كيف تطور الوضع في سوريا خلال عامين؟

تناول موقع “أوراسيا ديلي” تطور الوضع في سوريا خلال عامين مضيا، حيث أصبحت المعارضة “في الجيوب”، و”داعش” في الصحراء، والأمريكيون لدى الكرد.

جاء في المقال:

احتفى الغرب بطريقته الخاصة بفك الحصار، الذي دام ثلاث سنوات على مدينة دير الزور السورية. فعلى الرغم من غياب أي دلائل لديها، نشرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقريرا يفيد بأن دمشق كانت وراء الهجمة الكيميائية في مدينة خان شيخون، والتي حدثت في أبريل /نيسان الماضي. في حين أن المتطوعين الفضائحيين من ذوي “الخوذ البيضاء”، والذين يُزعم أنهم ينقذون السوريين، تلقوا جائزة دولية أخرى للسلام، من منظمة “تيبيراري” الإيرلندية للسلام. وعلاوة على ذلك، هاجم الطيران الحربي الإسرائيلي مواقع حكومية في مدينة مصياف في محافظة حماة.

وبالتالي، فإن الأخبار عن كسر القوات الحكومية الحصار، الذي كان مفروضا على دير الزور، كان يجب أن يضيع في صخب المعلومات عن سوريا. بيد أن كل ذلك لا يمكن أن يقلل من أهمية هذه العملية، التي تضاهي عملية تحرير حلب في حرب الأعوام الستة المتواصلة. ولعل رد فعل الغرب هنا كان واضحا. ويمكن تفسيره ببساطة بأن التحالف الغربي تلقى مرة أخرى صفعة مؤلمة على وجهه، وثبت من جديد أن الإجراءات الأمريكية في سوريا أقل بكثير فعالية ونجاحا من دعم موسكو وطهران لدمشق.

1ـ ماذا يعني تحرير دير الزور؟

يوم 05 سبتمبر/أيلول، اقتحم الجيش السوري الجزء المحاصر من دير الزور. ومن السابق لأوانه القول إن المنطقة أصبحت تحت السيطرة الكاملة، ولكن ذلك سيحدث عاجلا أم آجلا. وهذا يعني أن الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة قد توسعت إلى أكثر من نصف سوريا، و”يسكنها 75% من سكان البلاد”. وقد كانت دير الزور عنوان المرحلة التالية بعد تحرير حلب في تعزيز سلطة الرئيس بشار الأسد. فالمحافظة الصحراوية الكبيرة غنية بحقول النفط والغاز. ولا توجد مراكز سكنية كبيرة، ما وراء المدينة إلى الحدود مع العراق من شأنها تعقيد الهجوم اللاحق، وقد أدى اختراق الحصار في دير الزور إلى نشوء وضع جديد في سوريا.

2ـ إلى أين “تذهب” المعارضة السورية؟

لقد أصبح ما يسمى المعارضة “المعتدلة” اليوم في وضع لا تحسد عليه. وتحاول تركيا ودول الخليج الآن إعادة تشكيلها. وعُقد مؤتمر للمسلحين في مدينة غازي عنتاب التركية، حيث أُعلن عن إنشاء جيش وطني موحد جديد. ولكن ليس معروفا أو واضحا كيف سيغير هذا الجيش من الوضع القائم الآن!

أما في الجنوب، فإن الحضور الأمريكي هو الذي يعوق الجيش السوري وحلفاءه عن مهاجمة المجموعات المسلحة الخاضعة لهيمنة واشنطن. وفي الوقت نفسه، بدأت المجموعات المسلحة هناك في الانسحاب الى الأردن، وإعادة الأسلحة إلى السلطات الأردنية. وقال الصحافي الألماني يوليان ريبكي إن “المنطقة ستكون تحت سيطرة الأسد قريبا”، على الرغم من أن واشنطن نفت الحديث عن “التراجع”.

وفي الوقت نفسه، ووفقا لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، التقى ممثلون عن جماعات مسلحة من منطقة القلمون الشرقية ومن الحدود السورية–الأردنية ممثلين روس، لإدراج مناطقهم في الاتفاق المتعلق بالمناطق المنزوعة السلاح.

أما بالنسبة إلى إدلب، فهناك تخسر المعارضة المعتدلة المواجهة العسكرية مع تنظيم “القاعدة أو هيئة تحرير الشام”. وقد كتب محلل معهد واشنطن للشرق الأوسط تشارلز ليستر عن مستقبل المعارضة المعتدلة في إدلب: “نحن بحاجة الى إجراءات ملموسة قبل أن يصبح الوقت متأخرا”. وبحسب رأيه، فإن على تركيا أن تتصرف هناك، وإلا فإن “سوريا وروسيا وإيران ستبدأ بتحرير إدلب”.

3. ماذا عن الولايات المتحدة وحلفائها؟

إن موقع الولايات المتحدة والتحالف الدولي قوي جدا فقط في الشمال والشمال-الشرقي من سوريا، أي الجزء الذي يسيطر عليه الكرد من سوريا. وهم الآن يخوضون حربا مريرة لتحرير الرقة، والتي تصبح يوما بعد يوم أشبه بالمجزرة، التي انتهت إليها مدينة الموصل العراقية.

ووفقا للخبراء، فإن الولايات المتحدة تخطط للاحتفاظ بالسيطرة على كامل الساحل الشرقي من الفرات مع حلفائها. ومع ذلك، فإن الأحداث الأخيرة المتعلقة بفك الحصار عن دير الزور يمكن أن تصحح من خطط واشنطن لمصلحة دمشق وحلفائها.

هذا، وتسود في الأوساط السياسية الأمريكية الآن فكرة “التقسيم الناعم” لسوريا على طول نهر الفرات، كما كان على طول نهر الألب في نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن الأمريكيين سيكونون من الشرق هذه المرة، والروس من الغرب. وبالطبع، فإن دمشق وطهران ليستا مهتمتين بهذا “التقسيم الناعم” وأن ما تحتاجان إليه هو “النصر الكامل” كما قال لصحيفة “وول ستريت جورنال” أندريو تابلر، الخبير في معهد سياسة الشرق الأوسط.

روسيا اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى