بسام كوسا عن مستوى الدراما : نعمل من أجل الحياة !

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

في إتصال هاتفي مع إحدى المحطات التلفزيونية العربية، وعندما سئل ( إن كان راض عن مستوى الأعمال الدرامية التي يقدمها)، أجاب الفنان بسام كوسا ( أننا نعمل من أجل الحياة ) . و بدبلوماسية لبقة، شرح أنه ( بسبب الظروف التي نمر بها، فإننا أصبحنا مضطرين للعمل من أجل الحياة ) .

و رغم دبلوماسية الفنان، فإن ما أراده بسام كوسا من معنى كان يشع من كلمة قالها، بحيث يفهم المستمع والمشاهد أن الفنان غير راض عن المستوى الفني والفكري للأعمال الدرامية التي يقدمها، والتي تقدمها الدراما التلفزيونية السورية عموماً. ورغم أنه أعتبر أن الظروف السياسية والإقتصادية والثقافية والنفسية والإنتاجية هي السبب في هذا التردي الفكري والفني للدراما إلا أن المرارة واضحة في كلام الفنان تجاه هذه الحال . لذلك يصبح ما قاله بسام كوسا من أن الفنانين يعملون من أجل الحياة، يحمل حقيقة أنهم يعملون من أجل البقاء والإستمرار، و يتحملون التضحية ببعض الإبداع في المستوى الفكري والفني . إنه ( العمل من أجل البقاء ).

يعيد تصريح الفنان بسام كوسا، إلى الأذهان، مدى الإمكانيات الإبداعية للدراما التلفزيونية السورية ، وما جعل هذه الدراما تنتشر وتؤثر في المشاهد العربي في كل مكان، هو الملامح الإبداعية التي قدمتها منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وفي العشر الأولى من القرن الواحد و العشرين . أي أن هذا القطاع الفني الثقافي السوري  يمتلك إمكانيات إبداعية مجربة، و قادرة على الإستمرار في إنتاج الدراما التلفزيونية الراقية والممتعة بإبداعها الفني والفكري . و طالما أن الإمكانيات موجودة فكيف تردت أحوال هذه الدراما الإبداعية حتى بات نجومنا وصناع الدراما المبدعون لدينا، يعملون من أجل البقاء، و ليس من أجل الإبداع الباني للضمير الثقافي الحضاري عند المشاهد ؟؟

المؤكد أن للظروف تأثيرعلى أحوال الإنتاج الدرامي ، والثابت أن المبدعون قادرون على الإبداع في أي ظروف،  و لكن ما جرى هو أن القابضين على رقبة الإنتاج التلفزيوني الدرامي، من أصحاب شركات الإنتاج و مدراء الجهات الرسمية المسؤولة عن الإنتاج الدرامي, في معظمهم ( معظمهم و ليس كلهم ) أقرب إلى الأمية الفنية والثقافية وألصق بالضحالة . ومن يراجع ما جرى خلال السنوات العشر الماضية يجد أن هذا القطاع تعرض إلى تطفيش المبدعين من مخرجيه و فنييه، وإعتماد الموظفين المنقادين ممن بقي . كما جرى إبعاد الكتاب عبر تفتيت الكاتب إلى ورشات كتابة، أو جعله تابعاً لأمزجة هذا النجم أو تلك النجمة .. بعد كل ذلك من الطبيعي أن ينحدر مستوى هذه الدراما إلا ما رحم ربي من بعض الأعمال الجيدة القليلة . وإذا كانت الظروف مؤثرة، فإن الفاعل الحقيقي هو من يقبض على رقبة الإنتاج من موظفين محدودي الأفق الإبداعي أو من مدراء الشركات البعيدين عن الإحساس بالطبيعة الإبداعية للدراما، وهؤلاء من يتحمل المسؤولية ( طبعاً نستثني القلة الجيدة منهم) .  وللخروج من هذا الإنهيار الإبداعي لا بد من إستعادة الإدارات الإبداعية الخبيرة والقادرة في كل الظروف أن تنتج وتتجاوز كل المعيقات والظروف السيئة . . . لا بد من إدارات إبداعية كي نوقف هذا الإنهيار …. و تحية  تقدير للفنان بسام كوسا.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى