مركز دراسات الأمن القوميّ: على إسرائيل الاستعداد لتوّلي بايدن رئاسة الولايات المُتحدّة وانتهاز فرصة الـ”كورونا” لتوسيع علاقاتها مع الدول العربيّة

 

اعتبرت دراسة صادرة عن مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيليّ أنّ جائحة فيروس كورونا ستترك أثرًا عميقًا على الاقتصاد وبالتالي الوضع السياسي في الشرق الأوسط، مشيرًة إلى أنّ إسرائيل يجب أنْ ينتهز الفرصة لتوسيع علاقاتها مع الدول العربية تحت شعار المكافحة المشتركة للفيروس.

ولفتت الدراسة إلى أنّ خطر عدم الاستقرار السياسي في دول الجوار يكمن في تراكم آثار العقد الماضي في الشرق الأوسط بالإضافة إلى توقع الاضطرابات الاقتصادية في المنطقة في السنوات القادمة. على سبيل المثال، زعمت الدراسة أنّه قد يتم اختبار الاستقرار النسبي على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية في العلاقات الإسرائيلية اللبنانية مع الانهيار الاقتصادي لهذا البلد بسبب الإفلاس، والنمو السلبي المتوقع بنسبة 12 في المائة في عام 2020 وتأخر تحقيق الوعد بعائدات الغاز الطبيعي لفترة طويلة. كما إن قدرة الاقتصاد الفلسطيني على الانتقال من النمو السلبي إلى النمو الإيجابي بنسبة 6.5 في المائة في عام 2020 تعتمد إلى حد كبير على سلوك إسرائيل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ومع حماس في قطاع غزة.

ورأت الدراسة أنّه في مواجهة الأردن، ستحتاج إسرائيل إلى فحص سلسلة من القضايا السياسية والاقتصادية الرئيسية، مُشدّدّةً على أنّ أيّ تحركٍ من قبل إسرائيل لضمّ أجزاء من الضفة الغربية سيزيد من الانفصال السياسي بين قيادة الجانبين ويضر النسيج الدقيق لعلاقاتهما، لأنّ النظام الأردني سيكون مرتاحًا في تحويل بعض الانتقادات الداخلية ضده إلى إسرائيل.

بالإضافة إلى ذلك، سيتطلب انخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعي من إسرائيل، وسيكون هناك تداعيات سياسية ومالية حول تصدير الغاز، كما أنه قد يعلن موت متأخر لمشروع البحر الميت وقد يخلق هذا فرصة لإجراء مناقشة ثلاثية بين الأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل حول قناة البحرين، والتي تجسد الحل طويل الأمد لمشاكل المياه في دولتين متجاورتين شرق إسرائيل.

ورأت الدراسة أنّ النظرة القاتمة لمستقبل المنطقة، والتي تهدد بتعريض إسرائيل لمخاطر قديمة جديدة، قد تتضمن أيضًا فرصة لدراسة المبادرات التي ستؤدي إلى تحول إيجابي في علاقات الكيان مع جيرانه، ومع تصاعد القلق في الكيان من احتمال فوز بايدن في الانتخابات الأمريكية ورحيل ترامب، أشارت الدراسة إلى أنّ بايدن في زيادة جمهوره إلى أقصى حد تتطلب منه إيجاد التوازن الدقيق بين تملق القاعدة الانتخابية وتأرجح الناخبين في الولايات الرئيسية ليقدم نفسه كمرشح معتدل، ومحاولة الاستيلاء على قلب الجناح الأصغر والأكثر نشاطًا في الحزب الديمقراطيّ، ومن وجهة نظر إسرائيل، فإنّ مجالات السياسة التي لديها أكبر إمكانية للتأثير على الأمن القومي لإسرائيل هي السياسات التي تخصها بشكل مباشر، وخاصة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، والتي تهم إيران، ولاسيما القضية النووية الإيرانية.

وفي المنظور الاستراتيجي الأوسع، أضافت الدراسة، تغيرت الديناميكيات العالمية بالتأكيد منذ ترك الرئيس أوباما منصبه في يناير 2017، وأية محاولة للقيام بخطوات من قبل إدارة ترامب من خلال صنع السياسة وحدها قد تثبت أنها غير فعالة وحتى ذاتية التأثير. وأصبح الحلفاء والشركاء في الولايات المتحدة أكثر وعيًا الآن من أي وقت مضى بأنّ تطوير الاعتماد على المدى الطويل في واشنطن قد يكون ضارًا بمصالحهم الوطنية، حيث أن درجة معينة من الاتساق والاستمرارية بين الرئاسات المختلفة مطلوبة، وهذا لم يعد كذلك. ومن المفارقات، إذا تولى بايدن منصبه وألغى على الفور أوامر رئاسية لإعادة الولايات المتحدة إلى مكانتها كزعيم عالمي من خلال إلغاء إجراءات ترامب، فلن يؤدي إلّا إلى تفاقم التقلب الشديد في السياسة الأمريكية التي ميزت التبادل الرئاسي الأخير.

وشدّدّت الدراسة على أنّه بضمان استمرار الطبيعة القوية للعلاقات الإسرائيليّة الأمريكية، فإنّ انتخاب بايدن كرئيس هو احتمال يجب على إسرائيل الاستعداد له، ويجب عليها أنْ تحاول بذل جهد منسق في أقرب وقت ممكن لإنشاء قناة اتصال مع أولئك الذين من المحتمل أنْ يكونوا مع المرشح الديمقراطي ومستشاريه، وذلك بهدف مناقشة السلطة التقديرية السياسية وبناء علاقات الثقة.

وعلى سبيل المثال، تقترح الدراسة إمكانية استخدام هذه القناة لمناقشة إمكانية التوصل إلى اتفاق إسرائيلي أمريكي موازٍ بشأن البرنامج النووي الإيراني، والذي من شأنه تحديد الخطوط الحمراء وتنسيق المسؤوليات، وبالتالي تخفيف بعض مخاوف تل أبيب بشأن احتمال عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاقية النووية في ظل إدارة بايدن. وفي الوقت نفسه، ولإعادة بناء الدعم الحزبي في إسرائيل، يجب عليها توخي الحذر وتجنب التحركات التي يمكن تفسيرها في واشنطن على أنها حزبية خلال موسم الانتخابات، حيث يتزايد الاستقطاب السياسي فقط. وبالتالي دعت الدراسة إلى نهج حذر ضروري لضمان عدم تضرر العلاقات أوْ تعطيلها عندما تظهر ثغرات مفاهيمية في السياسة، كما هو الحال في أي علاقة ثنائية.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى