للحظات …!!!

إنها هي بعد خمس سنوات .. واالآن رأيتها تحمل بيدها طفلاً صغيراً .. وبيدها الأخرى سطل الورود .. تبيع الورد لتبرر تسولها .. وتستر تشردها .. إنها تشحذ بطريقة أرقى ..!!! ولكنها ما زالت في الشارع تبيع الورد بدل أن تطلب المال ..

ما زالت في الشارع ولكن مع طفل صغير وسطل ورد .. بعد خمس سنوات لم يتجاوز عمرها ١٥ عاما .. ولكنها الأن تحمل طفلا .. نظرت اليها بألم .. كم عانت وقاومت ودفعت من طفولتها وكرامتها لتحمل سطل الورد .. وطفل ..؟؟؟

أعطيتها المال وأخذت وردة .. جعلتني للحظات أشعر بالسعادة ..!!! سعادة أنني استرجعت انسانيتي ولو لبرهة .. وشعرت بنفس الوقت بالألم والقهر على طفولة اغتالتها ثماني سنوات من الحرب واغتالت معها انسانيتي .

فبعد ثماني سنوات من مشاهد القتل والدم والدمار، فقدت بعضاً من انسانيتي ..حزينة انا ولكنه الواقع ..حيث بات الظلم والذل والفقر والتعذيب طقساً يومياً معتاداً من طقوس حياتنا اللاطبيعية .. وتعودنا على معايشته والتأقلم معه .. !!

نعم …. لم نعد نتعاطف أو نشعر بالآخر وبألمه .. أصبحنا أنانيين .. أصبحنا لا إنسانيين .. المهم ان نكون نحن بخير .. ونسينا الآخر .

هل من الممكن ان يكون سفري وابتعادي عن المكان .. سبباً لاستعادة بعض من انسانيتي ؟!؟ أجبت نفسي : نعم أعتقد ذلك !!

فأبشع ما في الحرب أنك تعتاد اللامعتاد .. وتبرر اللا مقبول .. وتقبل الغلط ..

أبشع مافي الحرب أن يصبح التشرد والفقر والظلم والذل والاستغلال والفساد .. شيئاً عادياً .. ومبرراً أيضاً ..
أبشع ما في الحرب أن تفقد إنسانيتك وتبرر انانيتك ..

أبشع ما في الحرب أن يتحول الأطفال إلى سلع وأدوات ..

أبشع ما في الحرب أنها تغتال الطفولة والأحلام .. وتخنق المستقبل !!!..

نعم .. استعدت انسانيتي للحظات .. ولكن كيف سأحافظ عليها ؟!؟ هنا السؤال الأهم !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى