نوافذ

عن أحلامنا تحت سقف الوطن

كالعادة في كل جلسة مع بعض الأصدقاء، ألعب دور الصحفية وأبدأ بتوجيه الأسئلة وإدارة الحوار فيما بينهم لأستخلص منهم معارف جديدة. كنا نتحدث عن ترتيب المدن الصينية من حيث تقييمها الاقتصادي وقيمة الناتج المحلي الإجمالي فيها، وكان يشاركنا بالحوار صديق يعد من السكان المحليين في مدينة “تشونشينغ” والتي هي مدينتي التي أقيم فيها، أبدينا أنا وهو تحيزا كبيرا تجاه تلك المدينة، حاولنا تأكيد أهميتها قياسا لمساحتها ومساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وفي اللحظات التي لم نكن فيها قادرين على إيجاد مبررات منطقية ترفع من شأن “تشونشينغ” كنا نحاول الإشارة إلى أنها ستتحسن مستقبلا في معظم النواحي عاجلا أم آجلا، مبدين تعصبا كبيرا لهذه المدينة.

كنت سعيدة بهذا الانتماء الجديد وأنا أحاول الدفاع عن مدينتي الصينية “تشونشينغ”، إلا أنه ولوهلة خطرت لي صورة لمشهد كنت قد شاهدته منذ فترة لطفلة في إحدى المخميات السورية، كانت ضائعة ولا تعرف اين تتوجه، إذ فقدت عائلتها أثناء الحرب في سوريا، كانت تمشي مسرعة وبمجرد أن رأت رجلا غريبا ركضت باتجاهه واحتضنته على الرغم من أنها لا تعرفه إلا أنها كانت فاقدة لأمان الانتماء، الانتماء إلى أرض وبلد وإلى عائلة، وقد تكون قد ترعرعت في تلك المخيمات، فباتت أرضها بحيث أنها لم تعرف موطنا سوى تلك الخيمة.

للحظة شعرت أني كهذه الطفلة أحاول رمي نفسي في أحضان بلاد وجدت فيها تقدما وتنمية لطالما كنت أتمنى أن أراه في سوريا يوما، تلك البلاد البعيدة التي أحبها وأشتاقها ولا أجد بديلا عنها، إلا أن الأحلام فيها صعبة المنال لدرجة أن الانتماء إلى أقصى الشرق بات اسهل من تحقيق حلم تحت سقف ذاك الوطن.

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى