الكبرى عام 2008. أضف الى أن يتبع مذهب "المورمون" الذي ترفضه معظم الكنائس المسيحية التقليدية في أمريكا, حيث  لا يزال سجلّ انتماء رومني الى طائفة المورمون ورقة يستخدمها الديمقراطيون ضده، وذلك على رغم أن المورمون يرفضون أن يقال أن رومني ينتمي إليهم في الوقت الحاضر، علماً بأنه كان المسؤول عن هذه الطائفة في باريس وأمضى سنوات هناك، ومن هنا يتّقن التحدّث بالفرنسية. لكن كما تغلّبت أميركا على عقدة انتخاب رئيس كاثوليكي وعقدة انتخاب رئيس أسود، يمكن أن تتجاوز عقدة انتماء رئيسها الى المورمون ذات مرّة. كما أن ترويج رومني  لنفسه كمدير جيد للحكومة الفيدرالية وليس كقائد مستعد لشن حملة للتغيير, يجعل ردة فعل الجمهور فاترة تجاه ما يطرحه. ورغم قوله إن حملته الانتخابية هي "معركة من أجل روح أميركا"، لكن لا يبدو بأنه يعني حقيقة ما يقوله، وإذا كانت صورته كمدير ناجح قادر على تدبير الشأن العام تندرج في إطار التصريحات المحسوبة والمنطق السليم، إلا أنها عاجزة عن تجييش المشاعر ودفع الناخبين إلى الالتفاف حوله.

بوش الأب يدعم رومني :

تمكن رومني من الحصول على دعم شخصيات رئيسية في الحزب الجمهوري أبرزها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب, الذي قال عنه: "إنه الرجل الذي بإمكانه الاضطلاع بهذا العمل".  وبدأ الجمهوريون في الالتفاف حول رومني في معركته ضد الرئيس باراك أوباما في انتخابات نوفمبر, وتمكن رومني من الحصول على دعم شخصيات رئيسية في أبرزهم المرشح المحتمل لمنصب نائب الرئيس على بطاقة الحزب الجمهوري الأمريكي ماركو روبيو.الذي يتولى منصب السيناتور الأمريكي عن ولاية فلوريدا.

توجهات رومني

هناك مقولة قديمة يرددها الحزب "الجمهوري" مفادها أن ولاية مساتشوسيتس التي ينحدر منها رومني وكان حاكمها السابق لا تنتج سوى جراد البحر والسياسيين الليبراليين، وكلاهما لا يذهب بعيداً لتبقى حظوظ الولاية في دفع المرشحين إلى منصب الرئاسة قليلة للغاية. هذا على الأقل ما قاله "الجمهوريون" في عام 1988 عندما كان الحاكم "مايكل دوكاكيس" المرشح "الديمقراطي"، وأعادوا تأكيده عام 2004 عندما كان المرشح "الديمقراطي" الآخر، جون كيري، وحاكم الولاية أيضاً مرشحاً للرئاسة، وكلاهما أخفق في الوصول إلى البيت الأبيض، لكن خلال هذه السنة يبدو أن المقولة تنطبق على "الجمهوريين" أكثر من غيرهم مع ترشح حاكم ولاية مساتشوستس السابق، ميت رومني، في الانتخابات الرئاسية، متخوفين من أن تلحق به لعنة الولاية ويكون مصيره على غرار أبنائها الذين ترشحوا باسمها فقط ليكون مصيرهم الفشل. ومع أن رومني ليس كباقي السياسيين الذين أنجبتهم الولاية، إذ لا يمكن توصيفه بالليبرالي مثل كيري، أو دوكاكيس، إلا أنه أيضاً ليس "محافظاً" بما يكفي في نظر "المحافظين" داخل الحزب وخارجه.
ورغم إدعاء رومني في حملته الانتخابية أنه المرشح الذي يحظى بإجماع وطني وبأنه عابر لجميع التوجهات الأيديولوجية بفضل اعتدال مواقفه بشأن عدد من القضايا السياسية والاجتماعية، فإنه فشل في كسب بعض المعاقل الرئيسية للحزب "الجمهوري" مثل المناطق الريفية في وسط الغرب الأميريكي، والجنوب الذي يضم كتلة مهمة من "الجمهوريين"، وصحيح أن "رومني" بذل جهوداً مضنية في حملته الانتخابية لتحسين صورته، وهو ما مكنه من كسب بعض الولايات الحساسة مثل فلوريدا وأوهايو وميتشجان.

ديانة رومني:

رومني ، هو من أتباع ديانة "المورمون" التي لا تقدس الصليب ولا ترفض نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) وتحرّم الخمر والقهوة والشاي والقمار والإجهاض والتدخين، وترى الجنس خارج الزواج زنا من أكبر المحرّمات، وعذرية الفتاة والشاب مقدسة لا يجب مسها إلا بزواج شرعي "مورموني" أصيل.
 لهذا السبب يتزوج أتباعها باكراً، تماما كما رومني الذي تزوج ببروتستانتية تصغره بعامين حين كان عمره 21 سنة، وهي زميلته منذ الابتدائية، آن ديفيس، التي اعتنقت المورمونية والمعتلة منذ العام 1998 بمرض مزمن يفتك بالنظام العصبي المركزي، ومنها رزق بخمسة  أبناء ذكور تزوجوا جميعهم مورمونيات أنجبن له 16 حفيداً.
وبهذا الخصوص تتساءل مقالات مختلفة تكتب عن رومني عن إمكانية أن يقبل الأميركيون بصفة عامة، والجمهوريون بصفة خاصة، برئيس أو مرشح رئاسي ينتمي للمورمونية، خاصة وأن نسبة لا يستهان بها من الجمهوريين المحافظين دينيا يرفضون ذلك، وهي نسبة تتراوح بين الربع والثلث وفقاً لبعض التقديرات، لكن رومني يعود ويؤكد أن الدين ليس المحك في الحكم على شخص ما، وأن الاختبار الحقيقي هو مواقفه.

ملامح السياسة الخارجية لرومني:

رومني عرف كيف يدغدغ ومن جديد أحلام الأميركيين، وخاصة أهل اليمين منهم أو الغالبية فيهم، عبر رؤاه الامبراطورية لأميركا. ففي كلمة له بمناسبة الذكرى العاشرة للحرب الأفغانية، قال رومني في الكلية العسكرية في ساوث كارولينا: "إن الرب خلق أميركا لتكون أمة يتبعها الآخرون، وليس قدرها أن تكون إحدى القوى المتساوية في العالم، وإن لم تقد واشنطن العالم فإن غيرها سيفعل".. ليس هذا فقط، بل إن رومني تعهد بأنه: "إذا ما تم انتخابه فإنه سيناضل من أجل قرن من التفوق العسكري الأميركي أمام عدد من القوى الصاعدة كالصين"، مشيراً إلى أن "العالم يكون أكثر أمناً عندما تكون أميركا قوية".
ويسعى رومنى إلى الصدام مع أوباما فى ميدان السياسة الخارجية بلغة حادة والتركيز على القيم الوطنية الأمريكية من أجل استدراج الرئيس إلى مساحة من المواجهة التى يمكن أن يخسر فيها مواقف بدت ثابتة فى خطابه السياسي على مدى سنوات مثل تغليب الحوار في العلاقات الدولية على حساب الصراع، حيث هدف الجمهوريين بالأساس هو إثبات أن لغة أوباما عكس أفعاله وهو ما سيترجم فى صورة فقدان اصوات حتى لو لجأ المرشح إلى "لغة متطرفة" في السياسة الخارجية.
وأعلن رومني أنه سيغير توجه أميركا في حال أصبح رئيساً, وأن عنوان سياسته الخارجية بوجه عام سيكون على غرار سياسة رونالد ريغان «السلام من خلال القوة». وأنه قد وضع خطة شاملة لإعادة بناء القوة الأميركية وتزويد جنودها بالأسلحة التي يحتاجونها للانتصار في أي صراع. كما انه عازم على استعادة وضع بلاده كقوة بحرية في أعالي البحار من خلال زيادة المعدل السنوي لبناء السفن الحربية من 9 إلى 15سفينة. ومثلما سعى ريغان لحماية الولايات المتحدة من الأسلحة السوفياتية من خلال مبادرة الدفاع الاستراتيجي، سوف أدفع باتجاه عمل أنظمة دفاعية ضد الصواريخ الباليستية لحماية واشنطن وحلفائها  من أي صواريخ تطلقها إيران أو كوريا الشمالية.

إيران رأس الافعى:

تصريحات رومني تؤكد أنه سيكون بالفعل قاذف قنابل، وأن إيران ربما تكون مجالاً لإظهار قدراته العسكرية، لا سيما وأنه ككل رئيس أميركي، يعرف أن مكانته بين ساسة بلاده وفي تاريخها، لا تكتمل إلا بأن تكون له حربه الخاصة التي يثبت فيها قوته، ويظهر للشعب الأميركي أنه وفي للعقيدة العسكرية الأمريكية، وقادر على الاختيار بين نار أميركا ودم الآخرين، لذا أعلن عزمه اخذ كل الإجراءات الضرورية للتصدي للنظام الايراني. وانه  سوف يظل يدفع باتجاه تشديد العقوبات والتعاون مع الدول الأخرى أو اتخاذ إجراء أحادي الجانب إذا اضطر لذلك حتى توقف إيران برنامجها النووي الذي يهدف إلى تصنيع قنبلة نووية. كما انه يعتزم التحدث بصراحة عن قضية الديمقراطية في إيران مشيراً إلى دعم المعارضين الإيرانيين الذين يناضلون من أجل الحرية. كما تتضمن خطة رومني العودة إلى الوجود المستمر لحاملات الطائرات في شرق البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الخليج العربي بشكل متزامن, وتشمل  أيضا زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل وتعزيز التنسيق مع الاصدقاء والحلفاء في المنطقة.
 في هذا الصدد يفهم المرء تصريحات رومني، الذي اعتبر أن القيادة الإيرانية شريرة، وأن "إيران تحاول من جديد بناء امبراطورية قائمة على الشر وتعتمد على ثروات الشرق الأوسط" مهدداً في إحدى مقابلاته التلفزيونية بقطع رأس النظام في ايران التي وصفها برأس الافعى, لنجد في النهاية أن النزاع مع إيران يحتل حيّزاً واسعاً من النقاش في المناظرات بينه وبين خصومه.

روسيا العدو الاول لأمريكا:
أعلن رومني موقفه الرافض للسياسة الروسية اتجاه مشروع أمريكا لنشر الدرع المضادة للصواريخ في أوروبا, رافضاً في الوقت ذاته تقديم المزيد من التنازلات في هذه القضية, كما انتقد أوباما بعد تسرب انباء تناقلتها بعض وسائل الإعلام خلال قمة سيؤول النووية عن طلب الاخير من الرئيس الروسي السابق ديمتري  ميدفيديف أن يترك له هامش مناورة خاصة بشأن قضية الدرع المضادة للصواريخ, معلقاً إن على أوباما أن يفهم أن روسيا ليست شخصية ودودة على الساحة الدولية لأن لها علاقات بحكومتي سوريا وإيران, واصفاً روسيا بالوقت ذاته بأنها العدو الجيوسياسي رقم واحد لبلاده.

رومني ينتقد الصين:

هاجم رومني الصينَ واعتبرها خطراً على أميركا "الحرة"، وقال إن صعود الصين يهدد في نهاية المطاف نموذج أميركا الحرة والغرب، كما أن رومني يتّهم الصين بأنها تحاول اللعب بعملة «اليوان»، مما يلحق ضرراً بالتجارة الأميركية، مطالباً الادارة الامريكية بفرض رسوم جمركية على الواردات من الصين, لكن غياب الرؤية الواضحة كما ينتقده خصومه تجعله عاجزاً عن تحديد خياراته حول كيفية مواجهة  ذلك .
وضع رومني الصين في خانة واحدة مع روسيا كأخطر الدول التي  تهدد زعامة أميركا والغرب للعالم، جاعلاً انتقاد الصين محوراً رئيسياً في حملته الانتخابية حيث يعتبر ان الصينيين ساروا فوق أوباما  ما يجعله يعمل بأقصى طاقته لقلب مثل تلك الحسابات رأساً على عقب, ويدين رومني عند سؤاله عن الصين انتهاكات بكين لحقوق الانسان مشيرا إلى عدم ثقته بهم كشركاء مؤتمنين.

رومني يدعم  الاسلام المعتدل:

يبدو رومني أقل تشدداً اتجاه الشرق الأوسط مقارنة بالمحافظين الجدد واليمينيين المتشددين، حيث يدعو رومني إلى العمل مع المسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي لدعمهم وتقويتهم عبر تعزيز شراكتهم مع الولايات المتحدة على المستويين الاقتصادي والعملي، مؤكداً على أن اتفاقيات التجارة الحرة بين أميركا والدول العربية والإسلامية سوف تؤكد على نهاية المقاطعة العربية لإسرائيل. كما يدعو لبناء منظمة إقليمية في الشرق الأوسط على غرار منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، والتي ساعدت على دمج دول شرق أوروبا مع نظيراتها بغرب أوروبا في نظام أمني واقتصادي متكامل. ولعل بناء تلك المنظمة يتعارض مع السياسة الأميركية الراهنة في الشرق الأوسط، والتي تقوم على علاقات أميركا الخاصة بكل دولة عربية منفردة، مما يضعف التنسيق والتعاون بين تلك الدول كما يرى بعض المتابعين الأميركيين.
أما بخصوص الربيع العربي  فيدعو رومني الى الضغط أكثر على النظام السوري, واستبداله بآخر يكف عن دعم الارهاب, كما يطالب بالقضاء على حليفه حزب الله في لبنان بعد تجريده من سلاحه, وكان يعتبر أن أميركا لم تقم بما يكفي في ليبيا, فيما يستهجن تخلي  ادارة اوباما عن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك الذي يعده من اهم حلفاء واشنطن العرب في المنطقة.

رفض التحاور مع طالبان:

تبقى الحرب التي نتجت عن ادارة الجمهوري بوش الابن للبيت الابيض باحتلال افغانستان محط اهتمام الجمهوري الجديد رومني والتي يرفض فيها إعلان "أوباما عن تحديد موعد لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان، واعتزامه للتحاور مع حركة "طالبان". فقال في مناظرة قبل بداية الانتخابات التمهيدية في ولاية كارولينا الجنوبية إن حركة "طالبان" تقتل الجنود الأمريكيين، في حين يعلن الرئيس "أوباما" موعد سحب القوات الأمريكية من أفغانستان، استناداً إلى جدول أعمال سياسي، وليس على ما يُوصي به القادة الميدانيون, مثلما  انتقد في الوقت ذاته سحب القوات الأمريكية من العراق، وتركها ساحة للنفوذ الإيراني.

رومني يغازل اللوبي اليهودي:

ليس بخفي على أحد , أنه ما أن يبدأ ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلا ويتسابق كل مرشح في التودد للوبي اليهودي واسترضائه كي يحصل على تأييده ودعمه، ذلك لمعرفته الأكيدة بما لليهود من تأثير على مجريات الأمور في البلاد وتحكمهم في الاقتصاد الأمريكي بل وفي مجلسي الشيوخ والنواب ,وإن كان هؤلاء المرشحين يغضون الطرف عن قضاياهم الداخلية فلا يهمهم تحسين معيشة الفرد واقتصاد البلاد بقدر الحصول على دعم اللوبي الصهيوني.
كما أنه من الواضح بخلفية رومني السياسية أنه يرتبط منذ فترة بخبراء من منظمة إيباك اليهودية الأمريكية، وهي أكبر منظمات اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، والتي شجعته على زيارة إسرائيل أوائل 2007 منذ أن كان حاكما لماساشوستس والتي رأت وسائل إعلام أميركية مختلفة أنها تحقق هدفين، أولهما زيادة خبرة رومني الخارجية وثانيهما تقوية علاقته بصفته مرشحاً رئاسياً بالمنظمات اليهودية الأميركية التي يحرص على زيارتها والحديث إليها. وأثناء وجوده بإسرائيل حرص رومني على حضور مؤتمر أمني والتأكيد على مواقفه المساندة لتل أبيب. وأمام حشد يضم كثيراً من الناخبين اليهود في بلدة بالم بيتش في ولاية فلوريدا انتقد رومني الرئيس اوباما وقال " إن هذا الرئيس وجد أنه من الحكمة أن يكون منتقداً لأصدقائنا.. لقد ذهب إلى الأمم المتحدة وانتقد إسرائيل بسبب بناء المستوطنات، لم يقل أي شيء عن 20 ألف صاروخ أطلقتها حماس على إسرائيل".

ارتباطه بلبناني الأصل "وليد فارس" يثير غضب مسلمي أمريكا:

قرار رومني  تعيين اللبناني الاصل وليد فارس مستشاراً للشؤون الخارجية في حملته الانتخابية, يثير غضب بعض مسلمي أمريكا الذين يصفون فارس بصاحب توجهات معادية للإسلام والمسلمين وبأنه كان ناشطاً إدارياً مع "القوات اللبنانية" زمن الحرب الأهلية اللبنانية، حيث من المعتقد أنها ارتكبت خلالها ما اعتبروه مجازر بحق الفلسطينيين وغيرهم.  وتزداد المخاوف من أن يتطور قرار رومني  لاحقا في حال فوزه بالرئاسة إلى تعيين فارس مستشاراً بالبيت الأبيض.

غرام الاعلام برومني:

أخبار رومني  تطغى عليها خاصيتان، أولاهما طبيعة العلاقة الخاصة التي تربطه مع وسائل الإعلام الأميركية باعتباره ينحدر من عائلة سياسية معروفة جذبت اهتمام وسائل الإعلام الأميركية في النصف الثاني من القرن العشرين، وطبيعة رومني نفسه بصفته مرشحاً مختلفاً يحمل أجندة ذات سلبيات وإيجابيات، ولكنها تبدو فريدة نوعاً ما بحكم خلفيته الشخصية والدينية وقلة خبرته في شؤون السياسة الخارجية.

السيرة الذاتية:

اسمه ميت رومني المولود عام 1947 في ديترويت ميشيغلن، هو الطفل الرابع في عائلة تنتمي إلى الطائفة المسيحية المورمانية، والتي عانت من التمييز حتى فترة قصيرة باعتبارها طائفة مسيحية حديثة تأسست في النصف الأول من القرن التاسع عشر بالولايات المتحدة، مما دفع الطوائف المسيحية الأقدم إلى اعتبارها بدعة، وحاربوا أهلها الذين هاجروا بأعداد كبيرة إلى المكسيك هرباً من الاضطهاد، ثم عادوا مرة أخرى لأميركا ليتمركزوا في ولاية يوتا.
البداية مع والده جورج رومني الذي  ولد في المكسيك أثناء هجرة المورمون إليها ، ثم عاد إلى أميركا واستقر في ولاية ميتشيغان ولم يتمكن من إكمال تعليمه الجامعي بسبب فقره، ولكنه تمكن بعصامية من أن يكون رجل أعمال ناجح في مجال السيارات. ثم تحول بعد ذلك للسياسة ليحكم ولاية ميتشيغان ويرشح نفسه للرئاسة الأميركية في عام 1968، ليقترب من الرئاسة الأميركية لولا تصريح أدلى به بخصوص حرب فيتنام، ذكر فيه أن سبب تأييده لحرب فيتنام في بدايتها كان تعرضه "لغسيل دماغ" من قبل السياسيين والعسكريين الأميركيين، وهو تصريح تلقفته وسائل الإعلام الأميركية وحولته إلى تعبير لا يغتفر وعلامة على ضعف جورج رومني مما دفعه للانسحاب، ولكن الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون عينه بعد ذلك في إدارته في منصب وزير الإسكان.
وأثناء ذلك لم ينس جورج رومني نشاطه الديني، ودوره في تنشئة أولاده تنشئة دينية صالحة على مذهب الطائفة المورمونية، أو أن يقوم بواجباته الأسرية بل إنه قام بدعوة صديقة ابنه مت -وتدعى آن تاغلرت- ونجح في إقناعها باعتناق المورمانية أثناء سفر مت إلى فرنسا للقيام بواجبه التبشيري لعامين ونصف، وهو نشاط يقوم به الشباب المورمون.
وقد رغب ميت في أن يخدم في بريطانيا، ولكن قرعته ذهبت به إلى فرنسا في نهاية الستينات، حيث قضى عامين ونصف العام يدعو أهلها إلى المورمانية، ولم يتمكن إلا من إجادة الفرنسية ودعوة عدد قليل من الفرنسيين للإيمان بالدين الجديد. ولما عاد – بعد تعرضه لحادث سيارة بفرنسا كاد ينهي حياته- وجد أن أباه قد نجح في تغيير ديانة صديقته المفضلة فتزوجها في عام 1968، وهو في الـ21 وهي في الـ19 من عمرها.
وبعد الانتهاء من التحصيل الدراسي توجه إلى العمل كرجل أعمال وأثبت كفاءة في إنقاذ الشركات المتعثرة وتحويلها إلى ناجحة بفضل نشاطه الضخم، ويقظته ووعيه بالتفاصيل وقدرته على غربلة تلك الشركات وإعادة بنائها على أساس اقتصادي سليم.
وفي عام 1994 حاول رومني منافسة السيناتور الديمقراطي المعروف إدوارد كيندي على مقعده بمجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية ماساتشوستس، لكنه فشل بعدما تمكن كيندي بحنكته السياسية المعروفة من إبطال مفعول حملة مت رومني المنظمة.
وفي عام 2002 اكتسب ميت رومني خبرة واسعة بعدما استعانت به اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الشتوية بمدينة سالت ليك بولاية يوتا الأميركية، والتي كادت تفشل بسبب سوء الإدارة والرشا وعجز الميزانية، لولا تدخل رومني ورئاسته للجنة المنظمة وإعادة بناء استعدادات الأولمبياد بنجاح. وقد ساهم نجاح رومني في إعادة تنظيم دورة الألعاب الشتوية ببناء شعبيته على مستوى أميريكا، مما مكنه من الفوز بمنصب حاكم ولاية ماساتشوستس -وهي ليبرالية التوجه- في عام 2003، وهي خطوة زادت من أسهمه السياسية وجعلته مرشحاً منتظراً للرئاسة الأميركية 2008.
ويزيد من نجاحات رومني كونه أبا لخمسة أبناء وزوجاً ناجحاً على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وإنساناً متديناً صاحب دور نشط في الكنيسة المورمانية، بالإضافة إلى نجاحه في مجال الأعمال والاقتصاد، مما مكنه من تكوين ثروة تقدر بمئات الملايين من الدولارات، يعول عليها أحيانا في منافساته السياسية.

الشهادات العلمية والجوائز والتقدير:
ماجستير في إدارة الاعمال – كلية هارفورد للأعمال
شهادة في الحقوق – كلية هارفورد للحقوق
دكتوراه فخرية في الخدمة العامة – كلية هيلز دايل
دكتوراه فخرية في الحقوق – كلية بنتلي
دكتوراه فخرية بالاعمال – جامعة يوتا

مواقف فريدة سلباً وإيجاباً :

خلفية رومني الدينية جعلته يقف ضد تقنين الإجهاض، وإن كان قد سبق لرومني إعلان تأييده لتقنين بعد وفاة إحدى قريباته في عملية إجهاض غير قانونية. كما أنه يقف ضد حق الشواذ في الزواج ولكنه يساند حماية حقوق وحريات الشواذ الدينية، كما أنه ساند تشديد قوانين امتلاك الأسلحة الشخصية ثم عاد ليعارضها.
ويرى البعض في مواقف رومني السابقة علامة على تردده وعدم حسمه الأمور، وهي عيوب تضاف لبعض سلبياته الشخصية التي يتحدث عنها البعض، مثل عدم صبره على من هم أقل منه حظا في الحياة وكونه نشأ ثريا لا يعمل كثيرا.
يضاف إلى ذلك عيب أهم وهو قلة خبرته في السياسة الخارجية على وجه التحديد، مما قد يجعله فريسة لجماعات الضغط المسيسة، ولكن الأمر ذاته قد يؤهله لاتباع سياسة خارجية فريدة تختلف عن الوضع القائم.

التاريخ العملي:
كون ميت رومني ثروة طائلة من وراء شركة باين كابيتل تقدر بين 190 مليون دولار إلى 250 مليون حسب موقع ذي ريتشست، كما كان عضواً في مجالس إدارة الشركات التالية:
ماريوت (1993- 2002)
سبورتس اوتوريتي (1995-1999)
ستابلز (1986- 2001)

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى