صورة عائلة نصري : السوريون والعائلة والحرب!

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة

فاجأ الحقوقي السوري المعروف حسان نصري أصدقاءه على صفحات التواصل الاجتماعي، الفيس بوك، بنشر صورة جميلة يحتشد فيها العشرات من مختلف الأجيال في عائلة واحدة، وكَتب تحتها : عائلة نصري!

وتثير هذه الصورة عن (عائلة نصري) أسئلة كثيرة تتعلق بالعائلة السورية بشكل عام، فقد عرف السوريون، أو على نحو أدق عرفت بلاد الشام، مفهوم العائلة انطلاقا من مفهوم الشجرة التي لها جذور، وتمتد داخل أرض الوطن أو تذهب إلى خارجه، وقد ظهر عند العرب بهذا الخصوص علم الأنساب، ويعتبر من العلوم والمعارف الهامة التي كتب فيها الكثير، ومن أبرز الكتب على هذا الصعيد كتاب : جمهرة أنساب العرب لابن حزم ، وقد غصت المكتبة التراثية العربية بعشرات الكتب التي تهتم بالنسب ، وتعتبره من صلب الهوية العربية، وقد رسخه الدين الإسلامي ، وخاصة في دفعه نحو صلة الرحم .

وفي سورية، هناك عائلات كثيرة تهتم بهذا العرف الاجتماعي السكاني، ويمكن التعرف على أسر كثيرة تسجل أسماء الآباء والجدود وآباء الجدود وجدود الجدود حتى تصل إلى نسب الشجرة، وفي كثير من أشجار العائلات السورية نسب يعود إلى آل بيت الرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلم .

وفي بيوت دمشق العشرات من أشجار النسب تحفظ وتؤطر وتعلق على الجدران، وتضاف إليها معلومات جديدة عاما بعد عام، وجيلا بعد جيل،  ومن أبرز الأشجار المعروفة في العائلات الدمشقية : عائلات الأشراف ، وقد ظهر منها تاريخيا مايعرفون بنقباء أشراف الشام، وقد تعرفتُ على واحد منهم قبل وفاته ، وهو محمد سعيد الحمزاوي نقيب أشراف الشام .

وفي هذه الأيام، يبدو الحديث عن العائلة في الحرب السورية من الموضوعات الجميلة والمحزنة معا، فقد شتت الحرب الأسرة السورية، وهي أصغر من العائلة، ومن غرائب المآسي التي تركتها الحرب على أفراد هذه الأسرة هو انتشار أفرادها في بقاع الأرض، وكأنها أصيبت بلعنة:

ــ هناك من ظل في الوطن برعاية الدولة السورية القائمة.

ــ هناك من يتواجد في أماكن تواجد المعارضة.؟

ــ هناك من يعيش في مخيمات اللجوء.

هناك من هو في أوروبا ، أو أستراليا أو كندا ، وربما في الصين .

وأعرف نموذجا من هذا النوع ، ظل الأب في دمشق، وتوزعت الأسرة في استانبول، وألمانيا، وبلجيكا، وهولندا، وأستراليا .. وقد استجدت على طبيعة الأسرة مسائل كثيرة من بينها الزواج من أوربيات ، وزواج فتاة من الأسرة من أحد الفرنسيين ، وهكذا، وكأن حياة السوريين ترسم دراما فراق وشتات أكبر بكثير مما عاشته شعوب الأرض الأخرى..

إنها سردية مخيفة من الشتات، لم يدقق بها الباحثون جيدا، ومع ذلك تنشر دراسات عن أعداد هذه المجموعات البشرية التي غزت العالم ، بحيث يرجح أن يكون نصف سكان سورية قد توزعوا في أرجاء دول العالم!

وتأتي صورة آل نصري، لتقدم شعورا عاما، بأن على السوريين أن يجتمعوا، وأن أول خطوة في جمع الشمل هي في سورية، تحت عنوان وحيد أن كل الأرض لاتوازي شجرة يجتمع تحتها الأهل في أرض الوطن !

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى