ماجد قائد بين التأويل السيميائي والتلقي الجمالي

 

صدر عن منشورات حلقة الفكر المغربي كتاب نقدي بعنوان “التأويل السيميائي والتلقي الجمالي: مقاربات في الشعر العربي الحديث والمعاصر” للباحث اليمني ماجد قائد.

والكتاب من تقديم الأستاذ الدكتور محمد كنوني أستاذ التعليم العالي بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، جاء في التقديم:

هذا الكتاب الذي أنجز محاوره في تفاصيل نقدية دالة الباحث المتميّز ماجد قائد من القطر اليمني الشقيق، أقل ما يمكن أن يقال في حقه: إنه محاولة جادة وهادفة في طريق بحث أكاديمي أصيل يراعي وصل التنظير بالتطبيق من خلال ما تقرره النصوص الشعرية نفسها.

والكتاب حسب ما يظهر من عنوانه (التأويل السيميائي والتلقي الجمالي مقاربات في الشعر  العربي الحديث والمعاصر) يندرج ضمن نظرية الشعرية التي يدخل في تكوينها سلسلة من المناهج والمفاهيم المنبثقة عنها، وهذا ما يتيح الفرصة في هذا الكتاب لتجانس مقاربات  متعددة، تتخذ من التأويل السيميائي والتلقي الجمالي منطلقا لبناء تصوراتها.

والكتاب رحلة في لغة الشعر العربي الحديث والمعاصر بعوالمها الآسرة والجاذبة للذوق الجمالي، لشعراء وشاعرات من المشرق والمغرب العربيين. والجديد الذي أوحى به هذا الكتاب وبحسب صاحبه، نلخصه في الآتي:

1- أنه تجاوز التصور النقدي السائد الذي لم يقتصر في دراسة الشعر العربي الحديث على الأصوات والتجارب الشعرية المألوفة، في حين يهمل تجارب أخرى ذات أثر إبداعي شيق ورائق، وهذا ما ركز عليه الباحث في هذا المنجز النقدي.

2- أنه احتفى بتجارب نسائية بالقدر الذي احتفى فيه بتجارب ذكورية، مع تجاوز مفهوم الجيل عند اختيار متن شاعرة أو شاعر ما.

3- أنه قد حقق تنوعا منهجيا في ضوء قضايا مهما اختلفت بين ما هو جمالي وموضوعي أو أيقوني ومعماري، إلا أنها انبثقت من صميم المتون الشعرية نفسها تبعا لخصوصيتها المتباينة.

لذلك وغيره، فمهما حاولت تلخيص الكتاب والقول فيه، فالقول الفصل هو ما ستقرّره أنت أيها القارئ الكريم وأيتها القارئة الكريمة، فالإنصات إلى صوتك الداخلي وهو يحاور هذا الكتاب، هو ما سيلهمك لذة القراءة، ويمنحك صواب الرأي للحكم عليه..

ولأنني قارئ حظيت بشرف القول على قول سابق، أرجو أن أكون في مستوى القول، وفوق كل ذي علم عليم”.

يحتوي الكتاب على مقدمة للمؤلف وعشرة فصول جاء في خطاب المقدمة:

تمثل النظريات والمناهج النقدية مسالك وأدوات نقدية تأويلية معرفية لدراسة الخطابات والنصوص الإبداعية، وخصوصا النصوص الشعرية، وقد عرف النقد الأدبي في مسيرته مجموعة من النظريات والمناهج التي اهتمت بدراسة النص، أو المؤلف، أو القارئ، ولعل جمالية التلقي أولت أهمية كبيرة للقارئ، في حين تعد المقاربة السيميائية مقاربة نسقية شمولية تهتم بأنظمة النص وأنساقه اللغوية والرمزية، وتحاول الغوص في أعماقه لكشف الدلالات الثاوية في أحشائه، وتأويلها.

اخترنا مواجهة الشعر العربي الحديث والمعاصر من جوانب التلقي الجمالي والتأويل السيميائي، وجعلنا مركز الضوء على النص وسياقاته وأنساقه وحوافه التي تتضافر فيما بينها لتشكل لوحاته الفنية، وتوجه قراءاته، وتغزل معانيه ودلالاته، وتكشف جماليته. حيث تكمن أهمية التأويل في كونه مفتاحا لكل المناهج والنظريات النقدية قادرا على استنطاق العلامات، وفهم البنى العميقة للنص المتخفية خلف ستائر الكلمات والأيقونات. إن التأويل كوم من الأسئلة الاستفهامية للنص والكاتب والقارئ، يتم اكتشاف أجوبتها من خلال العملية القرائية التأويلية.

لا توجد قراءة نقدية قادرة على قبض حقيقة النص، والإمساك بدلالاته، والإحاطة بكل جوانبه؛ لأن النص ميدان للتأويل، وكل قراءة هي تأويل وانتهاك للنص، وحفر في طبقاته وأنساقه، ومحاولة أسره، فعندما نتلقى نصا شعريا ما فإننا نحاول فهمه عن طريق تأويله وإجادة قراءته، وتبيان ما بين سطوره، ومعرفة ذاته وسياقه وأنساقه، أن نستنطق مضامينه وأفكاره المضمرة في نصوصه، وبين شفراته، وإعادة تشكله من جديد. فالنص الشعري حقل مفتوح بفعل ما يحمله من علامات وإشارات ورموز وغموض وحجب وتلاعب بالدلالات والمعاني.

إن موضوع الكتاب يتمركز في التلقي الجمالي والتأويل السيميائي، ويضم بين دفتيه مجموعة من الطروحات والدراسات النقدية لنصوص شعرية ثرية الدلالات وغنية الرموز تطرح أسئلة شعريتها. تحاول هذه القراءات مقاربة النصوص الشعرية واستنطاقها انطلاقا من بوابة العلامات اللغوية وغير اللغوية المكونة لها، وكشف أبعادها الفنية والجمالية، وسبر أغوار معانيها الدلالية. وترجع ملكية النصوص المقاربَة لشعراء وشاعرات أغلبهم مغمورين من أقطار عربية اليمن، والمغرب، ومصر، والسعودية، وليبيا، وفلسطين، والسودان، وعمان، وغيرها.

يحتوي الكتاب على عشرة فصول،خصص الفصل الأول لدراسة كتاب مائة شاعرة من العالم العربي قصائد تنثر الحب والسلام في ضوء جمالية التلقي. وعرض الفصل الثاني التأويل السيميائي للنص الشعري اليمني الحديث في قصيدة “صيحة البعث” للشاعر محمد محمود الزبيري. وقارب الفصل الثالث البادية في الشعر اليمني الحديث عند الشاعر عبدالله البردوني مقاربة سيميائية. ودرس الفصل الرابع شفرات النص الشعري الفلسطيني المعاصر في شعر الشاعرة هيام مصطفى قبلان. وتناول الفصل الخامس سيميائية المعمار في الشعر المغربي المعاصر متعة القراءة وجمالية المعنى في ديوان ثورة الأموات للشاعر أحمد مفدي. وجاء الفصل السادس ليدرس النسق السيميائي وجمالية الرؤيا في النص الشعري الليبي الحديث عند الشاعرة كوثر نجم. أما الفصل السابع في عرض جمالية الأنساق السيميائية في الخطاب الشعري السعودي المعاصر ديوان “امرأة .. دون اسم” للشاعرة ثريا العريّض نموذجا.

وقارب الفصل الثامن العتبات والنصوص الموازية في موسوعة الشعر السوداني الفصيح من منظور جمالية العلامة وبلاغة العبارة. وبحث الفصل التاسع في سيمياء القصيدة المصرية المعاصرة من التشكيل إلى التأويل واتخذ قصيدة (كافُ التكوين) للشاعر السيد الجزايرلي نموذجا للدراسة. أما الفصل العاشر فقد تناول شعرية الخطاب الموازي في كتاب 50 عاماً من الشعر العماني الفصيح في ظل السلطان قابوس، توهج العلامة واشتعال الدلالة.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى