موقع “إسرائيل” في مشروع الشرق الأوسط الجديد (محمد بوري)

 

محمد بوري

ترجمة محمد سلطان

كتب الصحفي محمد بوري في صحيفة أيدينليك دراسة من جزئين: عن دور "إسرائيل" في مشروع الشرق الأوسط الجديد، وعن الدور الأميركي في خدمة المصالح الإسرائيلية, كما يتناول ظاهرة معاداة السامية في الولايات المتحدة الأمريكية، ورد الفعل الشعبي على هيمنة اليهود على الثروات الأميركية.
الجزء الأول: خدمة أمريكا لـ"إسرائيل"، والتيار المعادي للسامية الصاعد, أما الجزء الثاني فيتناول دور "إسرائيل" في معادلة الشرق الأوسط الجديد.

الجزء الأول
ويقول بوري: الولايات المتحدة الأميركية تلاقي صعوبة في حمل عبء "إسرائيل"
اليوم كي نفهم حقيقية ما يجري ضمن الجغرافيا الإسلامية في سياق مشروع الشرق الأوسط الجديد يجب علينا أن ندرك دور "إسرائيل" في هذا المشروع، وأين تقف منه. وسنستعرض في هذا المقال ظاهرة المناهضة لسياسة "إسرائيل" الآخذة بالتصاعد في الولايات المتحدة الأميركية.

الشعب الأميركي لم يعد يريد دعم "إسرائيل"
أنشأت "إسرائيل" عام 1948 كدولة مصطنعة بمساعدة أمريكا وبريطانيا. وكانت مثل الخنجر المسلط في قلب النفط العربي – الإسلامي في المنطقة.
كما تحتاج النبتة إلى سماد صناعي وبيوت بلاستيكية حتى تعيش في مناخ مختلف عن مناخها الطبيعي, كذلك "إسرائيل" تحتاج إلى دعم مماثل حتى تتأقلم وتتمكن من العيش في جغرافيا مختلفة عن جغرافيتها، بل ويمكن القول أنها جغرافيا عدوّة لها. هذا الدعم أعطتها إياه، وما تزال، الدولة الأميركية. ولكن خلال السنوات العشر الماضية بدأت ردات فعل بالظهور وإعلاء الصوت ضد هذا الدعم الذي يبلغ من العمر ستين عاماً.
ولكي نعرف حجم ردات الفعل هذه يكفي أن نلقي النظر على التقرير المحضر عام 2012 بعنوان "الدعم الخارجي الأميركي لإسرائيل" من قبل مؤسسة التأسيس الفكري الوطنيThe Council for the National Interest Foundation (CNIF). ونستنتج من التقرير أن ردات الفعل الأميركية للدعم الإسرائيلي هي كالتالي:

• الدعم الأميركي الكبير لـ"إسرائيل" أدى إلى مقتل عدد كبير من الناس, كما حمل ميزانية الولايات المتحدة الأميركية عبئاً كبيراً يقدر بمليارات الدولارات. وهذا يؤدي إلى تشويه سمعة وهيبة الولايات المتحدة الأميركية في العالم, وإلى الحد من الحريات داخل الدولة نفسها وتعرض الدولة إلى تهديدات لا لزوم لها.
• جزء كبير من الشعب الأميركي والدبلوماسيين والخبراء العسكريين يعارضون هذه العلاقات الخاصة. وبالرغم من ذلك يصر اللوبي الصهيوني على الاستمرار بالسياسة التي تؤدي إلى نتائج مأساوية بالمنطقة وكوارث تضر بالشعب الأميركي.
• إن ولاية نيو جيرسي، التي تبلغ 7.5 مليون نسمة، أمنت لهذه "الدولة" الصغيرة دعماً أكبر من الدعم الذي أمنته لها بقية دول العالم.
• ما بين عامي 1950- 1953 عندما كان عدد سكان "إسرائيل" 1.6 مليون, قامت الولايات المتحدة الأميركية بضخ مليون دولار لها.
• المكلفون بالضرائب الأميركية يدفعون لـ"إسرائيل" كل يوم 8 مليون دولار.
• خلال الأربعين عاماً الماضية قام المكلفون بالضرائب الأميركية بضخ حوالي 200 ألف دولار لكل عائلة صهيونية تتألف وسطياً من خمسة أفراد.
• يكون الدعم المالي لـ"إسرائيل" في بداية السنة المالية نقدياً. ولأن أمريكا لا تستطيع إدارة البلاد إلا بالديون, يتم تفسير ذلك من قبل الرأي العام الأميركي كالتالي: "نحن نتدين من أجل إعطاء المال لإسرائيل، وندفع فوائد على المال الذي ندفعه لها. ومن جهة أخرى تضع إسرائيل أموالها في بنوك الولايات المتحدة الأميركية لتجني فائدة منهم أيضاً".
• "إضافةً للدعم المالي الذي نقدمه لإسرائيل إننا نقدم لمصر سنوياً 1.5 مليون دولار وللأردن 843 ألف دولار كي يتعايشوا بصداقة مع تل أبيب".
• يخمن التقرير الذي أعدته اللجنة الاقتصادية للأكاديمية الحربية الأميركية في عام 2002 أن حجم الدعم المالي المقدم لـ"إسرائيل" خلال 60 عاماً الماضية بلغ حوالي 3 ترليون دولار.
• خلقت إسرائيل لنفسها عداءً كبيراً بسبب سياستها العدوانية وإخلالها بالقانون الدولي وحقوق الانسان وقرارات الأمم المتحدة. كما إن الولايات المتحدة الأميركية تتأثر بشكل سلبي بسبب دعمها لها ولأنها أول داعميها رغم العداء الذي تجنيه من وراء ذلك.

التيار المعادي للسامية في أميركا تنامى خلال السنوات العشرة الماضية
هذه الشكاوى الواضحة في التقارير الرسمية أشعلت بالوقت نفسه فتيل العداء للسامية عند الرأي العام الأميركي. ولمعرفة المدى الذي وصله هذا العداء يكفي أن نلقي نظرة على وسائل الإعلام الاجتماعية.
يعتقد بعض الأميركيون أن البيروقراطيين الكبار والنظام التمويلي والبنوك، التي تدير وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة التابعة للتيارين الديموقراطي والجمهوري، والتي تؤثر على صنع السياسة الداخلية والخارجية، تقاد من قبل الصهاينة. وبالنسبة لهم إن هؤلاء يتجاهلون مصالح أغلبية الأمريكيين ذوي الأصول الأوربية لصالح الأميركيين ذوي الأصول اليهودية. إن المهن المهمة في أميركا مثل الطب والمحاماة تكون بيد اليهود بشكل عام. كما أن 48% من أصحاب المليارات في أمريكا من اليهود. اليوم يتحكم اليهود بـ70% من الثراء الأميركي. ومن الملفت للنظر أن نسبة 2% من السكان تتحكم بمعظم الثروات الأميركية. إن هذه الديكتاتورية التلمودية (الطغيان التلمودي) جرّت أميركا إلى حربي العراق وأفغانستان بعد هجوم 11 أيلول, والآن يحاولون في حرب محتملة مع إيران أن يدمروا أعظم دولة في العالم لحماية مصالح إسرائيل.
في مختلف أنحاء العالم نرى حالات مماثلة لعداء السامية, إن هذا التيار الآخذ بالتصاعد يجمع الإسلام المتطرف واليمين واليسار المتشدد في نقطة مشتركة.
يعتقد اليمين المتشدد أن اليهود يفكرون بمصلحتهم الشخصية فقط، ويدمرون أسس الثقافة والاقتصاد الوطني. ولأن اليهود أقلية مسيطرة على معظم اقتصاد وسياسة العالم فإنهم في كل أزمة اقتصادية عالمية يكونون بمثابة كبش الفداء. هذه الحقيقة سارية حتى يومنا هذا.
إن عدد الذين يعتقدون أن حالة أمريكا في يومنا هذا شبيهة بحالة ألمانيا في عام 1929 عندما كانت تحت حكم اليهود ليس بقليل. إن هذا الميل الجديد، الذي ظهر قبل عشرة أعوام، مازال في تصاعد مستمر. السنة الماضية نزل إلى الشوارع 99% من االشعب الأميركي ضد فئة الأغنياء البالغة نسبتهم 1% تحت شعار "احتلوا وول ستريت". ولأن أغلب الأغنياء الأمريكيين من أصول يهودية فمعنى ذلك أن هذا الحراك سيزيد معاداة السامية.
وبوجود ميل كهذا يصعب على أميركا الاستمرار في تقديم ستة مليارات دولار سنوياً إلى "إسرائيل" من قبل مكلفي الضرائب لديها، وخاصةً أن واشنطن تغوص في الديون.

الجزء الثاني

استأنف الصحفي محمد بوري دراسته عن دور اسرائيل في مشروع الشرق الأوسط الجديد وعن هيمنتها على القرار الأميركي والآمال التي تعقدها على المشروع لضمان استمراريتها. ويبحث عن جواب لسؤال ما إذا كان المشروع قد اقترب من السقوط على أبواب العراق وسوريا. وما هي حقائق تورط حكومة حزب العدالة والتنمية في هذا المشروع.

التأثير على العلاقة الإسرائيلية الأميركية الناتجة عن ظاهرة معاداة السامية
في الجزء الأول من الدراسة شرحنا لماذا لم تتخلى أميركا عن الدعم المالي دون مقابل لـ"إسرائيل" رغم أنها تغوص في الديون. ورأينا كيف أن ظاهرة معاداة السامية في ارتفاعٍ مستمر بسبب هذا الدعم المالي.
من الواضح أن ظاهرة معاداة السامية بعد مرحلة معينة بدأت تشكل أساساً لحركات ومظاهرات ضد النظام مثل حركة "احتلوا وول ستريت". ذلك أن الرأسمال اليهودي يهيمن على النظام الرأسمالي الأمريكي. وقد أدى هذا الوضع إلى بدء الحكومة الأميركية بالتريث بتقديم الدعم المالي لـ"إسرائيل" وهو ما كان سياسة تقليدية للحكومات الأميركية السابقة. وينتظر من قوة الرأي العام الأميركي التأثير على الحكومة الأميركية عن طريق الانتخابات وطرق أخرى غير الانتخابات, مما سيدفع إلى تحجيم الدعم المالي لـ"إسرائيل" وربما قطعه بالكامل. وعندما ينقطع الدعم الخارجي أميركي المصدر سيغدو من الصعب على "إسرائيل" أن تستمر على قيد الحياة في بيئة غير بيئتها الطبيعية.

العلاقة الوثيقة بين استمرار"إسرائيل" وهيمنة الولايات المتحدة على الشرق الأوسط والعالم
في مقال بعنوان"ما بعد أميركا"، كتبه أحد أهم المحللين الاستراتيجيين الأميركيين وعضو الفريق الذي يرسم السياسة الأميركية ’زبجنيو بريزنسكي‘ يقول: مع انهيار أمريكا سيتغير الوضع الراهن في العالم كله, ويجب علينا القول أنه من الناحية الجغرافية في ظل تغير كهذا سيكون بقاء الدول الضعيفة المجاورة للدول القوية مهدداً بالانهيار وستكون "إسرائيل" ضمن هذه الدول أيضاً.
منذ إعلان ولادة ما سمي بـ"إسرائيل" عام 1948 وحتى الآن (65 سنة) وهي في حالة حرب مستمرة. لا توجد دولة على وجه الأرض بقيت كل هذه الفترة رغم الحصار والضغط الخارجي. وهذا الضغط الخارجي ليس ناجماً عن الحصار العربي ومواقف العرب من القضية الفلسطينية فقط، بل إن هناك ضغطاً تمارسه شعوب العالم سببه النظرة إلى "إسرائيل" على أنها شريكة الولايات المتحدة الأمريكية في ممارساتها الإمبريالية.
نصف الأراضي "الإسرائيلية" تقريباً عبارة عن صحراء. عدم انتهاء قصة القضية الفلسطينية بدأ يشكل توتراً على الشعب وفاتورة اقتصادية كبيرة أيضاً.
ويمكننا القول أن لكل مواطن "إسرائيلي" وطن ثاني غير "إسرائيل" وذلك لأن "إسرائيل" تأسست وكبرت عن طريق الهجرات الخارجية. عندما ستسوء الحالة الاقتصادية لن يتردد هؤلاء الناس بمغادرة بلادهم. وفي "إسرائيل" هناك أقلية غير يهودية في حالة نمو مستمر تتجاوز الـ30%. وهي نسبة تكبر بشكل متسارع. وهذا الميل نحو تغير ديمغرافي يهدد بشكل مباشر نظام الحكم الذي يعتبر نظام "الديمقراطية الإسرائيلية". هذا المسار سيجبر إسرائيل على الحل مع فلسطين. وبالنسبة للسكان العرب الكثيفين من حولها فمن الممكن أن تنفذ إبادة جماعية واسعة النطاق ضدهم في الدول المجاورة مثل (سوريا ولبنان) أو أن تسعى لاستقدام مواطنين إضافيين "إسرائيليين" لتوطينهم.

أبعاد إحياء الشرق الأوسط الكبير لإسرائيل
احتمال وصول ظاهرة معاداة السامية, والتي ظهرت منذ حوالي 10 سنوات ومازالت في ارتفاع مستمر, إلى مكانة من يستطيع التأثير على السياسة الأميركية, أدى إلى توجه الطبقات الرأسمالية من الأصول اليهودية، التي تحكم الولايات المتحدة الأمريكية، من أباطرة الإعلام والاقتصاد، لوضع خطة الشرق الأوسط الجديد. إن أهداف مشروع الشرق الأوسط الكبير تتطابق مع المصالح الأميركية في العالم في قطاعات الاقتصاد والطاقة والسلاح, سواء أكانت يهودية أم لم تكن, بهدف بسط سيطرة برنامج العولمة, أي بمعنى آخر تهدف إلى عولمة واستمرارية سيطرة أرباب المال. إن أمن إسرائيل في المنطقة يتطابق مع تأمين سيطرة واستمرارية هيمنة العولمة.
المرحلة الأولى للشرق الأوسط الكبير: احتلال العراق وأفغانستان:
وفي سياق هذا المشروع احتلوا عام 2003 العراق صاحب مصادر النفط والغاز الطبيعي والثروات الباطنية وحاولوا تقسيمه إلى ثلاث دول, حيث أن العراق كان سيشكل في المستقبل القريب تهديداً كبيراً لأمن "إسرائيل". وبالرغم من مقاومة مجلس الشعب التركي لهذه الحرب فإن أكبر دعم قدم لهذه الحرب كان من قبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي كان يوجه الدعاء من أجل سلامة الجنود الأميركيين في العراق. وبعد فترة احتلال دامت عشر سنوات خسرت الولايات المتحدة الأميركية الحرب واضطرت إلى الانسحاب من العراق, وهذه المرة حققت الحكومة العراقية بقيادة شيعية (نوري المالكي) نجاحاً باهراً في مجال توحيد البلاد وحمايتها من التقسيم. ولأن الحكومة الشيعية العراقية بالتحالف مع الحكومة الشيعية الإيرانية سيشكلان تهديداً أقوى من التهديد في زمن صدام حسين, لذلك جرى تعديل مشروع الشرق الأوسط الكبير, فاتجه إلى توتير الأوساط عن طريق خلق استقطابات شيعية–سنية. والدعم الأكبر لهذا التغيير في الخطة يقدمه حزب العدالة والتنمية الذي يصنف ضمن القسم السني والذي يتجاهل باقي الطوائف والأديان الأخرى. وتم تحريض أردوغان ضد الحكومة المركزية العراقية مقابل وعد بتقديم جزء من بترول كركوك والموصل. حيث نجح بنيل لقب أفضل قائد يقدم الدعم لحكومة كردستان العراق لتنال حكمها الذاتي.

المرحلة الثانية للشرق الأوسط الكبير: الربيع العربي:
في المرحلة الثانية بدأ المشروع بضرب الاستقرار في المنطقة عن طريق ما يسمى "بالربيع العربي". وضمن هذا الإطار أطيح بنظام معمر القذافي وجُرت البلاد إلى الفوضى بسبب دعمه السياسات المناهضة لـ"إسرائيل". كذلك أسقط حسني مبارك رغم أنه كان حليفاً استراتيجياً لأمريكا والقائد الثاني للعالم الإسلامي. ووقعت البلاد في حالة فوضى فظيعة غير معروفة المصير. وضمن سياق الربيع العربي, تم أهم هجوم ضد سوريا. فالرئيس بشار الأسد يشكل تهديداً كبيراً على "إسرائيل" بسبب قدرته على التحكم في لبنان وعلاقته الوطيدة مع إيران ودعمه لحزب الله. ولهذا السبب تم إشعال فتيل الفتنة داخل البلاد على شكل مظاهرات داخلية ضد النظام. واستطاعت "إسرائيل" دون أن تطلق رصاصة واحدة أن تنزع استقرار المنطقة بأكملها وجر كل البلدان التي تشكل خطراً عليها إلى فوضى عارمة.
الدعم الخارجي الأكبر للعصابات الإرهابية المسلحة التي نزعت استقرار المنطقة تم عن طريق رئيس الحكومة التركية أيضاً (أين الحكمة في ذلك!!!!). إسرائيل لا يهمها إن كان الأسد أو الإخوان المسلمون على رأس الحكم, بل هي لا تريد دولة سورية مستقرة ومحافظة على وحدتها. إن الهجوم الجوي الأخير الذي شنته "إسرائيل" على الأراضي السورية، والذي قوبل بمعارضة مصطنعة من قبل متحدثي حكومة حزب العدالة والتنمية, هو عبارة عن إشارة ذات مدلول مفادها "إذا لم تسر الخطة في سوريا كما نريد, سنتدخل عسكرياً".
كما أن هذا الهجوم يحمل بعداً آخراً وهو جر الولايات المتحدة إلى رفع جاهزيتها من أجل تدخل عسكري محتمل في المنطقة, حيث أن أمريكا تتهرب من عمليات عسكرية من هذا النوع في هذه المنطقة. وقد أرادت "إسرائيل" بهذه العملية في بداية الأمر جر إيران إلى صدام عسكري. لأن إيران كانت ومازالت تصرح بأنها ستشارك بالرد ضد أي عدوان عسكري خارجي سيحصل على سوريا. وبهذا خططت إسرائيل إلى جر إيران إلى حرب، متوقعة بهذا أن أمريكا لن تبقى مكتوفة الأيدي في حرب محتملة بين إيران و"إسرائيل"، وبالتالي ستجرها إلى حرب أكيدة أيضاً.
في هذا الموضوع يتواجد الرئيس الموازي لمشروع الشرق الأوسط الكبير أردوغان ووزير خارجيته الجاهل بأمور العمق الاستراتيجي أحمد داوود أوغلو في الموقع نفسه إلى جانب "إسرائيل". وهم أيضاً (تماماً مثل "إسرائيل") يستنجدون في كل مرة ويدعون أمريكا والناتو إلى التدخل العسكري. ولكن كون هؤلاء أضعف من "إسرائيل" أمام أمريكا والناتو فإنهم بدلاً من التخطيط لاستدراجهما إلى فخ التدخل العسكري كانوا في كل مرة يتوسلون إليهم من أجل التدخل توسلاً, وهذا أكثر ما كانوا يشتكون منه باستمرار.

أهم خطوة للشرق الأوسط الجديد: تقسيم أربع بلدان وإنشاء دولة "كردستان الحرة":
أهم خطوة من خطوات المشروع هو زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة مثل تركيا, سوريا, إيران, والعراق لتسهيل تقسيمها. ومن ثم إنشاء دولة كردية في هذه المنطقة لتلعب دور "دولة إسرائيل الثانية". وإن أهم العمليات التحضيرية للخطة تجري في تركيا: المنظمات الإرهابية صنيعة الـCIA قامت بتحييد الجيش التركي دون إطلاق رصاصة واحدة. ولن يعود بامكان قواتنا البرية والدرك التركي (الجندرما) الخروج من المخافر والمراكز, ولن تستطيع قواتنا البحرية الإنفتاح إلى البحار, ولن تستطيع قواتنا الجوية أن ترسل طائرة إلى الأجواء. وسوف تتدمر جاهزية جيشنا لأي حرب محتملة. وواضح من خلال التصريحات الإعلامية ما قبل وبعد عملية "باليوز" (عملية اعتقال ومحاكمة عدد كبير من الضباط بتهمة العمل على الإطاحة بالحكومة) أن الرئيس الموازي لمشروع الشرق الأوسط الكبير السيد أردوغان لعب دوراً هاماً في هذه العمليات.
وكانت أول عمليات الشرق الأوسط الجديد في تركيا هي العمليات التي استهدفت الجيش تحت اسم قضية أرغنكون وقضية باليوز. وتتضمن العملية الثانية تعديل الدستور. وعندما تجري تعديلات دستورية يعتقد أنها ستؤدي إلى حل مشكلة القضية الكردية, سوف يؤدي ذلك إلى زيادة أصوات الانفصاليين من الأكراد الغربيين وذلك تحت شعار حماية حريتهم بالتعبير.

أهم الحلول: التخلص من حكومة المستنقع الاستراتيجي:
كما أن حكومة حزب العدالة والتنمية خلال فترة حكمها 11 عاماً قدمت خدمات كثيرة في ميدان تدمير الدولة التركية من خلال سياسة الخصخصة التي اتبعتها في هذه الفترة. وبالتالي أثبتت مرة ثانية أنها في خدمة امبراطورية العولمة. وإذا لم يطرد من الحكومة خبراء المستنقع الاستراتيجي، وليس العمق الاستراتيجي, فإن مصير بلادنا لن يتغير للأسف.

صحيفة أيدينليك التركية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى