فن و ثقافة

مذكرات التلفزيون : بين ياسر المالح ومروان صواف ومهران يوسف !

بمذكرات التلفزيون كانت البرامج الثقافية وبرامج المنوعات في التلفزيون قليلة العدد، لكنها مميزة ، وتركت بصمة واضحة في الذاكرة البصرية للمشاهد السوري والعربي فيما بعد. وكما هو معروف اشتغلت قامات كبيرة على هذا الموضوع، من بينها : ياسر المالح، ومروان صواف وتوفيق حلاق ومهران يوسف وفيما بعد عزة الشرع مع زوجها الراحل رياض سفلو..

وكان ينبغي على الإعلاميين المنخرطين في اللعبة التلفزيونية من جيلنا، أن يتعلموا من هؤلاء، أو أن يبحثوا عن سر جديد للنجاح، ولذلك قمت بدراسة العناصر التي أهلتهم لأخذ مكانتهم المهنية، فاكتشفت أن الفنان المتعدد ياسر المالح اعتمد في برنامجه العشرة الطيبة على الثقافة العامة والمفارقات التاريخية وعلى طريقة كلاسيكية جميلة في التقديم، وأن الإعلامي الساحر مروان صواف اعتمد على حضوره الآسر وحواره الجذاب الذكي ومتابعته الثقافية اللافتة وحسن الاختيار للمادة التلفزيونية التي غالبا ما كان ينهك في البحث عنها، وقد برز ذلك في برامجه المدهشة وخاصة السالب والموجب (شاركه توفيق حلاق) ومجلة التلفزيون وبساط الريح وإذا غنى القمر. وأن المذيع الكبير مهران يوسف اعتمد على حضوره وذكائه وقد نجح برنامج الطريق إلى المليون في اجتذاب المشاهدين، وكذلك اعتمد رياض سفلو على المادة الثقافية والمواهب، وكان ينبغي التعلم من تقديم رياض عصمت ورياض نعسان آغا البارع للمادة الثقافية بعد تطويعها للتلفزيون..

توقفت عند هذه المعطيات، وكان عليّ إما أن أقلدها، أو أتجاوزها، وفي الحالتين كانت العملية صعبة، فأنا لست مقدماً للبرامج، والزملاء المذيعون المقدمون المتوفرون لا يستطيعون تجاوز تلك الأسماء، فكانت العملية تتطلب خطوة إلى الأمام، وخاصة بعد قيامي بإعداد عدة برامج (عادية) قدمتها المذيعات بالتناوب ..

كان اللقاء مع الزميل تميم ضويحي، فرصة مناسبة لدمج إمكاناته بالأفكار التي يمكن أن يتبناها التلفزيون، ومباشرة وصلنا إلى أول تمفصل بيننا في إعداد السهرة المنوعة، وقد قدمها في ذلك الوقت المذيع الراحل علاء الدين الأيوبي، وكانت المناسبة عيد الفنانين ، فماذا فعلنا في تلك السهرة المنوعة ؟

  • البناء على اختيار موفق للضيوف وانتزاع قرار بإمكانات مفتوحة في البث المباشر والربط الخارجي (القاهرة)، وتلك مهمة نجح بها تميم، وكان في لوكيشن البرنامج في قصر العظم، ومن الضيوف أتذكر الفنان أسعد فضة والفنانة جيانا عيد والفنانة سلاف فواخرجي وآخرون، ومن مصر فتحنا ربطاً مباشراً مع فنانين كبيرين من مصر هما عمر الحريري والفنانة كريمة مختار، وتم بنجاح عبر الأقمار ..
  • البناء على المشهد التلفزيوني والأسئلة الذكية ورشاقة الانتقال.
  • الاستفادة من حضور علاء وخلفيته الثقافية الفنية .

نجحت السهرة، وقالت الفنانة جيانا عيد بعد انتهاء السهرة: هذه أول مرة أشارك بسهرة ناضجة ومكتملة في التلفزيون السوري، وأثنى علينا نقيب الفنانين أسعد فضة، ومنحني أنا وتميم شهادة تقدير مجلدة ومختومة وملونة وموقعة منه !

في احتفالية العام 2000، طلب مني أستاذي في اللغة الانكليزية صفوان غانم، وكان مديرا التلفزيون وقتها، الشغل مع المعد البارز علاء نعمة الذي أصبح فيما بعد مديرا للفضائية السورية على سهرة العام 2000 التي قدمتها المذيعة رنا ديب، واشتغلتُ مع علاء بصدق ومهارة على التميز فيها، وعلاء كان من أفضل معدي التلفزيون في ذلك الوقت، وكان هناك مشكلة الصفر في الحاسوب والانترنت، ومشكلة الطقس البارد، وأهمية العام (الدخول إلى ألفية جديدة)، إضافة إلى إمكانات التلفزيون، وقام علاء ببناء الفكرة على رصد الدخول في الألفية عالمياً، وقمت أنا ببناء فكرة على اللحظات الأخيرة من عام 1999 ولحظة الساعة 12 ثم دخولنا في اللحظات الأولى لعام 2000 ـ وقد وضعت سيناريو متقطع مدته نحو 20 دقيقة يبدأ مع نهاية السهرة وينتهي في الساعة 12 تماماً، فكيف بنيت فكرة ذلك السيناريو؟!

كان هناك فتاة ذات حضور لافت اسمها تولين مصطفى (عمرها 15 سنة)، وقد أصبحت فيما بعد نجمة تقديم البرامج في قناة الدنيا، ثم قناة سما، ثم تزوجت واعتزلت، وقد بنيتُ الفكرة على حضورها اللافت، فصورت السيناريو في شوارع دمشق، حيث يبدأ السيناريو الساعة 11.40 من اليوم الأخير لعام 1999 بمشهد الفتاة تركض في الشوارع وهي تحمل بيدها كيساً مكتنزا بالورد والأزهار، دون أن نعرف لماذا، ثم نعود إلى الاستوديو، وتتكرر هذه العملية مع تغير الشوارع ثلاث مرات، وفي الرابعة نكتشف أن الفتاة وصلت لاهثة إلى قمة جبل قاسيون، ومع  دقات الساعة الثانية عشر تقف الفتاة في أعلى مكان من قاسيون وتلقي الورد على الشام ـ ويمزج المشهد مع احتفالية ضوئية لدخول العام 2000 في دمشق والعالم..

يتبع ..

ماذا فعلت أمل عرفة وباسم ياخور؟! 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى