قصص (بقايا ظل) لعبد الكريم السامر: أفلام قصيرة جاهزة !

 

ربما تغيب عن الكاتب أحيانا مسألة الأثر الذي يتركه عند القارئ ، وهي مسألة في صلب عملية التواصل بين أقطاب عملية التواصل في الأدب، وأعني :

                    (المرسل ، والمرسل إليه، والرسالة)

فهناك أثر لكل رسالة تتركه عند المرسل إليه، ونبهت الدراسات الإشارية إلى عناصر كثيرة في المسألة، حتى أن أثر النص السردي في متلقيه من أي شريحة كانت، يحسب على أساس المعنى والمفردة والمعنى القابل للتأويل، إلا أن هناك أثر آخر يتركه النص، يمكن البناء عليه والسعي إلى تفسيره وإضافته إلى النص النقدي الذي يبنى على النص الإبداعي، وأقصد هنا تلك الصور التي تتشكل في عقل القارئ وهو يندمج مع تفاصيل كل قصة.

وفي التدقيق في العملية نلاحظ أثناء الحديث عن الوظائف الثانوية التكاملية وهي “عبارة عن حوافز و مؤشرات و عوامل إخبارية غير مرتبطة بتطور أحداث القصة..” [1]، نلاحظ جزئيات في النص تترك أثراً مهماً عند المرسل إليه، وفي المدرسة النقدية لرولان بارت مثال يوضح الفكرة، حيث يمكن إشباع  الحيز الذي يفصل بين (رنين الهاتف ) و بين ( رفع السماعة) في النص السردي ” بجملة من الأحداث الدقيقة أو بفيض من الوصف الدقيق ” (كأن نقرأ) توجه ( بوند) نحو المكتب، رفع السماعة وضع سيجارته…” الخ.”[2]  ..

هذه التفاصيل التي يوردها الكاتب في نصه هي جزء من عملية السرد، ورغم أن الوظيفة التي تقوم بها ” مخففة” فهي  تُسهم في فصل اللحظتين للقصة. ومع ذلك، فإن ثمة بعداً آخر أثار اهتمامي هو أثرها على لعبة الصورة التي يشكلها النص في الذهن، وهذا ما أشرت إليه .

إن الصورة التي يصنعها الخيال أثناء القراءة، تتفاوت من نص إلى آخر، ومن كاتب إلى آخر، فهناك من تستغرق نصه التفاصيل والجزئيات، وهناك من يذهب في نصه باتجاه آخر، يخفف من قيمة الخيال على تصور الأحداث الواقعة .

ذلك يأخذنا إلى فكرة أن بعض النصوص قادرة على تشكيل سلسلة من الصور المتخيلة في ذهن المرسل إليه إلى الدرجة التي يمكن له تخيل فيلماَ قصيراً يقوم بشبك الأحداث وتقديمها إلى العقل وكأنها مجسدة على شريط مفترض يصنعه خيال القارئ ، بمعنى آخر يستطيع الكاتب بمهاراته أن يجعل النص مرئياً أمام عيون القارئ.

وهنا يمكن إجراء مقارنة افتراضية بين هذا النوع من السرديات، وفن كتابة السيناريو، فالسيناريو كما يعرفه المشتغلون عليه يقوم “على إحالة النص بشكله المقروء بما فيه من سردية وتخييل ورمزية إلى الشكل المرئي والمتحرك، بمنح الشخصيات حياة ضمن إطار الصورة والمشهدية السينمائية، وبما يتيح تفكيك عناصر النص المكتوبة إلى حركة وصورة وكلمة، دون إلغاء المعطيات الموضوعية الأساسية للمنتج الأدبي” [3]

ونلاحظ هنا أن بالامكان إسقاط الفكرة على النص الأدبي ومقدرته على لعب هذا الدور قبل أن يبدأ دوران الكاميرا في تحويل النص إلى فيلم سينمائي ، وبشكل منطقي نجد أنفسنا بالضرورة نذهب بعيد في تفاصيل صناعة السينما، وخاصة تلك المتعلقة في مخطط الفيلم السينمائي، وهذا ما ينطبق بشكل أو بآخر على الدراما التلفزيونية، فصاحب كتاب “نظرية الفيلم” بيلا بالاش يرى في جانب من جوانب دراساته أن “السيناريو هو شكل أدبي مستقل ومن نوع خاص، مثلما هو الحال بالنسبة للمسرحية المكتوبة”[4].

في هذا الحالة، يمكن الاستنتاج أن بالإمكان تفكيك النص القصصي إلى سيناريو بسهولة ويسر، مع إضافة ما يحتاجه المخطط الفيلمي (السيناريو)، و في كثير من نصوص الكاتب العراقي عبد الكريم السامر نماذج كثيرة تؤيد الفكرة، لكنها تنحصر في بند الأفلام القصيرة نظرا لقصر النص.

إن نصوص قصص (بقايا ظل) لعبد الكريم السامر ببساطة يمكن أن يشكل بذرة لسيناريوهات جاهزة لأفلام قصيرة قادرة على دفع أي مخرج للبناء عليها، فهي تقوم على ثلاثة مرتكزات :

الأول: بناء حركة في مكان ذات خصوصية.

الثاني: رسم شخصيات نموذجية لا تحتاج إلى تفاصيل لتكون نموذجاً.

الثالث : هناك فصل بين الحركات يقوم مكان القطع في مشاهد السيناريو .

ويعود ذلك إلى اعتماد الكاتب على تكنيك كتابة سلس في نصوصه القصصية القصيرة والقصيرة جدا أحياناً، فإذا به يرصد الحركة في تفاصيل النص وكأنه يكتب بعين سيناريست، فيرسم مخططاً لكاميرا القارئ تشبه إلى حد كبير كاميرا التصوير السينمائي، ونصوصه تغدو ، كلما تعمقت فيها، بمثابة أفكار لأفلام سينمائية قصيرة قادرة على إثارة الدهشة عند المشاهد كما أثارت الدهشة عند القارئ.

وفي مجموع النصوص الواردة في مجموعته القصصية (بقايا ظل)[5] ، هناك سمات للنصوص تساعد على تأكيد الفكرة ، من بينها الموضوع الواحد الذي يقدم للمخرج فرصة كبيرة للإضافات وابتكار مشهدية بصرية مؤثرة. إضافة إلى غياب التخصيص في أسماء الشخصيات باعتبارها نموذج عام ناتج عن يتحرك في النص، وكأنه يقول إن الحالة يمكن أن يتعرض لها الجميع، ومن السمات اللافتة على هذا الصعيد تكثيف الوصف بما يساعد المخرج على ترك بصمات واضحة!

تجري الأحداث ضمن موضوع واحد تفرضه بيئة للحدث ترخي بظلها الأسود على التفاصيل ، وهي بيئة : (الحرب والاستبداد والقمع)، ولذلك أخفى الكاتب أسماء أبطاله إلا في بعض الحالات[6]، وكأنه يريد إبراز النموذج لا حصره في نمط محدد، وبذلك يفتح النصوص على التعميم، ويعود ذلك إلى أن الزمن في مضمون نصوصه هو زمن صعب بطيء، لكنه مؤثر (سجن، حرب، تعذيب، ..إلخ )، وجعله  الموضوع يتكيء على شخصية عامة، فلم يكن بحاجة إلى تحديد ملامح الشخصيات وأسمائها.

التركيز الأساسي في مقاربتنا لهذه المجموع يقوم عند المعطى الأهم، أي الاعتماد على الصورة في حبكة النص السردية، وهذه الحالة نجدها بارزة ، تمسك بيدنا في غالبية النصوص التي نقوم بالتعامل معها في المجموعة.

سنأخذ ثلاثة قصص، ونقوم بتفكيكها على هذه الأرضية ، فالقصة الاولى ، وهي بعنوان (خطوات)، تتحدث عن عملية تعذيب تكسر صمت السجن، والتفكيك الذي سنقوم به حرفي، اي دون تدخل منا، لنكتشف أننا أمام سيناريو لفيلم قصير يفسح في المجال لاستخدام أمثل لأدوات المخرج، فهو يعالج مضمون القصة بمهارة تحاكي الصورة السينمائية،، ولو أن النصوص أعطيت، كما هي،  لمخرج سينمائي موهوب لأنجز أفلاماً قصيرة بناء على نصها المكتوب دون أي عثرات..

لنلاحظ لغة السيناريو في النموذج التالي، وهو مستوحى من خلال قصة (الخطوات)[7] :

“من ثقب الباب ينظر الى ممر تستقر في نهايته أضواء خافتة .

كان الممر طويلاً ، وعلى جانب أقفاص حديدية وسخة مغلقة ، هواؤها فاسد .

البرد يثقل كل شيء .

الجدران رطبة .

رائحة اللحم البشري تمتزج مع الانفاس . العرق المتصبب من الأجساد التي لم يمسها الماء منذ وقت طويل .

كان ينصت إلى صمت المكان لعل احد يسأله ، يصرخ في وجهه .

***

ثمة صوت هشم الصمت

سد أذنيه

كانوا يسحلون أحدهم

اضطربت أنفاسه . بجسده المنهك ارتمى على الفراش الملطخ بالدماء .

عيناه صوب الباب الموصد

خطوات تقترب .

صراخ .

صرير باب .

الخطوات تبتعد .

الى الثقب مرة أخرى . يرتطم بالجدار

تتبدد الخطوات .

البرد والخوف يغلفان الصمت من جديد”.

هذا النص القصصي ، يعبر عن نفسه من خلال سردية بصرية ، إذا جاز التعبير، وفي هذه السردية يمكن التعرف على متن الفكرة التي أريد الحديث عنها، فهذا النص يقابله في لغة السيناريو نصاً آخر يعرف بمخطط الفيلم السينمائي (الخطوات)، ويمكن أن نقاربه على النحو التالي :

داخلي/ سجن                      الوقت غير معروف

الصورة الشخصيات الصوت والحوار
تكشف الكاميرا مجموعة معطيات تعكسها حركة السجين داخل زنزانته : “البرد يثقل كل شيء .

الجدران رطبة .

رائحة اللحم البشري تمتزج مع الأنفاس. العرق المتصبب من الأجساد التي لم يمسها الماء منذ وقت طويل “

   

موسيقى ترافق حركة الكاميرا وهي ترصد المكان ، مع لقطات أسود وأبيض لذاكرة المكان قبل الحدث

كان ينصت إلى صمت المكان لعل احد يسأله ، يصرخ في وجهه.

 

السجين

 

صدى يعبر عنه بالموسيقى ، وكأن فراغ المكان يحاور صمت السجين ..
من ثقب الباب ينظر الى ممر تستقر في نهايته أضواء خافتة .

كان الممر طويلا ، وعلى جانب أقفاص حديدية وسخة مغلقة ، هواؤها فاسد .

السجين موافق ترافق تقطيع اللقطات بين عين السجين والمكان كما يبدو من الثقب

ثم ننتبه إلى حركة أخرى يكشف عنها الكاتب، فإذا هي محرك آخر لآلية عمل التصوير في لغة السيناريو :

الصورة الشخصيات الصوت والحوار
 

سد أذنيه

ينتقل المشهد إلى الخارج مع حركة السجين الخائف :

“كانوا يسحلون أحدهم

اضطربت أنفاسه . بجسده المنهك ارتمى على الفراش الملطخ بالدماء.

عيناه صوب الباب الموصد

خطوات تقترب ..”

الخطوات تبتعد .

الى الثقب مرة أخرى . يرتطم بالجدار

تتبدد الخطوات .

البرد والخوف يغلفان الصمت من جديد .

 

السجين

ثمة صوت هشم الصمت

موسيقى

 

 

 

 

 

 

 

صراخ .

صرير باب .

 

في قصة (خبر)[8] تضيق الصورة، وكأن عملية السرد القصصي استلزمت اختصارا في المشهد الذي سيفاجئ القاريء بوقائعه :

“خرج يجلب الخبز .

أمه تنتظر .

لم يعد .

خافت عليه . دوي انفجار .

قرقعات على الأبواب والشبابيك .

خرجت مرعوبة تبحث عنه . على الشارع رأت أجسادا ّمقطعة ودماء تسيل .

منعوها من المرور .

وبينما كانت السيارات العسكرية تسحب جنودها , لمحت قطع الخبز المتناثرة .”

اعتمدت السردية هنا على المفاجأة المحزنة في النهاية، ولكي تصل إلى تحقيق هذا العنصر، كان لابد لها من مقدمات تشويقية، تقوم على كشف أجواء الحرب وتفاصيلها وآثارها على الناس، ولكي يبني الدهشة التي تحتاجها خاتمة النص، قدم تفصيلاً ثانوياً هو الطفل “خرج يجلب الخبز” ، والخروج لجلب الخبز في زمن الحرب مغامرة ، والقلق تم تحميله على شخصية الأم ، لكن الانفجار دفعها للخروج عند سماع الانفجار. فماذا تجد؟ وكيف تعرف مصير ابنها؟؟!

الجواب هو في صورة فجة للأجساد المقطعة ، والأهم ، وهنا تأتي الخاتمة وهي “قطع الخبز المتناثرة” التي  تشير إلى أن الابن قتل!!

الصورة الشخصية  الصوت والحوار
طفل يخرج من الباب

الهدف أنه يريد أن يجلب الخبز .

أمه تنتظر .

لم يعد .

خافت عليه .

لحظات قلق الأم

 

 

خرجت مرعوبة تبحث عنه . على الشارع رأت أجسادا ّمقطعة ودماء تسيل .

منعوها من المرور .

وبينما كانت السيارات العسكرية تسحب جنودها , لمحت قطع الخبز المتناثرة . ص 28

 

طفل

 

الأم

 

 

 

 

 

 

 

 

الجنود

 

الأم

موسيقى تحذيرية

 

 

 

 

مع موسيقى

دوي انفجار .

قرقعات على الأبواب والشبابيك .

 

موسيقى

 

هرج ومرج

 

صراخ ..

في العودة القصيرة إلى فن السيناريو، لاحظوا هذه المقدمة في الحديث عن الفيلم القصير: “محور واضح ورسائل مكثفة ومشهد عابر في قصة تحتاج فصولاً لروايتها، وإشارات تشبه الجمل المقتضبة، ثم النهاية. تقف أمامه مشدوهاً طالباً معرفة المزيد، متحيراً في السؤال الذي يلح عليك بعد المشاهدة، ماذا حاول أن يقول المخرج؟” [9]

في هذه المقدمة، تحديدات لا تحتاج إلى تفسير، وكأنها قواعد يحتاجها الفيلم القصير، وعلى ذلك ألا يصح أن نطرح هذا السؤال بعد قراءة السرديات التي أشرت إليها في مجموعة (بقايا ظل) لعبد الكريم السامر؟

في واقع الحال الإجابة واضحة، ففلسفة الفيلم القصير كما ينبغي أن نتحدث عنه تتمحور “حول توجيه رسالة آنية وملحة، لا ينفع معها الانتظار، لفيلم طويل يتجاوز زمن الرسالة بسبب وقت التحضير ووقت الإنتاج، وإن كان ذلك لا ينفي عن الفيلم القصير التحضير والإنتاج، إلا أن الزمن بالضرورة، أقل، والقضية التي تريدها أن تكون فيلماً لن تنتظرك حتى تنتهي من تحضيراتك.”[10]

وإذا كان توصيف الفيلم القصير، يدل على زمنة، فهو في الوقت نفسه يثير المسائل نفسها التي أثارها النقاد حول فن كتابة القصة القصيرة والقصيرة جداً، فالفيلم القصير يحمل رسالة على غاية الأهمية، وقادرة على إثارة الدهشة بأقل قدر ممكن من إضاعة وقت المشاهد ، لذلك يأتي التعريف على النحو التالي :

“الفيلم القصير هو نوع من أنواع الأفلام السينمائية، والذي يتميز بقصر وقته الذي يتراوح بحسب التصنيفات من دقيقة إلى 30 دقيقة وما زاد على ذلك يعتبر من الأفلام المتوسطة أو الطويلة أو ما يطلق عليها بالروائية او الملحمية.”[11]

وهناك إضافة على هذا الكلام ينبغي الانتباه إليها، وتقول :

“ينطبق على الفيلم القصير نفس المميزات والخصائص التي تنطبق على أنواع الأفلام الأخرى من فكرة وسيناريو وحبكة ودراما وذروة ونهاية وهذا النوع يمتاز بصعوبته لأنه عليك أن تشد المتلقي وتطرح فكرتك وتؤثر بالمشاهد بتواتر الأحداث وحبكتها الدرامية وذروتها وحل الحبكة ونهايتها بعدد قليل من الدقائق..” [12]

نعود إلى مجموعة القصص التي نتحدث عنها، فعندما تحط الحرب رحالها لاتعني أن المأساة انتهت، فالحرب سيرورة مآسٍ ونهاية مأساة تربض عند الحدث، أي أن الفكرة تذهب بعيدا نحو (الحرب) بما هي عليه من تفاصيل وتاريخ ومآسٍ ، ومع ذلك نجدها مكثفة في قصة (لغم) لاتحمل الكثير من المفردات والتفاصيل ــ عدد كلماتها (25 كلمة):

“أنزل الجنود الفوهات ، وذهب القادة إلى بيوتهم. راح الجنود يرقصون ويغنون فرحين بنهاية الحرب .

ازدادوا حماسا .

توسعت دائرة الرقص .

مات جميل بلغم كانوا قد نسوا مكانه “[13] ص 59

في هذه القصة، يمكن اختزال الحرب في فاصل فيلمي، يمكن أن يبث في صالات السينما قبل أي عرض سينمائي طويل، فهو يحمل هنا موقف إدانة للحرب من بدايتها إلى نهايتها ، ولا أعرف هل تحتاج هذه القصة إلى سيناريو ، ومخطط للتصوير.

في اعتقادي لا تحتاج ، لأنها واضحة!

وفي القص رسائل أخرى عن الحرب، فليست الحرب فقط هي من تحاصر الإنسان، بل السياسة وما تجره من ويلات، وذلك في تبعات الحرب ، أي في السياسة ، لنقرأ:

” ذات يوم نصحني ابي قائلاً :

احذر عهر السياسة !

قالها ورحل .

من يومها وأنا لا أعرف غير الطريق إلى السوق” ص43

في قصة (معركة) ظلال السياسة ظلت باقية في ثنايا المجتمع والحياة متجسدة في السحل والسجن والاعتقال والاختطاف .. :

“من شقته في الطابق العلوي ، وعبر نافذة مطلة على الشارع يراهم .

الرصاص يملأ الفضاء.

لا يستطيع التمييز ، فالتشابه واضح في السلاح ، والسيارات .

بعد لأي أدرك أنها معركة ديمقراطيين جدد “..[14]

هذا يعني القدرة على الاختزال، لا حاجة لزمن طويل لتعريف الحرب وتقديم صورتها الوحشية، ولاحاجة لثني ذراع وجهات النظر وتقديم تعريفات متناقضة للسياسة . لاحظوا هذا النص في قصة ( صديق):

“لم أكن أعرف شيئا عن المكان الذي ساقوني إليه خلال الحرب .

وصلته صباحا والسماء تمطر .

أصوات مدافع قريبة ، ورائحة بارود تملأ المكان .

من ملجأ قريب لوح أحد الجنود للدخول.

كان في الملجأ ثلاثة مرعوبين، وأشياءهم مبللة. أفرد لي اثنان منهما مكانا للجلوس بينهما بينما كان الثالث يحدق بقلق في كوة صغيرة .

 

توقف صوت المدفع، فخرج ذلك الجندي مسرعا ، ولم يتمكن الآخران من منعه .

بعد ساعة عاد حاملا على كتفه جثة غطتها الدماء . قال احد الجنديين :

إنه صديقه الذي يخدم في الصف الأول من المعركة.”[15]

بقيت مسألة تعود إلى الجديد في أفكار هذه القصص ، فهي تشكل قاعدة ذهبية للحديث عن الثيمات المطروحة، فهي ثيمات يحتاج إليها العالم هذه الأيام لبعث رسالة تقول :

أوقفوا الحرب والظلم .

 

 

 

[1]  السيميائية من نظرية المحاكاة إلى النظرية الشكلية من ‏جيلالي فاسي ــ  السيميائية من نظرية المحاكاة إلى النظرية الشكلية الدكتور : أحمد طالب/ أستاذ الأدب الحديث و المعاصر- كلية الآداب – جامعة تلمسان

[2]  المرجع السابق

[3] السيناريو بوصفه عملا أدبيا ــ كمال الرياحي تونس ــ موقع الجزيرة .

[4] نظرية السينما / تاليف بيلا بالاش ؛ ترجمة احمد الحضرى ، انور المشرى ، فؤاد دوارة ؛ مراجعة احمد الحضرى.

[5]  عبد الكريم السامر ــ بقايا ظل ــ الجنوب للطباعة والنشر والتوزيع ــ العراق ــ البصرة ــ الطبعة الاولى 2020

[6] رغم أنه لم يستخدم ضمير المتكلم في السرد، فقد غابت الأسماء عن قصص المجموعة، ماعدا اسم حسنة في قصة تحمل اسمها، واسم أحمد في قصة ( قصف) ، واسمي عبد الله وأحمد  في قصة ( قرص تعريفي)، وعندما استخدم صيغة الراوي في قصة (شهادة وفاة)  نلاحظ أنه ميت: من سنين وانا احتفظ بها .

تلك الورقة التي استلمتها من وحدتي العسكرية

حين أنهو الحرب .

كانت شهادة وفاة بحق ” ص44 . وفي قصة (سياسة) ، أما في قصة ( صديق) فقد أراد ن يكون شاهدا، 

[7] المصدر السابق ــ ص 14ــ 15

[8] المصدر السابق ص 28

[9] الفيلم القصير .. صرخة السينمائي ــ نورس أبو صالح ــ موقع الجزيرة .

[10]  المرجع السابق

[11] الفيلم القصير ,, بين البناء الدرامي والاحساس الزمني ــ دريد خضير الموسوي ــ موقع الحوار المتمدن

[12] المرجع السابق

[13] بقايا ظل ــ مرجع ورد ذكره ــ ص 59

 [14] المرجع السابق ص 23                                                                                                                         

 [15] المرجع السابق ــ ص 60

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى