تحليلات سياسيةسلايد

زيارة ذات أهمية بالغة.. رئيسي في دمشق لتدشين مرحلة الانتصار الثانية …

بالغة الأهمية ذاك الوصف المجمع عليه لدى كافة الأوساط السياسية للزيارة التي سيقوم بها رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية “إبراهيم رئيسي” لدمشق. ليست لانها فقط الزيارة الأولى لرئيس إيراني لسورية منذ زارها الرئيس الأسبق “محمود احمد ي نجاد” في أيلول سبتمبر عام 2010 أي قبل عام من اندلاع الحرب في سورية. بل لأهمية ما سيضعه الرئيس الإيراني على طاولة حليفه الوثيق السوري. وكما سار الحليفين معا في طريق مصيرية ووعرة مليئة بالتحديات والاثمان، فهما يكرسان اليوم مفهوم التحالف بالاستعداد المشترك لحصاد الانتصار، والدخول الى المشهد المتغير في الإقليم وعلى المسرح الدولي. حيث تأتي زيارة رئيسي لسوريا في خضمّ تحرّكات دبلوماسية إقليمية يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ اتفاق الرياض وطهران على استئناف علاقاتهما الشهر الماضي، وقرار الرياض إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية، ما فتح الباب امام عدد من الدول العربية لاعادة العلاقة مع دمشق.

وان كان تثبيت واقع ميداني وعسكري افشل مشروع اسقاط النظام تحقق منذ سنوات بالتنسيق العسكري بين ايران وسورية وروسيا وحزب الله، فان التحدي الذي واجهه الحلفاء بعد الحسم الميداني كان إعادة سورية الى حالتها الطبيعة، ومعالجة اثار الحرب المدمرة والشق الاقتصادي منه على وجه التحديد، في ظل إصرار الولايات المتحدة بإدارتها الجمهورية والديمقراطية على فرض عقوبات قاسية على سورية منعا لاستثمار الانتصار العسكري.

لهذا تكتسب زيارة الرئيس الإيراني لدمشق غدا أهمية بالغة، فهي فاتحة المرحلة الثانية والاهم في الصراع مع الولايات المتحدة في عموم المنطقة وليس في سورية وحسب. وهي مرحلة بالنسبة لسورية عنوانها الأبرز كسر الحصار الاقتصادي عن سورية، وانهاء مشروع تجويع الشعب السوري، وحرمانه من ابسط الحقوق الإنسانية مثل الكهرباء والوقود والدواء. وكسر العزلة عن محيطها.

ومن هنا يكتسب الشق الاقتصادي من زيارة الرئيس الإيراني لدمشق أهمية استراتيجية، فهي انطلاق لمرحلة إعادة الاعمار في البلاد، رغما عن الإدارة الامريكية وشركائها الغربيين. وفي هذا الصدد سوف تشهد الزيارة عدد من اتفاقيات ومذكرات التفاهم.

ومن هذا المنطلق اعتبر السفير الإيراني في دمشق، حسين أكبري، أن الزيارة ستحقق “إنجازات” ليس فقط لطهران ودمشق، بل هي حدث يمكن أن تستفيد منه دول أخرى في المنطقة.

وتشمل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي ستوقّع مختلف أوجه التعاون، ولا سيما في مجالات الطاقة والكهرباء، إلى جانب مفاوضات مرتقبة حول خط ائتماني إيراني جديد لسوريا، لاستثماره في قطاع الكهرباء، ومناقشة إمكانية تقديم المساعدة في إصلاح محطات الكهرباء.

وفي اطار التحضير لزيارة رئيسي الى دمشق تم تشكيل ثماني لجان تخصصية، الأولى معنية بالمصارف والشؤون المالية والتأمين، وتم النقاش فيها حول التبادل أو التحويل المباشر للأموال بين البلدين، لمواجهة العقوبات والخروج من الأزمة المصرفية.

وتختص اللجنة الثانية بالشؤون الاستثمارية، بمناقشة مواضيع الكهرباء والتركيز على الأولويات في الخط الائتماني الإيراني، وعلى مجال إنتاج الطاقة في إيران.

تختص اللجنة الثالثة بملف النفط لدراسة مواضيع منها تصدير المواد البتروكيماوية، والاستثمار في الحقول المختلفة.

وتناقش اللجنة الرابعة ملف النقل، إذ ستطرح مواضيع الممر السككي وزيادة الرحلات بين البلدين، ومساعدة الأسطول السوري، وتقديم القوى البشرية وتدشين ميناء “الحميدية” والخطوط البحرية المنظمة بين البلدين.

أما اللجنة الخامسة فتناقش الشؤون التجارية والصناعية وبناء المدن الصناعية، وقانون التمويل و تتعلق اللجنة السادسة بالشؤون الزراعية

وتركز اللجنة السابعة على الشؤون السياحية، ومنها السياحة الدينية، مع وضع هدف لدخول 50 ألف زائر إيراني إلى سوريا.

أما في الشق السياسي، فان زيارة رئيسي الى سورية تأتي في توقيت عنوانه الانفتاح العربي على سورية، وهو يتزامن مع انفتاح عربي على ايران كذلك، كل ذلك تراه ايران في سياق ابتعاد المنطقة عن الهيمنة الامريكية، وبناء شركات تسهم في إدارة مشتركة للإقليم. لكن بالنسبة لإيران فإن حل الخلاف بين دمشق وانقرة له أهمية استراتيجية ترتبط باغلاق ملف الحرب في سورية، وانهاء حالة الجماعات المتطرفة المسيطرة على جزء من الشمال السوري من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن اتفاق دمشق انقرة سينعكس إيجابا على العلاقات الإيرانية التركية، ويساعد في مشروع التشبيك الإقليمي والتكتل الدولي الصاعد الهادف الى تقويض السيطرة الأمريكية على العالم.

لهذه الأسباب الهامة سيكون ملف المصالحة بين سورية وتركية في مقدمة الملفات التي سوف يتطرق لها الرئيس الإيراني خلال الزيارة. وتأمل إيران من خلال الاجتماع بين الرئيسين الأسد ورئيسي أن ينجح الرئيس الإيراني في أحداث خرق في مسار التقارب السوري التركي.

أما العنوان البارز والمهم الآخر في الشق السياسي للزيارة يقع ضمن التعاون السوري الإيراني لتغيير معادلة السماء السورية، ووقف الغارات الإسرائيلية المتكررة على المدن السورية. وقد تؤسس الزيارة لقرارات هامة على هذا الصعيد تتمثل في بناء معادلة ردع في السماء السورية والاستعداد لمتطلبات هذه المعادلة من النواحي العسكرية والسياسية.

وكان لافت شن إسرائيل غارات على مطار حلب شمال سورية عشية زيارة الرئيس الإيراني الى دمشق، وهي قد تبدو رسالة إسرائيلية للضيف الإيراني.

وإذا كان ثمة تحليل قد يبرز خلال الساعات المقبلة مفاده أن إسرائيل ضربت مطار حلب منعا لقيام الرئيس الإيراني بزيارة إلى المدنية ذات الرمزية الكبيرة في معركة الانتصار في الحرب السورية. فإن زيارة رئيسي لسورية كانت تشمل حلب وفق مصادر مطلعة ولكنها الغيت قبل يومين من الغارات الإسرائيلية. ومن المرجح أن يعيد الجانب الإيراني التفكير في إعادة وضع زيارة مدينة حلب على جدول اعمال زيارة رئيسي لسورية، كنوع من التحدي لإسرائيل بعد الغارات الإسرائيلية على مطار حلب أمس.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى