نداء الى الإدارة الأميركية

تناقلت وكالات الانباء خبراً مؤداه ان الرئيس الاميركي يعتزم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مما أثار قلقاً عميقاً لدى كافة الاوساط الرسمية وغير الرسمية من التداعيات الخطيرة ان أقدمت الإدارة الأميركية على هذه الخطوة.

ان منتدى الفكر العربي، الذي يضمّ نخبة فكريه وثقافيه تؤمن بحق الاختلاف والتنوع وتلتزم المعايير الأخلاقية والقانونية في السلوك والتعامل بين الشعوب والدول، يعبّر عن استهجانه الشديد ان تحققت هذه التقارير، ومناط استهجانه ان الولايات المتحدة الأميركية هي من قاد صناعة القانون الدولي الانساني اعتباراً من “مدونة ليبر” والتي صاغها الرئيس ابراهام لينكولن اثناء الحرب الأهلية الأميركية. ويستذكر المنتدى الموقف الرسمي الاميركي الثابت من قضية القدس من أنها أرض محتله وانها بهذه الصفة لا يجوز تغيير وضعها القانوني الاّ باتفاق بين اطراف النزاع.

ان الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال هو قلب لكل مبادئ القانون الدولي وانتهاك صريح لها تصريحاً بل انها خطوة تعتبر تشريعاً يأذن بالسماح لاكتساب اراضي الغير بالقوة، وستكون بالتالي سابقة تؤسس للإخلال بالأمن والنظام الدوليين، والذي جاء ميثاق هيئة الامم المتحدة لصيانتها والدفاع عنها.

ان المنتدى يستذكر ليس فقط قرارات الامم المتحدة الخاصة بالقدس، سواء ما صدر عن الجمعية العامة او عن مجلس الامن، والتي جميعها تؤكد على وضع القدس القانوني واعتبارها “ارضاً محتله” وبالتالي لا يجوز تغيير وضعها بتصرفات منفرده، بل يستذكر كذلك ان العنوان الاسمى لهذا الوضع هو ما اكدته محكمة العدل الدولية في الفتوى القانونية الصادرة في قضية الجدار بتاريخ 9/7/2004. والذي قالت فيه ان الاراضي التي احتلتها اسرائيل في العام 1967 هي “اراض محتله وكان لإسرائيل فيها وضع السلطة القائمة بالاحتلال… وجميع هذه الاراضي (بما فيها القدس الشرقية) مازالت اراض محتله …” (الفقرة 78)

ولابدّ من التذكير ان القدس تتمتع بوضع ديني وتراثي للديانات الثلاث، وان الولايات المتحدة الأميركية سوف تخالف قانونها الوطني ان هي اقدمت على الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال. فقد نصت المادة (405) من قانون الحرب البريه (FM 27-10) من “ان املاك البلديات وتلك التي لمؤسسات دينيه او خيريه او تعليميه وللآداب والعلوم، حتى أملاك الدولة، جميعها تعامل كأنها املاك خاصه. ان الاستيلاء او تدمير او الاضرار بقصد لمؤسسات مثل هذه او لأثار تاريخيه او اعمال فنيه او علميه، محرمه وستكون خاضعه لإجراءات قانونيه”. إن الاقدام على الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال هو انتهاك واضح لقانونها الوطني لأن الاعتراف سوف يطلق يد سلطة الاحتلال في الاستيلاء على وتدمير كل التراث والمؤسسات التاريخية والدينية للديانتين المسيحية والإسلامية وكذلك المؤسسات التعليمة سيما وان اسرائيل لازالت تعمل لتغيير معالم المدينة المقدسة الديموغرافية والجغرافية ولم يكن بناء المستوطنات فيها وحولها وكذلك بناء الجدار الذي ادانته المحكمة الدولية الاّ لأحداث هذه التغييرات، ومشروع القانون المقدم مؤخراً الى الكنيست الاسرائيلي والذي يعتزم ضمّ مستوطنات إسرائيلية الى القدس واستثناء ضواحي عربيه منها هو تأكيد على هذه السياسة العدوانية والعنصرية.

ان منتدى الفكر العربي، وباسم رئيسه سمو الامير الحسن بن طلال، يهيب بكل المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني واصحاب الراي ان يرفعوا اصواتهم مطالبين الولايات المتحدة الأميركية التقيّد والالتزام بمبادئ القانون التي هي ارست دعائمه على المستويين الوطني والدولي، والالتزام بالقانون هو البديل الحضاري لعمليات الارهاب وانتهاك الحقوق.

منتدى الفكر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى