كتب

خالد حنفي يكشف أسرار مواجهته للإخوان

 

يبني الكاتب خالد حنفي كتابه “الوثائق السرية، لحكم الجماعة الفاشية” على وقائع وأحداث واجهها وعاشها وكابد معاناتها في تلك الفترة التي كانت فيها جماعة الإخوان المسلمين تسيطر على مقاليد الأمور في الدولة المصرية وتخص بقبضتها الفاشية الإعلامي القومي من صحافة وتليفزيون، وقتها كان حنفي يعمل إلى جانب عمله بمجلة الإذاعة والتليفزيون في جريدة “الفجر”، الأمر الذي أتاح له تحليل ونشر وثائق تعري الجماعة وتفضح ممارساتها وتكشف خططها وتمويلاتها واتصالاتها مع الغرب وبعض الدول العربية، ومما ساعده على ذلك أن الجريدة التي كان يرأس تحريرها وقتئذ الكاتب عادل حموده، كان لها موقف واضح حيث استقبلت محمد مرسي بعنوان رئيسي “الفاشي في القصر الرئاسي” كان بداية لحملة صحفية.

الوثائق التي نشرها حنفي بجريدة “الفجر”، كانت سببا في أن يتقدم محمد بديع مرشد الجماعة ببلاغ للنائب العام ضده، وذهب فعلا للنيابة وقدم لها كل المستندات، رافضا عرضا بالصلح مع الجماعة في برنامج “90 دقيقة”، حيث قال لأحد قياداتها على الهواء “أنا على يقين مما كتبته وفي انتظار كلمة القضاء، أنتم سحرة فرعون، فليكن، لكننا لن نتوقف”، وعلى إثر ذلك اضطر حنفي لترك العمل بجريدة “الفجر”، وذهب للعمل بجريدة “الخميس” مواصلا نشر وثائق أخرى ضد الجماعة وضد قياداتها ومنهم خيرت الشاطر، من بينها وثائق التمكن من مفاصل الدولة وأخرى تكشف كيف تم اختطاف كرسي الرئاسة بالتزوير، ومن جريدة “الخميس” إلى مجلة “الإذاعة والتليفزيون” التي يترأس تحريرها الآن ليواصل نشر وتحليل وثائق أخرى منها ما يتعلق بغزوها الناعم لأميركا ولعبها مع الغرب على حساب هذا الوطن.

يسرد حنفي في كتابه الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة وقائع ما جرى له من مواجهات سواء مع قادة الجماعة أو في النيابة، كما يسرد وثائقه التي كان قد نشرها بجانب وثائق من تنشر من قبل، ليضع بين يدي قارئه رؤية متكاملة لفكر الجماعة وما يحمله من دسائس تشكل خطرا ليس على مصر وشعبها فحسب.

يقول في الكتاب الذي جاء في أربعة فصول حاكمة لكل المحاولات والتكتلات والمخططات المشبوهة التي وضعتها الجماعة للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية خارجيا وداخليا “ذهبت إلى النيابة ومثلت أمام باسل الشافعي مدير نيابة الدقي ليحقق معي في البلاغ الذي قدمه محمد بديع ضد ما كتبته عن الرسائل المتبادلة بين الإخوان والدول الأجنبية ومنها أميركا، وهو ما رآه بديع سبا وقذفا في حقه، في بلاغه نفى بديع أن يكون قد سعى لأن يحصل على الأمان من الأميركان، وهو نفي لم يدهشني، فالجماعة المنحلة تعودت أن تلحس كل تصريحاتها، تعودت أن تلحس وعودها واتفاقياتها إذا تضاربت مع مصالحها، قدمت للنيابة الفاكسات المتبادلة بين قيادات مكتب الإرشاد والسفارات الأجنبية، وقدمت حوارات مع قيادات الإخوان لصحف عالمية جرى نشرها تؤكد ما كتبته، وكان من بينها حوار مع خيرت الشاطر أكد فيه أن أميركا هي حليف استراتيجي للإخوان وأنهم تعهدوا لها باحترام الاتفاقيات الدولية، وأهمها اتفاقية كامب ديفيد، كما تعهدوا بحفظ أمن إسرائيل إذا ما دعموهم للوصول لكرسي الحكم”.

ويكشف حنفي أنه من بين الوثائق ما يخص كيفية التعامل مع الدولة العميقة وفيها جاء – تحت عنوان “استراتيجيات التعامل مع الدولة العميقة” – أنه يجب مواجهة الدولة العميقة بحسم وقوة وضربها فى مفاصلها وذلك من خلال الإقصاء بالتركيز على النقاط الحرجة والمفاصل وقطع خطوط التواصل، أيضاً من خلال المراجعة وإعطاء فرصة للتعايش وهو مسمى بالعدالة الانتقالية، أيضاً الإحلال والتجديد والاندماج الكامل للكفاءات الصالحة المخلصة داخل مؤسسات الدولة، هذه النقطة ينفذونها بقراءة أوراق من ينتمون إلى المؤسسة التي وضعوا أيديهم عليها ويبقون على من يقدم لهم كل شيء طواعية وعندما يقدمها طمعاً في أن يبقى في مكانه يتم الإطاحة به فوراً، تمارس الجماعة المنحلة ذلك حتى لا تطيح بالكفاءات، تأخذ من كل شخصية ما تريده ويكشف لها أسرار ما كان يقوم به ثم تتخلص منه، وهو ما تجسد في وزارات كثيرة ومؤسسات، ثم وضعت الجماعة المنحلة استراتيجيات خاصة بكل وحدة، منها دور مؤسسة الرئاسة ودور الحكومة والمحافظين والجماعة والحزب، على أن يتطلب ذلك تكوين فريق عمل مركزي يقوم بإعداد خريطة معلوماتية بالمؤسسات أو الوزارات أو الهيئات ذات الأولوية وتشكيل فريق عمل لكل مؤسسة أو هيئة أو وزارة، وكل فريق يقوم بإعداد خطة للتعامل مع الدولة العميقة في الجهة من حيث تحالفاتها وتشكيلها ومراكز قوتها وعناصرها وتصنيفهم بين من يجب التخلص منه أو مراجعته”.

ويضيف “فيما يخص الرئاسة يجب اتخاذ إجراءات كثيرة منها عمل خريطة الدولة العميقة داخلياً وخارجياً وإعادة ترتيب هيكلة المؤسسات، موضحاً فيه المهام والمسئوليات والمتابعة عليها بما يحقق الشفافية، ثم إعادة تحديد مهام الأجهزة الرقابية والأمنية بشكل دقيق وعلني ومتناسق بما يمنع وجود أي أجهزة تعمل بدون تنسيق أو خارج السيطرة، ثم جذب بعض الأفراد منهم داخل منظومة الدولة، أيضاً اختراق الدولة العميقة من خلال عيون أمينة لمؤسسة الرئاسة والمواجهة القانونية للفساد وفق استراتيجيات منها إعادة محاكمة قتلة الثوار والتخلص من رؤوس النظام السابق في الوزارات والمؤسسات والمصالح الحكومية وقطاع الأعمال وسرعة إعادة هيكلة وظيفة جهاز الأمن الوطني والتخلص من اللواءات ومن على شاكلتهم في كل مؤسسات الدولة مع عدم التمديد لهم ويفضل استبدالهم بالأنسب، وأخيراً تشكيل مجلس قومي لمكافحة الفساد”.

ويلفت إلى أن الإجراءات الخاصة بحزب الحرية والعدالة – الذراع السياسية للجماعة المنحلة – كانت مهمته عمل خريطة للقوى والرموز السياسية وتصنيفهم على أساس ارتباطهم بالدولة العميقة وتحديد درجة التعامل معهم “عدم تعامل/تنسيق/تحالف”، وعمل خريطة لرموز الدولة العميقة بالوزارات وتصنيفهم أيضاً وتحديد درجة التعامل معهم، والتنسيق مع مؤسسات الجماعة في إعداد وتأهيل البدائل وتكوين رأي عام للضغط على الدولة العميقة ودعم متخذ القرار وبناء تحالفات سياسية واسعة على أساس قضايا محددة هي محل إجماع وطني مثل إعادة هيكلة وزارة الداخلية وإخراج القيادات العسكرية كاملة من السياسة وإخضاع المؤسسة العسكرية للسيادة المدنية الديمقراطية وإعادة النظر في التشريعات التي تسمح بالفساد والاستثناءات وتسييس الأحكام والقضاء وتفكيك غابة القوانين واستبدالها بقوانين أكثر وضوحاً وحسماً وشفافية من خلال الجهات الشرعية. ومن إجراءات الحزب إلى إجراءات الحكومة، وعليه يجب كشف وتفكيك العلاقة بين أجهزة الأمن وبين العصابات والبلطجية وعالم الجريمة من مخدرات وتهريب وغيرها، حيث من المتوقع أن تكون هذه العلاقة عميقة نظراً لنمط إدارة الفساد الذي تميزت به سياسات الأمن في مصر، أيضاً قطع خطوط الإمداد بين المنظمات والدول الخارجية والدولة العميقة – إشارة إلى التضامن والتعاون الدولي – ومراجعة الاستثمارات الخارجية ومراجعة المسئولين عن الاتفاقيات الدولية”.

ويوضح حنفي أنه في إجراءات الحكومة ركزت الجماعة المنحلة على ما تم التجاوز فيه مثل تخصيص الأراضي وخصخصة المصانع والاستيراد والتصدير وغيرها والتسهيلات البنكية ومراجعة الموقف القانوني لها وصياغة سياسة جديدة للتوزيع والتخصيص العادل لممتلكات الدولة، أيضاً التخلص من رجال أمن الدولة السابقين وإخراجهم من الشرطة وفتح ملفاتهم القديمة، وتصميم نموذج يحفظ الإعلام العام من الحياد عن المهنية ومن الفساد من جهة أخرى، واعتماد قوانين استقلال المؤسسات الدينية التي تجعل الاستقلال للأزهر المؤسسة لا لشيخ الأزهر، وتعيد تشكيل هيئة كبار العلماء وهيئات علماء المذاهب وشهادة العالمية على النحو الذي عرفه الأزهر حتى سنة 1856، وكذلك إعادة النظر في القوانين والهياكل والآليات الحاكمة لعمل الكنيسة بما يضمن قصر دورها على التوجيه والإرشاد الروحي مع جعل الأقباط مواطنين يتبعون الدولة لا الكنيسة”.

ويرى أن أكثر شيء كان يؤرق الجماعة كيفية السيطرة على الأجهزة الأمنية؟! فهي الأجهزة التي كانت تراقبها وترصد أنشطتها وتحركاتها وبينها وبين رجالها ثأر لا بد من أخذه، الجماعة المنحلة هي من تحكم الآن، هي من تشير بفتح الملفات والتفتيش في ذمم كل من ترى أنه أوجعها في يوم من الأيام، بل إن أوراق الجماعة المنحلة تحمل من الآن اتهامات خطيرة لرجال الأمن بالإشارة إلى علاقتهم بالعصابات والبلطجية، وقدمت نموذجاً للعاملين بجهاز الأمن الوطني بدمياط، جاء في النموذج أن عدد العاملين بالجهاز يبلغ 85 فرداً: 8 ضباط و61 أمين شرطة و14 جندياً وعريفاً ومساعد شرطة سائق على المعاش يعمل طوارئ ومساعد شرطة موظف شئون إدارية على المعاش ويعمل طوارئ أيضاً، بإجمالى رواتب تصل إلى 150 ألف جنيه تقريباً، وهناك ميزانية سرية للصرف منها على المصادر، ثم جرى كتابة تقرير بأسماء العاملين بجهاز الأمن الوطني بدمياط ومعلومات عن كل واحد منهم.

ويضيف “لم تفوت الجماعة المنحلة أسماء من كانوا يعملون من قبل في جهاز الأمن الوطني وأعدت ورقة بأسمائهم ربما تمهيداً لمحاسبتهم.

ويرى حنفي أن هذه الأوراق أكدت أن الجماعة المنحلة لن تترك هؤلاء في حالهم، يبدو من وصفها لهم بأنهم أشخاص سيئون وأنهم بيتوا النية لتصفيتهم، لا لشيء سوى أنهم كانوا يرصدون أنشطتهم غير القانونية، والآن تبدل الحال وأصبحوا هم من يراقبون ويرصدون ويتحكمون في المصائر.

ويؤكد أن ما جاء في هذه الوثائق عملت الجماعة على تنفيذه على أرض الواقع، تخلصت ممن لا ينتمون إليها، والأمثلة كثيرة، وجرى تمكين أبناء الجماعة والخارجين من رحمها، 8 أشخاص في مؤسسة الرئاسة وما يقرب من 70 شخصاً في جميع الوزارات ومستشاري الوزارات و5 محافظين إخوان و5 نواب للمحافظين و13 مستشاراً لهم و12 رئيس حي، حدث هذا فقط في أول 7 شهور من عمر الجماعة في سنة الحكم الكبيسة.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى