هل قتلت المخابرات همنغواي ؟

 

المعروف أن الكاتب الأميركي أرنست همنغواي  قد مات منتحراً نتيجة الإكتئاب . ولكن البحث في أسباب الإكتئاب لم يكتمل تماماً ، خاصة وأن هناك وثائق ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي، أي بعد عشرات السنين من الإنتحار الغامض، تفيد أن همنغواي كان على قوائم المخابرات، و أنه كان مرصوداً ومراقباً من قبلهم ، وهناك من يشهد أن الكاتب كان يحس أنه ملاحق من قبل المخابرات. و يرى خبراء أن هذه الحالة ، محاصرة المخابرات له، وملاحقته، و رصده، بما تشكله من تمهيد لاتهامه، هي أسباب كافية لخلق الرعب والإكتئاب النفسي . فكيف إذا كان المستهدف كاتباً بحساسية همنغواي ؟؟

في بداية الخمسينيات من القرن العشرين ، وبعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية بإنتصارالحلفاء بريطانيا وفرنسا وروسيا بمشاركة أميركا على النازية، تحول الغرب لمحاربة شريكة نصره على النازية، الإتحاد السوفييتي ممثلاً بعقيدته ( الشيوعية ) . في هذه الأثناء، طلع من وسط الأميركان، سياسي بدء مزارعاً ومربي دجاج ، ثم محامياً وقاضياً حتى وصل إلى عضوية الكونغرس . وفي إحتفال بإحدى جمعيات مناصرة المرأة، وقف هذا السناتور ( جوزيف مكارثي) ليخطب، و لوح بيده بورقة ادعى أنها تضم قائمة من 205 إسم موظف في الخارجية، ينتمون للحزب الشيوعي، معلناً أن عدو أميركا أصبح داخلها . فاشتعلت أميركا بعصاب ضد الشيوعية بإعتبارها ( العدو الداخلي ) وسمي هذا العصاب لمحاربة الشيوعية بين الأميركيين بإسم مطلقه ( مكارثي) بـ ( المكارثية ) . و هو عصاب مشابه لعصاب الترامبية البيضاء المتعصبة ضد الملونين وغير البيض .

و بناء على المكارثية، فرض على كل أميركي أن يبلغ عن أي شخص يحمل أي أفكار توحي بالشيوعية . ومن لا يبلغ يحاسب . أما من يبلغ فيحق له شراء أملاك من بلغ عنه بأرخص الأثمان . و بدأ كل أميركي يخبر عن جاره، أو زميله ، أو قريبه . ووصل هذا العصاب إلى مكتب التحقيقات الفيدرالية ، فبدأ بملاحقة ورصد الكتاب والمثقفين، خاصة المتحررين منهم، و الداعين للعدالة الإجتماعية . وكان من بين هؤلاء الكتاب الواردة أسماؤهم في قوائم مكتب التحقيقات، أرنست همنغواي . فوقع في شرك المراقبة والمتابعة والترصد، مما ولد لديه شعور المحاصر والمرصود والمراقب والمهيئ للإتهام والإدانة ، ولا بد أن كل ذلك فاقم من حالته النفسية إلى الإكتئاب الشديد الذي قتله بالإنتحار .. .. عصاب المجتمع بلوة، وعصاب المخابرات مصيبة . و هذا ما يدفع روح المجتمع للإنتحار بكل الطرق . . و أفظع إنتحارهو المتمثل بإجهاض أي إمكانية لتقدم أو تطور أو ولادة لإبداع و حرية لمبدعين .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى