موسوعة «الليالي العربية» في مجلدين بترجمة السيد إمام

صدرت عن المركز القومي المصري للترجمة، في مجلدين، النسخة العربية لموسوعة «ألف ليلة وليلة» أو «الليالي العربية»، لأورليش مارزوف وريتشارد فان ليفن، في ترجمة وتقديم السيد إمام. في مقدمة الكتاب يتساءل المترجم: ما الذي يريد القارئ أن يعرفه تحديداً عن «ألف ليلة وليلة» أو «الليالي العربية» كما يطلق عليها الأوروبيون؟ هل هي هندية أم فارسية أم عربية؟ مخطوطاتها؟ تواريخ ظهورها؟ جامعوها، حكاياتها الأصلية أو المنتحلة وما جرى عليها من تعديلات أو تحويرات، الأثر الذي خلفته في جمهور المستمعين والقراء في كل مكان وزمان وفي المبدعين من شعراء وروائيين ورسامين وموسيقيين وكتاب مسرح في الشرق والغرب على حد سواء.

كل هذه الأسئلة وغيرها تجيب عنها موسوعة «الليالي العربية» التي ألفها وجمع مادتها إثنان من أبرز المتخصصين في الدراسات العربية وتاريخ السرد العربي.

لم يكن لأي عمل من أعمال التخييل من أصول غير غربية أثر أقوى في الثقافة الغربية من «الليالي العربية»، فإلى جانب كونها المصدر للسمر القائم على المتعة بالنسبة إلى أجيال من القراء والمستمعين على مر العصور، فإن هذا العمل كان بمثابة معين لا ينضب للإلهام لكل أنواع الأنشطة الإبداعية.

ولقدأساهم هذا العمل في الوقت ذاته وفي شكل حاسم في فهم الغرب لـ «الشرق» بوصفه الاّخر الأساسي، ولم يتم النظر إلى «الليالي العربية» والتعامل معها بوصفها عملاً أجنبياً بل تم إدراجها في طبقات عديدة من الثقافة الغربية، واستطاعت البقاء والازدهار والانتشار واكتساب زخم إضافي على مر العصور منذ أن تم تقديمها للوعي الغربي لأول مرة منذ ثلاثمئة عام.

ومن ناحية أخرى، يؤكد إمبرتو إيكو أن «الروايات الكبرى في الثقافة الغربية من دون كيشوت إلى الحرب والسلام، ومن موبي ديك إلى الدكتور فاوست قد كتبت بتأثير من ألف ليلة وليلة، وهناك حقيقة في ما يبدو لا بد من الاعتراف بها وهي على رغم حضور نص الليالي الطاغي في الذاكرة والتداول الواسع الذي حظي به فإنه لم يحتل المكانة اللائقة به التي يسوغها تأثيره الملموس في دائرة التفكير العربي إبداعاً وموروثاً، ومع ذلك ستظل «ألف ليلة وليلة» حكايات تشبه نصاً مفتوحاً ولغزاً عميقاً وشفافاً يتشكل معناه في كل زمن وفي كل عقل».

الغريب أن نص الليالي الذي حظي بكل هذا التقدير والاهتمام، ونال من الإطراء ما لم ينله نص من قبل، ظل على رغم هذا مهملاً ومستهجناً بين أصحابه يتناقله العامة شفاهة في ما بينهم طيلة قرون من دون أن يرقى إلى مرتبة الأدب وفقاً للمعايير التي أقرتها مؤسسة الأدب الرسمية التي تتألف من علماء اللغة العربية ورجال الدين والتي كانت حريصة على التمييز بين أدب رفيع جاد نافع يعلمنا أساسيات اللغة، وأدب قصصي عابث ذي طابع شعبي يستخدم اللغة الدارجة يهدف إلى التسلية لا يستحق أن يكون أدباً.

يهدف القسم الأول الذى يضم أربعة عشر مقالاً حول الليالي إلى أن يكون «غذاء للفكر»، ويقدم استعراضات قصيرة، يعالج كل منها مجالات لموضوعات محددة أو أسئلة بعينها ذات صلة بدراسة الليالي العربية، فلقد كتب هذه المقالات باحثون معروفون عالمياً بأبحاثهم في الدراسات الإسلامية ومتخصصون في دراسة الليالي العربية.

أما الجزء الثاني من الكتاب «عالم الليالي العربية»، فيضم مسحاً أبجدياً لـ 270 مدخلاً في الأصل والشخصية والسياق والآثار التي خلفتها.

أورليش مارزوف، هو أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة جورج أوجست، غوتين، ألمانيا، نشر على نطاق واسع أعمالاً وأبحاثاً حول ثقافة الحكي في الإسلام .

وريتشارد فان ليفن، هو أستاذ مساعد في قسم الدراسات الدينية في جامعة أمستردام، تشمل أعماله المنشورة الترجمة الهولندية لـ «الليالي العربية» بالإضافة إلى عدد من المقالات والأبحاث.

المترجم، السيد إمام، له عدد كبير من الترجمات، منها: «الشعرية البنيوية»، «قاموس السرديات» و «تعليم ما بعد الحداثة: المتخيل والنظرية».

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى