أول مذيعة في التلفزيون تكتب عن برنامجها : لم أصدق أن (أم كامل) اسمها :أنور البابا !

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

ببساطة، ودونما مقدمات، أعجبتُ بشخصية المذيعة ومقدمة البرامج، – كحلم أيقظ الشغف عندي منذ المراهقة- سعيت إلى أن أكون مذيعة أخبار سياسية – ربما شخصيي الجادة حددت ذلك، أو أن الطموح والحياة قاداني إلى ذلك.

درست الإعلام في جامعة دمشق، ومارست – مهنة المتاعب المحببة لي- وتدرجت في العمل من محررة إلى معدة برامج، فقارئة تقارير، الى مذيعة في التلفزيون، غير أن اللافت هو اختياري لبرنامج ذي طابع خدمي، بعيداً عن السياسة هو (سلطة الصحافة)، جف حبر البرنامج بعد أكثر من ثمان سنوات تناوب عليه إعلاميون لهم مكانتهم في التلفزيون السوري، وكنت آخرهم.

برنامجي الحالي(كلام الورق)، الذي يحاكي الثقافة والأدب والسينما والتلفزيون (جميل هذا التنوع)، ليتعرف الإنسان على مكامن شخصيته وربما قدراته، بالتأكيد هناك خوف، نمط مختلف، يحتاج لقراءة عميقة، دون خدش حياء النخبة من عدمهم، التحضير للحلقة، سيّما أن آخرين تعاقبوا على تقديمه، وخاصة المذيعة القديرة رشا الكسار.

كان هذا التحدي هو الأصعب لحجز مكانة بين المميزين، وأنا اعشق التحدي، فوافقت على كلام الورق، فريق العمل قوي وفعال، المادة المكتوبة مسبوكة بخيوط مذهبة، بقي أن أقوم بإيصال حبر الورق الى صورة جميلة، أتذكر أول حلقة قدمتها في كلام الورق، لم انم، حفظت الحلقة، بحثت عن أسماء الضيوف وما قدموه، كانت الحلقة الاولى مليئة بالأسماء التي جُلّها لم أكن أعرفها – حقيقة – التلبك انساق على اللباس الذي سأظهر فيه. دخلتُ الاستوديو قبل الهواء بحوالي الساعة تقريبا، أردت أن اتحد بالمكان، وان أتحدث مع الكاميرا، كبادرة حسن نية لنبني علاقة محببة..

مضى الوقت، دخل الضيوف، صافحتهم بأيدي مرتجفة، وابتسامة عريضة، حتى اللحظة لا ادري كيف انتابني احساسان متعاكسان، تبادلنا الترحيب، والابتسامات لكسر الجليد كما يقال، وفي داخلي بركان خفي..

” ثوانٍ ونكون على الهواء”

قالت المخرجة، وضوء الكاميرا شع بالأحمر، وبدأت شارة البرنامج. أخذت شهيقاً وزفيراَ عميقين وقلت : “يا الله…” . لأن المسألة ببساطة، مسؤولية وشهادة النجاح كما الرسوب محررها المتلقي – القابض على الريمونت، ويحتاج لثوان فقط  .. هنا الرهبة.. ممزوجة بالتحدي لنفسي أولا.. مرت الحلقة الأولى بسلاسة، إطراء المعد، كان بمثابة تاج، وكذلك الضيوف.. قلت لنفسي:

ــ برافو زهر، تستطيعين فعل المزيد..

وبعدها توالت الحلقات حتى هذه الدقائق، بالتأكيد الخوف قبل كل حلقة موجود، وإلاّ ما معنى لذّة النجاح، والأكيد ليس كل الحلقات في مستوى واحد، أقله من ناحية التقديم، وهذا طبيعي برأيي…

ــ اقرئي المقدمة جيداً زهر!

جملة بتُّ أعشقها من المعد. ركّزي على أسئلة البيغ بونغ، ايوااه.. زهر.. الله يوفقك قاطعيه، انتقلي الى حلب ، إذا كان هناك حدث بفعل الحرب اللعينة الموجودة،  لديك اتصال.. بقي دقيقة لتختمي.. عبارات انتظر أسبوعا لسماعها بمحبة..

للأمانة الأخلاقية أقول.. اقرأ روايات وكتب، بيد أني بعيدة عن الأفلام وتحديداً القديمة منها.. وهنا أتذكر طرفة في إحدى الحلقات، فكان هناك مشهد لفنان سوري قديم رحل هو أنور البابا بدور (أم كامل). همس المعد في السماعة قائلاً :

ــ أتعرفين من هذا؟

ضحكتْ، فأنا لا أعرف من وراء شخصية أم كامل، فقال : هذا أنور البابا رحمه الله!

وانا خُلته يمزح..

هنا تحديداً أيقنت أن المذيع ومقدم البرامج يجب أن يعرف شيء عن كل شيء، فالهواء مسؤولية، واحترام المتلقي واجب، والعمل على رفع ذائقته الثقافية والأدبية ضرورة.

حقيقة لم أتعرف بعد على معنى الأمومة كواقع، غير أني قاربته في برنامجي (كلام الورق)، فهو من القلب شريانه الأبهر، فحصد المزيد من الخطوات الى الأمام في الحقل الإعلامي، والمهم أيضاً وجود الرقيب الداخلي للمذيع لصقل خبراته، فالعمل الأكاديمي لا يكفي إلاّ بوجود موهبة وطموح وتثقيف مستمر..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى