مفاوضات من وراء …”حجاب”

” عندما يكون الإنسان فارغاً…عليه أن يبذل جهده.”
__________________________________________

لا يبدو أن الحرب في سورية ستطفىء نارها بحيرة جنيف الشهيرة، ولا الإرادتان الروسية والأمريكية… فليس أوان الحل على الأرض في سورية…بعد. إن احتفال المفاوضات ، بجولتها الراهنه ، يخلو من المزايا…

أولها تلك الرائحة التي غالباً ما تبعثها ،وتنبعث منها، النوايا الطيبة. وثانيها نوع حقائب هؤلاء المفاوضين، الذين يأتون فجأة إلى مقاعد تقرير مصير بلد حطمته حرب ليسوا هم من اشعلها تحديداً، ولكنهم يتدفأون بها ، وليسوا هم من يستطيعون إطفاءها…تأكيدا .

وثالث المزايا الافتراضية… قوة التمثيل على الأرض عسكرياً وسياسياً، التمثيل الذي لم يعبر عنه أبداً وجود المعارضة في الداخل، في المناطق المسيطر عليها، كإدلب وشمال حلب وجنوب سورية. كما ان التطورات العسكرية، في الميدان، لم تصبّ أبداً في طواحينهم.

إذن…كأن السؤال الجدير بالطرح: لم يتعثرجماعة الرياض ، بصورة غير مفهومة ، بشروطهم ، رغم أن الرياض وحدها لا تكفي لتعظيم “رياض”ـ حجاب طبعاـً بحيث يقول لكيري :عندي شروط. وفي السياق يبدو رياض حجاب، وكأنه أتى إلى من تركهم (الحكومة السورية) لكي يعيدوه إلى أقل من منصبه الافتراضي القادم (ليس رئيس وزراء بالتأكيد).

التعثر آتٍ من تلك اللازمة العتيقة للسعودية، نحن سنبدل النظام والأسد بالمفاوضات او بالسلاح. وقد كان كل الرهان على كلام قديم للإدارة الأمريكية،استعيد مرات ولكن بذاكرة خربة لا تجيد فرز المراحل. وضمناًكذلك… التجاهل الغريب لمعطيات من مثل: أن تنام سورية على هدير طائرات ميغ عتيقة في سلاح الجو السوري، وتستيقظ على هدير القاذفات الروسية، والصواريخ الجوالة، وقنابل ارتجاج الأنفاق. وبموافقة أمريكية ، حتما ً، ضمناً ، أو علناً.

أظن أن مؤتمر جنيف هو بروفات لبلورة الحل السوري الذي سيناسب الجميع في نهاية المطاف: الروس، والأمريكان، والإيرانيين، وحتى السعودية، الحل الذي يناسب النظام السوري، والمعارضة السورية…

ولكن هذه البروفات طويلة، متعددة الأوجه والأهداف الوسيطة. ولكنها لن تأتي بنتائج سريعة قبل نهاية واضحة لكل الاجسام الاساسية لمسلحي المناطق الخطرة على أمن البلاد اللاحق. مثل إدلب. الرقة. دير الزور. تدمر. جنوب سورية. وأعني، بالنهاية،ان يجري الاعتراف “باليأس العاقل” من العملية الحربية التي خيضت ضد النظام لإسقاطه والحلول محله… يأس المحاربين والداعمين. وفي مثل هذه الحالات يأتي الانهيار سريعاً ولا يحتاج إلى يوميات قتال معاندة.

أظن أن الروس أعلنوا استمرارهم في ضرب الإرهاب، وليس ضرورياً أن تمر الطائرات فوق قاعات المؤتمر في جنيف.

ان ما ينبغي فرضه أثناء هذه البروفات هو معالجة فعّالة للقضايا الإنسانية الملحة، داخل البلد. لأن البروفات التي ذكرناها طويلة للأسف.

ثمة شيء مخجل طبعاً هو حوار الوفود بغرف منفصلة…لا لقاء، ولا سلام، ولا تطبيع، ولا حلويات لأفواههم المرّة.

غريب…

العرب فاوضوا الإسرائيليين وجهاً لوجه.

أما السوريون…فمن وراء “حجاب” !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى