“مايك بومبيو” من الناتو للرياض فالاردن واسرائيل

“سباق الزمن” الذي يخوضه وزير الخارجية الأمريكية الطازج مايك بومبيو، ليزور السعودية والأردن واسرائيل، قد لا يحمل على الاقل لعمان الا اخبارا سلبية، خصوصا وهو يأتي قبيل ثلاثة قرارات حاسمة في مستقبل المنطقة، تتخذها واشنطن.

الأردن، سيكون في عين تبِعات أي قرار تتخذه واشنطن خلال الايام القليلة القادمة، فشهر ايار/ مايو مليء بالقرارات الاحادية لواشنطن: بدءاً من قرار “الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني” والذي يتوقع ان يكون صداه مباشرا في سوريا، وان كانت اليوم الاصوات تتصاعد لاقناع الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالابقاء عليه لفترة اضافية.

القرار الثاني، سيكون نقل السفارة الامريكية الأمريكية إلى القدس، وهنا عمان ايضاً في عين العاصفة، وعين الحدث، حيث الوصاية الأردنية، وحيث ارتباط قوي يصعب فكّه بين الاردنيين والقدس، وهنا الحديث لا يشمل فقط الاردنيين من اصول فلسطينية فالاردنيين من اصول “شرق اردنية” ايضا مرتبطين وبصورة عضوية مع القدس ومقدساتها.

ثالث القضايا في جعبة مايك بومبيو الصقوري المتشدد، وكما يمكن توقعه، هو الوجود العسكري الامريكي في سوريا والمنطقة، والقرار الامريكي بزجّ جيوش عربية خصوصا في سوريا، وهنا بات اسم الاردن يتردد كثيرا في الاعلام الامريكي بين المرشحين لمهمة من هذا الوزن، نظرا للعلاقة الوثيقة في سياق العسكري بين عمان وواشنطن.

الملفات الثلاثة المذكورة، لا تحصر الاحاديث ولا الحوارات التي اختار بومبيو الرياض لتكون اولى محطاته في مناقشتها، وهو الامر الذي يمكن قراءته اصلا ضمن سعي الولايات المتحدة لتعيينها (أي العاصمة السعودية) كشرطي للمنطقة وللتسويات القادمة، التي يتوقع لها أن تجرّ على الشرق الاوسط المزيد من الصراعات، خصوصا فيما يتعلق بما يُعرف بـ “صفقة القرن” وتسوياتها.

اختيار بومبيو للسعودية كأولى محطاته في الشرق الاوسط، وثاني محطاته في العالم يحمل دلالة واضحة لايمكن تجاهلها، خصوصا في وقت ترى فيه واشنطن انه من الضرورة بمكان انهاء نزاعين اساسيين تحمل لواءهما الرياض، هما: الحرب على اليمن، والثانية الازمة الخليجية مع قطر، واللتين ترى فيهما واشنطن المزيد من “الصداع” غير الضروري اليوم، وان كانتا قد خدمتا سياسة الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الجبائية والقائمة على “بيع الاسلحة” الامريكية.

من هنا، يمكن للاردن الذي لا يتفق كثيرا مع الرياض في الاونة الاخيرة، الامر الذي ظهر بصورة واضحة خلال ازمة “اعلان القدس” الذي قام به الرئيس ترامب في ديسمبر الماضي، والذي تحملت الاردن بالاضافة اليه تبعات اكبر، اهمها تقليص واشنطن نفقاتها على منظمة غوث وتشغيل اللاجئين، وبالتالي ترى عمان انها ستتحمل المزيد من الاعباء في الفترة القليلة المقبلة.

مايك بومبيو مدير وكالة المخابرات المركزية السابق، طوال الفترة الماضية كان منخرطا في الدبلوماسية الأمريكية، ولكن بصورة مختلفة عنه اليوم، وهو كصانع سياسة اكثر تشددا كثير من سابقه ريكس تيلرسون والذي كانت تربطه علاقات جيدة جدا مع الاردن، وفاترة مع الرياض وحتى مع الاسرائيليين. الامر الذي يتوقع المراقبون ان يكون “معكوسا” اليوم مع بومبيو، حيث توجهات الرجل المعادية تماما لايران والقريبة من الرئيس الامريكي واسرائيل ستجعله اقرب للسعودية والاسرائيليين من الاردن، على الاغلب.

ولكن هذا لن يمنع استقبال عاهل الاردن الملك عبد الله الثاني لبومبيو القوي والعنيف والمنظّر للتدخلات العسكرية، حيث يعتقد ان الاخير سيعرض امرين اولهما “شكلا واضحا” لعملية نقل السفارة الاسرائيلية للقدس وافتتاحها، ومن الممكن ان يتضمن الامر اعلانا عن زيارة للرئيس الامريكي الذي حتى الجمعة لم يحسم موفقه فيما اذا كان سيحضر الافتتاح الاشكالي اساسا.

الامر الاخر، وهو على ذات الدرجة من الخطورة – ان عُرض – وهو مشاركة قوات اردنية في سوريا، وهذا الامر الذي رفضته عمان من اليوم الاول للازمة بوعي كبير، حيث التبعات السلبية الضخمة المتوقع حصولها اكبر بكثير من أي ايجابيات محتملة من التواجد الاردني.

بكل الاحوال، جولة بومبيو بتوقيتها الذي جاء فور استلامه منصبه كوزير خارجية بسويعات وبترتيبها، حيث بدأت في اجتماعات حلف شمال الاطلسي “الناتو” ثم الرياض (الذي بات يؤكد الرئيس ترامب على انها اهم حليف من خارج الناتو)، فالاردن واسرائيل، مثيرة للريبة وللتكهنات، وتؤكد على رغبة في تسريع عجلة عدة سيناريوهات في المنطقة، يمكن مراقبتها جيدا، والاهم الاستعداد لمواجهتها والتعامل معها.

صحيفة راي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى