سيدني والمؤسسات الدينية

في اليوم الثاني لوصولي سيدني بعد رحلة قصيرة الى اسكتلندا، عرفت قيمة سيدني واهلها ومناظرها وطقسها الجميل بالرغم من قضائي اسابيع قليلة في بلد اوروبي جميل للغاية، ولكن سيدني –كما يقولون- غير شكل. وما لفت انتباهي هو التغطية الاعلامية لحدثين مهمين حدثا مؤخراً لمؤسستين دينيتين تنتميان الى دينين مختلفين: مسيحية واسلامية.

وبالرغم من تفاوت حجم الكوارث التي تسببت الى العديد من الناس الا ان ما جمعهما هو امران اثنان: الاول التأثير البالغ على الاولاد والثاني .. التغطية الاعلامية. فقد لقي الحدثان الاهتمام الكامل (والمُبالغ به احياناً) من قبل الاعلام الاسترالي مع ان الحدث الاول يختص بجرائم بشعة حدثت لصبيان على يد رجال دين كهنة وموظفين ينتمون الى الكنيسة الكاثوليكية في مقاطعة بالارات في ملبورن منذ عقود ويُلاحق الى يومنا هذا المسؤولين عن الكنيسة حول ما اذا كانوا على علم بهذه الجرائم وهل تعمدوا التغطية عليها وما إذا قدمت الكنيسة اي مساعدات لضحايا الاعتداءات الجنسية الرهيبة والتعذيب والخوف التي تعرض لها حوالي 450 ولداً منذ سبيعينات القرن الماضي ولمدة ثلاث عقود متتالية.

غطت الصحافة حدث استجواب كاردينال كنيسة روما الكاثوليكية، جورج بيل، ومدى معرفته بالجرائم التي ارتكبت آنذاك وقد كان اسقفاً في الكنيسة الكاثوليكية في ملبورن. اضافة الى استجوابه حول الخدمات التي قدمتها الكنيسة (او لم تقدمها في حالتنا هذه) بعد معرفتهم بهذه الارتكابات وخصوصاً بعدما افصح بعض ضحايا الاعتداءات لجورج بيل عن ما كان يجري لهم. وفي الحقيقة، كان هناك تغطية كبيرة للحدث في الايام التي كان فيها الكاردينال يتم استجوابه وكانت هناك تحليلات سياسية وغيرها الكثير من ردود الافعال خصوصاً حول تقصير الكنيسة تجاه ضحايا الاعتداءات الجنسية مما ادى الى تمادي المجرمين وتمادي تأثير الاعتداءات على نفسية وصحة الضحايا مما ادى الى محاولة العديد منهم الانتحار، ومنهم الكثير قد عانى من اضطرابات نفسية وعقلية عديدة اقلها الاحباط النفسي والتوتر الدائم والعزلة وغيرها.

المؤسسة الدينية الكاثوليكية عانت في الاونة الاخيرة من هجوم العامة والصحافة وايضاً اهل القانون.

اما المؤسسة الدينية الاسلامية والجالية الاسلامية فقد عانت الكثير مؤخراً بعد اعلان الدولة الفدرالية الاسترالية سحب المخصصات المالية التي تقدمها الى مدرسة الملك فهد وذلك بعدما ثبت بالادلة والبراهين ان القييمين على ادارة المدرسة وايضاً ما يسمى ب AFIC-Australian Federation of Islamic Councils قد قاموا باستغلال مناصبهم لسرقة هذه الاموال وتحويلها الى جهات عديدة الا الجهة التي من المفترض ان تصلها المساعدات المالية الا وهي .. مدرسة الملك فهد.

وقامت الدنيا ولم تقعد..

صراحة، قامت الصحافة والاعلام الاسترالي بتغطية هذا الحدث بشكل كامل.

وقامت الجالية ولم تقعد ..

لكنها كالبالون المنفوخ جداً، ينتفخ كثيراً كي ينفجر ويذهب سدى.

لم تفلح الجالية الاسلامية في التوحد هذه المرة على الاقل لانقاذ اولاد لا ذنب لهم ومستقبلهم مهدد لان مدرستهم مهددة بالاقفال المحتوم هذه السنة او السنة المقبلة. ومنهم في آخر سنة للثانوية العامة والاقفال يهدد فرصهم في الدخول الى الجامعات او نيل الفرص الجيدة لبناء مستقبل آمن.

صحيح ان المقارنة بين الحدثين هو جائر قليلاً لان الاساءة الى الاولاد في الحدث الاول يفوق آلاف المرات الاساءة الى الاولاد في الحدث الثاني، الا انه وجد صدى كبيراً لدى العامة من الناس ومن الاعلام ولم يبق احداً الا وانتقد هذه الجالية المُقسمة والتي ينخر الفساد في عظام هيكلها وبنيانها.

ولكن بعد سماع اقوال الكاردينال، احد “قادة” الجالية الاسلامية لف رجل على رجل، تنهد وقال: “عنا فساد بالمصاري، اكيد، بس ما باعراض الناس.” لانه في الحقيقة، كان ينقصنا فقط هذا الموضوع حتى تكمل صورة الفساد في جاليتنا الاسلامية وحتى العربية بشكل عام، سواء رضينا ام لم نرضى، وكأنه يوجد تسابق بين المؤسسات الدينية حول مدى الاساءات التي يجوهونها لابناء رعيتهم، وللاسف.

ماذا يجري في مؤسساتنا الدينية؟

هل بدأت قصص الفساد من يوم كشفها ام هي استكمال لما كانوا يقومون به كعرف في المؤسسات ولمدة عشرات السنين _اذا لم يكن اكثر-؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى