كيف تراهن أوروبا على إنقاذ الاتفاق النووي؟

 

الدول الأوروبية المجتمعة في فيينا تحت إطار 4 +1 بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، لا تحمل في جعبتها خطوات ملموسة لتنفيذ التزاماتها مع إيران بموجب التوقيع على الاتفاق. فدول الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) لا تزال تتحدث عن مناقشة خطوات لإنقاذ الاتفاق وأهمها آلية “أنستكس” المالية والتجارية التي لم تتقدم خطوة واحدة منذ أكثر من سنة حين حاولت أوروبا تأسيس آلية مدفوعات.

فالولايات المتحدة تجدّد على لسان المبعوث الاميركي الخاص بإيران براين هوك “الاختيار بين التعامل مع أميركا أو التعامل مع إيران”. وبناء على التهديد الأميركي، تتراجع الدول الأوروبية عن تنفيذ التزاماتها، بل تحاول في الخفاء حيناً الضغط على إيران لإدراج البرنامج الصاروخي الايراني في محادثات جديدة، وتحاول أحياناً المحافظة على توقيع إيران من دون مقابل كما دعا وزير الدولة البريطاني أندرو موريسون طهران إلى خفض التصعيد.

لكن الدول الأوروبية الخاضعة للتهديد الاميركي، تسلك طريقاً موارباً تراهن على أن يؤدي إلى تخفيف غلواء ترامب واضطراره إلى تقديم تنازلات للحفاظ على الاتفاق النووي، بل يؤدي إلى عودة ترامب إلى الاتفاق كما يتوقع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون حين يتراءى له الاستشراف والتنبؤ.

تتفق الدول الأوروبية على إجماع يشمل بريطانيا الأكثر انحيازاً إلى أميركا، مفاده أن إدارة ترامب يصعب عليها زيادة التصعيد على حافة الهاوية من دون مشاركة أوروبية. وتأمل أن يؤدي الرفض الأوروبي للتصعيد عدم المشاركة الأوروبية في التلويح بالحرب، إلى عزل إدارة ترامب وتراجعها بما يمكن لأوروبا أن تقوم بدور وسيط مقبول من الطرفين الأميركي والإيراني.

في هذا السياق لم تتجاوب الدول الاروبية مع دعوة ترامب لإنشاء تحالف دولي لحماية ناقلات النفط في الخليج. وتجاهلت دعوته لتدويل مياه الخليج وتهديد إيران التي اتهمها بومبيو بالمسؤولية عن زعزعة استقرار الخليج وأسواق الطاقة. وفي اجتماع حلف الناتو في بروكسيل أعربت الدول الأوروبية كافة عن رفضها لزج حلف الناتو في أي تصعيد عسكري ضد إيران، ودعت إلى ضرورة خفض التصعيد وحل الأزمة بالحوار.

ترامب الذي يعود إلى خطاب خفض التوتر مع إيران بعد موجة الاشارة إلى “الإبادة”، يستكمل في اجتماع قمة العشرين في أوساكا اليابانية الضغط على الدول التي تستورد نفط الخليج للانخراط في حملته. فهو ينتقد اليابان وألمانيا بسبب عدم امتلاك السلاح (الأميركي) للدفاع عن ناقلات السفن وحماية الممرات في الخليج، وبسبب اعتماد الطرفين على الحماية الاميركية مجاناً. وفي المقابل تحاول الدول الأوروبية الرد على ضغط ترامب بالدعوة إلى خفض التصعيد مع إيران. ويأمل ايمانويل ماكرون إقناع ترامب بتعليق بعض العقوبات لإفساح المجال أمام المفاوضات والحفاظ على الاتفاق النووي. وفوق هذه التجاذبات يلوح قول وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ” أميركا مخطئة إذا تخيلت أنه بإمكانها تأمين أمن الخليج والمنطقة من خلال إقصاء إيران”.

مباحثات فيينا التي يرى نائب وزير الخارجية الروسي أنها تؤدي إلى حل المشكلة قريباً، قد تثمر عن بعض الخطوات التي تأملها روسيا والصين للتعويض عن العجز الأوروبي. لذا ترى إيران أنها خطوة إيجابية لكنها غير كافية. وبينما تتحدث الدول الأوروبية عن البقاء في الاتفاق النووي، يمكن أن تتحدث إيران عن اجراءات تسريع التخصيب بأكثر من نسبة 3,7% كما يصرّح المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية عباس كمالوندي. وهو أمر في إطار الاتفاق النووي إذا لم تلتزم به الدول الأخرى. وإذا فشلت آلية الدول الأوروبية ستكون الخطوات التالية أكثر حسماً بحسب المتحدث باسم الخارجية الايرانية عباس الموسوي.

الميادين نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى