دار الأوبرا المصرية نبع الثقافة والفنون الراقية

 

بُنيت دار الأوبرا المصرية (الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي) بدعم من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي بعد 17 عامًا من تدمير دار الأوبرا الملكية أو الخديوية بشكل مأساوي بسبب الحريق، وقام مهندسون معماريون يابانيون بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية بإنشاء التصميم المتأثر بالعمارة الإسلامية التقليدية ليتناسب والبيئة المحيطة، وتقع المباني الملونة بلون الكريم والحديقة بتماثيلها للمطربين المصريين في منطقة الزمالك على الجزيرة في منطقة كانت ذات يوم أرضًا للعرض.

تقول د. سعاد عبدالعال، أستاذة بأكاديمية الفنون: كان يوم الافتتاح في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول عام 1988 في دار الأوبرا الجديدة بالقاهرة علامة مميزة لوجود علاقة وطيدة بين البلدين، وحضر ليلة الاحتفال بهذا الصرح ذي الطابع الياباني رئيس الجمهورية آنذاك وأمير اليابان (الشقيق الأصغر للإمبراطور الياباني)، بجانب العديد من الشخصيات المهمة في ذلك الوقت، وكانت المرة الأولى التي يشارك فيها فريق الكابوكي الياباني في أفريقيا والعالم العربي، وتشتهر تلك الرقصة اليابانية الكلاسيكية بأسلوبها المتميز والألوان والزينة الخاصة بها، والتي يضعها بعض الراقصين.

والآن أصبحت دار الأوبرا المصرية، المعلم الثقافي الذي لم يضل طريقه أبدًا أو يتنح عن مهمته في تعزيز فن الموسيقى والرقص والحفاظ على الموسيقى العربية التقليدية وتجديدها. وقد تم تصميم قاعة الاحتفالات العظيمة والفخمة لدار الأوبرا (المسرح الكبير) لتسع ۱۳۰۰ شخص للحفلات الموسيقية السيمفونية والأوبرا والباليه.

وتضيف د. سعاد: تسع القاعة الصغيرة (المسرح الصغير) 350 مقعدًا، وأجواؤها أكثر حميمية ويقدم المسرح المصمم على شكل نصف دائرة في الهواء الطلق حفلات إلقاء وحفلات موسيقی حالمة وموسيقى الجاز والأفلام والصالونات الفنية والعروض الخاصة.

الموقعان الآخران يعتبران موطنًا لفنانين معروفين دوليًا مثل عمر خيرت، الملحن وعازف البيانو ومؤسس وقائد فرقة عمر خيرت التي تجذب جمهورًا كبيرًا. أما يحيى خليل، عازف موسيقى الجاز، الذي يمزج بين الموسيقى العربية الأصيلة باستخدام معدات الجاز مع الطبول القوية، فقد أقام حفلات في أكثر من عشرين دولة وأكثر من 5000 حفلة ومناسبة على مدى الأربعين سنة الماضية، وكذلك محمد منير المطرب الذي يستخدم العديد من أنواع الموسيقى في عمله بما في ذلك الموسيقى العربية الكلاسيكية والنوبية والبلوز والجاز والريجي.

وتضيف: سيظل هناك دائمًا مواهب جديدة مثل نسمة عبدالعزيز التي تلعب الماريمبا وتبناها فنيًا الموسيقار عمر خيرت، ويأتي أصل الماريمبا من جواتيمالا، وهي تشبه الإكسيليفون وستبقى دائمًا أداة موسيقية غربية، إلا أن فرقة عمر خيرت أثبتت أنه يمكن استخدامها في سياق شرقي.

هذا الصرح يحتوي على متحف ومكتبة للموسيقى وصالتين من صالات العرض، إحداهما تركز على الفن المعاصر والأخرى على الفنون الجميلة، فضلًا عن مركزين للعرض للبرامج المؤقتة بالإضافة إلى وجود مطعم.

يقول د. رمزي عبدالسلام، الأستاذ بأكاديمية الفنون بالقاهرة: تقدم دار الأوبرا المصرية كل التسهيلات التقنية والمعدات الخاصة بالمسرح في أفريقيا والشرق الأوسط. كما أنها تدعم أوركسترا القاهرة السيمفوني وفرقة القاهرة للباليه وشركة وفرقة أوبرا القاهرة وكورال أوبرا القاهرة وفرقة الموسيقى العربية وكورال أوبرا القاهرة للأطفال. بالإضافة إلى عدة فعاليات ثقافية مختلفة من جميع أنحاء العالم ويتم تنظيم عروضًا للباليه والأعمال الأوبرالية أو السيمفونية مع الفرق المصرية أو بالتعاون مع الفرق الأجنبية أو العازفين المنفردين وقد شارك العديد من أعضاء الفرق في أعمال أوبرالية دولية ومهرجانات وحصلوا على العديد من الجوائز، وتم عرض مسرحبة الأرملة الطروب لفرانتس ليهار وعروض أجنبية أخرى.

ومن بين أشهر مغنين الأوبرا المنفردين الراحل حسن كامي الذي كان أحد أشهر الشخصيات المصرية في عالم الفنون، كما كان لسنوات عديدة سفيرًا للأوبرا منذ أن بدأ مسيرته الدولية في عام 1969 وقام بجولة في أوروبا وآسيا والأميركتين، حتى وصل إلى منصب رئيس دار الأوبرا المصرية لعدة سنوات.

شُكلت فرقة باليه أوبرا القاهرة في عام 1966 ودرّب أعضاءها بالأوبرا القديمة أحد الخبراء السوفييت، وتتكون الفرقة من راقصين مصريين وروس وغيرها، وفي وقت لاحق قدمت الفرقة عروض الباليه المعاصر من قبل الملحنين الموسيقيين المصريين ومصممي الرقصات.

وفي عام 1990، أصبحت أوركسترا القاهرة السيمفونية جزءًا من المركز الوطني الثقافي الجديد وقامت بالعمل في جميع أعمال الأوبرا والباليه في دار الأوبرا الجديدة بالقاهرة وعملت الأوركسترا تحت قيادة عدد من الضيوف الذين لهم ثقل دولي مثل المايسترو تشارلز مونش وكارلو زيتشي وأوتوكار تريهوك وأولي شميتد وجراهام بوند وملحنين معروفين مثل آرام خاتشتاروين وبوريس بابانجوبلو وأحمد عدنان سايجون، وقادوا الأوركسترا بأعمال خاصة بهم.

ويضيف د. رمزى عبدالسلام: ولا يجب أن ننسى الأوبرا القديمة التي احترقت وكانت تمثل خسارة كبيرة حزن من أجلها الشعب والمثقفون والوفود الأجنبية؛ لأنها كانت منبعًا للفنون وإشعاعا ثقافيا منيرا للشعوب والدول، وكانت هذه الأوبرا تماثل أكبر أوبرا في إيطاليا وفرنسا وإنجلترا. ولذلك يجب أن نعلم أن مصر تمتلك تاريخًا يصل إلى 145 عامًا، حيث كانت أقدم دار أوبرا في الشرق الأوسط بأمر من الخديوي إسماعيل في عام 1869 لافتتاح قناة السويس، والمبنى الأصلي بني طبعًا لأسلوب عصر النهضة الجديد وهو مماثل للمباني المعروفة في أوروبا في ذلك الوقت وليسع 850 شخصًا وصنع معظمه من الخشب.

وقد كان الخديوي إسماعيل قد كلف جوزيبي فيردي بكتابة أوبرا لعمل أداء افتتاحي لدار الأوبرا الخديوية، ولكن العرض الأول تأجل بسبب فرض حصار على فرنسا عام 1870 و71 أثناء الحرب الفرنسية البروسية، حين علقت المشاهد والأزياء في عاصمة فرنسا وقدم بدلًا من ذلك عرض فيردي ريجيلتو.

وبعد تأجيلها لعدة أشهر، قدمت أوبرا عايدة التي ابتكرها فيردي لأول مرة في دار الأوبرا الخديوية في 24 ديسمبر/كانون الأول عام 1871 وقاد الفرقة الموسيقية جيوفاني بوتسيني. وعلى عكس الاعتقاد الشائع لم تكن هذه الأوبرا احتفالًا بافتتاح قناة السويس في عام  1869 ودمرت دار الأوبرا الخديوية أو دار الأوبرا الملكية الموجودة بين حي الأزبكية والإسماعيلية في القاهرة في حريق بشع في الصباح الباكر من 28 أكتوبر/تشرين الأول 1971 ولم يبق منها سوى تمثالين نحتهما الفنان المصري محمد حسن (1892- 1961). (وكالة الصحافة العربية)

 

 

صحيفة الحياة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى