كلمة في الزحام

مهرجان الرداءة

أنا وصديقي “كمال”، قررنا إنشاء جائزة أسبوعية تُمنح لأسوأ عمل صحفي أو أدبي أو فني وقع إنجازه على امتداد العالم العربي.

لم نجعل الجائزة شهرية أو فصلية أو سنوية بل أحببنا أن تكون أسبوعية ترصد كل ما تم “إبداعه” من رداءة طيلة أسبوع فيما يشبه جائزة سعيد عقل، الشعرية في لبنان أواخر حياته، ولكن بالعكس: أحببنا أن نحتفي بالرداءة كأفضل ما يكون الاحتفاء.

هي تشبه في ظاهرها، جائزة التوتة الذهبية المعروفة، والتي تعطى لأسوأ فيلم وأسوأ ممثلين وكان أنشأها عام 1981 الصحافي الأميركي جون ويلسون.

بدأنا أنا وصديقي بتعداد المرشحين لهذه الجائزة ـ وما أكثرهم ـ على امتداد العالم العربي، وتخيلنا حجم المنافسة الشديدة إلى درجة أن الجائزة قد تذهب مناصفة بين أكثر من مبدع رديئ، ويصعب حجبها في أي دورة من الدورات.

الرداءة تملأ بلداننا، لذلك من حقها علينا أن نخصص لها جائزة بل ونستثمر فيها دون أن نشجع عليها بطبيعة الحال.. إنها معادلة صعبة أليس كذلك؟.

” لا ليست صعبة على الإطلاق بل يمكن لهذا المشروع أن يدرّ عليكما الأرباح” قال رجل الأعمال الذي يجلس إلى طاولة قريبة منا، وفاجأنا بأنه كان يسترق السمع إلى حديثنا وضحكاتنا ونحن نذكر في كل مرة اسم أحد المرشحين أو المرشحات لنيل الجائزة، وكيف علينا أن نتحلى بالنزاهة ولا ندع أي مجال للمحاباة والتحيز أو حتى الرشاوى.

ـ أنا جاهز لتمويل المشروع. قال رجل الأعمال الذي دعانا إلى طاولته بكل لطف، وبدأ يشرح جدوى هذا المشروع الذي من شأنه أن يجذب “السبونسورينغ” فيما لو نُظم بشكل جيد ورصدت له جوائز مالية معتبرة، وأصبح، عندئذ، مبدعون حقيقيون يتنافسون على الفوز بالجائزة الذهبية للرداءة.

وبصرف النظر عن مدى جدية هذه الشطحات التي تحلق فوق رأسي كل صباح، فإني انتبهت إلى توثب رجل الأعمال هذا واصطياده لكل فكرة عابرة حتى وإن كانت تبدو سوريالية.

هي روح المغامرة ـ وليست المقامرة ـ تلك التي ينبغي أن تكون عليه العلاقة التكاملية بين غني يُعرف كرجل أعمال وصاحب أفكار بات يُصنف ك”رجل إهمال”.

أما الأهم فهو الإقدام برباطة جأش كما في قصة الملياردير أوناسيس، الذي قال لبائع الكعك وهو يُخرج من جيبه ليرة ذهبية و يقول: اختر وجها للعملة، وإن كسبت الرهان أخذت كل ما في جيوبي من مال و لكن إن خسرت تترك الكعك لي و تمشي ما رأيك؟

البائع: يا سيدي.. أنا رجل فقير، إن خسرت الكعك فلن أُطعم عائلتي اليوم.. دعني من هذا الرهان واشتر مني أرجوك.

الملياردير: ولدت بائعاً للكعك.. و ستموت بائعاً للكعك.. اذهب من هنا لن اشتري منك شيئا.

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى