لا انتعاشة قريبة للاقتصاد المصري

تنتظر السلطات المصرية بفارغ الصبر تدفق الاستثمارات الأجنبية في البلاد لإنعاش الاقتصاد بعد الإصلاحات الاقتصادية التي شرعت في تطبيقها، غير أن هذا الأمر قد يستغرق وقتا، بحسب خبراء. ويعاني اقتصاد الدولة العربية الأكبر ديموغرافيا من تدهور مضطرد منذ الثورة التي أطاحت حسني مبارك في 2011، وخصوصا من انخفاض عائدات السياحة وتراجع كبير في الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وافق صندوق النقد الدولي على منح مصر قرض قيمته 12 مليار دولار على ثلاث سنوات مصحوبا ببرنامج إصلاح مالي واقتصادي. ويشمل البرنامج تحرير سعر صرف العملة الوطنية وخفض دعم المحروقات والكهرباء واستحداث ضريبة قيمة مضافة نسبتها 13 بالمئة. وتعول الحكومة على تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتحفيز النمو.

وسجلت هذه الاستثمارات في السنة المالية 2007-2008 رقما قياسيا بلغ 13.2 مليار دولار، ولكنها تراجعت إلى 6.8 مليار دولار في العام المالي 2015-2016.

وتعكف الحكومة حاليا على وضع قانون يتضمن حوافز ضريبية وتقليص للإجراءات البيروقراطية من خلال اعتماد نظام “المنفذ الواحد” للمستثمرين لتجنبيهم التعامل مع أكثر من جهة حكومية للحصول على التراخيص اللازمة للعمل. ولكن الخبراء يعتقدون أن انتعاش الاقتصاد سيأخذ وقتا.

ويؤكد الخبير في بنك الاستثمار المصري “سي آي كابيتال” هاني فرحات أن “تحسن الاقتصاد سيتأخر بعض الوقت إذ ينبغي انتظار نجاح الحكومة في تطبيق برنامج الإصلاحات” الذي أقرته.

ويقول المسؤول المالي لمجموعة “شندلر” السويسرية في مصر وليد علام “الكل يعرف أن العام 2017 سيكون صعبا، ولكننا نتوقع تحسنا طفيفا اعتبارا من 2018”. وأضاف أن “أي إجراء يأخذ وقتا قبل أن يأتي بثماره”.

إصلاحات هيكلية

غير أن عودة الاستثمارات لن تكفي وحدها لإنعاش الاقتصاد المصري الذي يعاني منذ عقود من مشكلات هيكلية.

ويشير الباحث في معهد “كارنيغي” للدراسات في الشرق الأوسط عمرو عادلي أن احد التحديات التي تواجهها مصر هو “تنويع” مصادر النقد الأجنبي التي تنحصر أساسا حتى الآن في تحويلات المصريين العاملين في الخارج وعائدات قناة السويس والسياحة وصادرات النفظ الخام.

ويقول عادلي “ثبت أن السياحة خصوصا متقلبة، ولا يمكن الاعتماد عليها” كأحد المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي في بلد يستورد الكثير من احتياجاته من الخارج. ويعتقد الباحث انه ينبغي العمل على زيادة الإنتاج المحلي لخفض الواردات. ويقول “إحدى نقاط ضعفنا الكبيرة جدا هي الكلفة الهائلة للواردات التي تعكس عدم قدرة القطاعات الإنتاجية في مصر على مواجهة الطلب”.

وتقول الخبيرة الاقتصادية في شركة الخدمات المالية “مباشر” إسراء احمد أن “الإجراءات التي طبقتها الحكومة لم تحل سوى “40 بالمئة من مشكلات” المستثمرين الذين ينتظرون مزيدا من الإصلاحات الهيكلية. وتضيف “لطالما عانى المستثمرون من عقبات بيروقراطية وإجرائية ومن الفساد”. وتحدث وزير التعاون الدولي السابق والرئيس السابق لهيئة الرقابة المالية المصرية زياد بهاء الدين عن “العقبات” التي تقف في وجه المستثمرين في مقال نشره موقع صحيفة “الأهرام” الحكومية الناطق بالانكليزية.

فانتقد افتقاد “الدولة لرؤية اقتصادية واجتماعية واضحة ومنافستها للقطاع الخاص في كل المجالات والفساد وإجراءات التقاضي البطيئة والأوضاع الأمنية والسياسية”.

إلا أن السلطات تتطلع إلى المستقبل بثقة. ففي كانون الثاني/يناير، أكد وزير المالية عمرو الجارحي وجود “إقبال كبير” على سندات بقيمة أربعة مليارات دولار طرحتها في الأسواق الدولية”.

وقال إن هذا الإقبال الكبير “يؤكد مدى الثقة في مستقبل الاقتصاد المصري”، مضيفا أن “دوائر الأعمال الدولية تلمس بالفعل جدية الحكومة والقيادة السياسية في الإصلاح واستمراره”.

وأكد مسؤول في شركة متعددة الجنسيات تعمل في مصر، طالبا عدم ذكر اسمه، “في كل مرة التقي فيها مسؤولين أشعر أنهم يعرفون ما يفعلونه”.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى