تحليلات سياسيةسلايد

مُستشار الأمن القومي الأمريكي يتعهّد بالدّفاع عن الأراضي السعوديّة ضدّ التّهديدات “كافّة” والدّفع نحو حلٍّ سياسيٍّ في اليمن.. لماذا لا نُصَدِّقه في الحالين؟

التّصريحات التي أدلى بها جيك سوليفان مُستشار الأمن القومي الأمريكي بعد لقائه بالأمير محمد بن سلمان وليّ عهد المملكة في نيوم يوم أمس تبدو غريبةً ومُتناقضةً وغير مُقنعة، خاصَّةً تلك التي تحدّث فيها عن استِعداد بلاده للدّفاع عن الأراضي السعوديّة ضدّ التّهديدات “كافّة”، والدّفع نحو حلٍّ سياسيٍّ لإنهاء النّزاع في اليمن.

نقول تصريحات مُتناقضة لأنّ بلاده أيّ أمريكا، سحبت جميع بطاريّات صواريخ “باتريوت” و”ثاد” من المملكة، فكيف ستُدافِع عنها في مُواجهة الصّواريخ الباليستيّة والطّائرات المُسيّرة الحوثيّة المُلغّمة التي باتت تُغير على المملكة بشَكلٍ شِبه يوميّ؟

السّلطات السعوديّة ردّت على هذه الخطوة الأمريكيّة بسحب الصّواريخ برفض استقبال لويد اوستن، وزير الدّفاع الأمريكي، الذي كان يقوم بجَولةٍ خليجيّة احتِجاجًا، وزيارة سوليفان هذه جاءت بديلة، ولمُحاولة امتِصاص الغضب السّعودي بإطلاق تصريحات عامّة ليس لها أيّ قيمة عمليّة على الأرض.

النّقطة الأُخرى التي تستحق التوقّف عندها حديث سوليفان ووعوده بالدّفع نحو حلٍّ سياسيٍّ لإنهاء “النّزاع” في اليمن حسب وصفه، وهو وَعدٌ لم يتحقّق على مدى سبع سنوات من عُمر هذا “النّزاع”، وفشلت خِلالها كُلّ الحُلول الأمريكيّة العسكريّة أو السياسيّة، وباتت كُل أوراق الحَل في أيدي تحالف حركة أنصار الله الحوثيّة بعد انسِحاب الإمارات، واتّساع دائرة سيطرتها على الأراضي اليمنيّة، وتفاقم خسائر التّحالف السعودي.

السّلطات السعوديّة تُريد إنهاء الحرب في اليمن التي كلّفتها مِئات المِليارات من الدّولارات، ولكن دُون وجود أيّ استِعداد بالاعتِراف بالهزيمة في ميادين المُواجهات، وحُدوث تغيير في موازين القِوى لمصلحة الحوثيين وتحالفهم.

التقدّم الكبير الذي حقّقته قوّات أنصار الله في ميادين القِتال باستِعادتها مُحافظة البيضاء كاملةً، وثلاث مُديريّات في شبوة دُون قِتال، بحيث باتت تُسيطِر على 80 بالمِئة من مأرب، باستِثناء مديريّة وسط المدينة وجبل مراد والجوبة مُفتاح الطّريق إلى قلبها، وتدور معارك طاحنة حاليًّا لاستِعادة هذه المُديريّة (الجويّة) الاستراتيجيّة.

السّيطرة على مأرب يُعتَبر هدفًا استراتيجيًّا أساسيًّا لحركة أنصار الله، بسبب رمزيّتها التاريخيّة، ومكانتها كعاصمة للتّحالف السعودي والحُكومة “الشرعيّة” في اليمن، والأهم من ذلك وجود احتِياطات النّفط والغاز فيها، حيث تُعاني 12 مُحافظة يمنيّة حاليًّا من انقِطاع الكهرباء لعدم وجود المازوت اللّازم لتشغيل محطّات الكهرباء فيها.

سوليفان مُستشار الأمن القومي الأمريكي يبيع وعودًا وهميّةً لحُلفائه في الدّول التي زارها وهي مِصر (سدّ النهضة)، والإمارات (التصدّي لإيران)، والسعوديّة (مُواجهة التّهديدات الحوثيّة الصاروخيّة)، فالأولويّات الأمريكية تغيّرت، والانسِحاب الأمريكي من الشّرق الأوسط برمّته بات حقيقة، ولكن من المُؤسِف أنّ هُناك من العرب ما زال يشتري هذه الوعود الأمريكيّة الوهميّة الكاذبة ويدفَع ثمنها عشرات المِليارات من الدّولارات.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى