نموذج اقتصادي إلكتروني لمساعدة الأسر الإماراتية على ترشيد إنفاقها (مروة كريدية)

مروة كريدية

 

في أول ردود الفعل على قرار وزارة الاقتصاد الاماراتية رغبتها في اطلاق نموذج اقتصادي إلكتروني لمساعدة الأسر على ترشيد إنفاقها، أكد خبراء واقتصاديون انها خطوة ضرورية لضمان استدامة الموارد المالية المتاحة للعائلات من خلال التناسب بين حجم المدخول والمصروفات.
أبدى العديد من المواطنين الإماراتيين ترحيبهم بفكرة وزارة الاقتصاد الإماراتية معتبرينها خطوة ايجابية تساهم في الحد من الاقراض الشخصي المتنامي عبر البنوك، حيث تشير احصاءات البنك المركزي الى ان القيمة الإجمالية للقروض الشخصية للمواطنين تجاوزت 48 مليار درهم في العام المنصرم، اي ما يعادل نحو 20% من إجمالي قيمة القروض الشخصية التي قدمتها البنوك العاملة في الدولة.
وتعد هذه الخطوة استكمالا لسياسة الدولة الاقتصادية القاضية بمعالجة كل قضايا القروض الشخصية المتعثرة، حيث كان الرئيس الاماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان قد امر في اواسط مايو/أيار الماضي بتسوية كل ديون المواطنين الشخصية والتي تقل عن خمسة ملايين درهم عبر جداول تسديد حددتها المحاكم.
من جانب آخر، اظهرت إحصاءات المصرف المركزي أن البنوك العاملة في الدولة واصلت توسعها بشكل كبير في منح القروض الشخصية خلال العام الحالي، وسجلت مستوى قياسياً، حيث ارتفعت القروض الشخصية إلى 259.2 مليار درهم في نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، وبلغت أعلى مستوى لها منذ أكثر من 4 سنوات مقابل 256.3 مليار درهم بنهاية مايو الماضي.
انريك باسيل باحث اقتصادي قال لـ "إيلاف": "ان مشروع "النموذج اقتصادي إلكتروني لإنفاق الأسرة" من شأنه ان يساعد الافراد على تحاشي الافراط في الانفاق الترفيهي وترتيب الاولويات، حيث ان الدراسة تعتمد على تطور الدخل القومي الإماراتي ومكوناته لفترة 15 عاما لحساب الميل الحدي للاستهلاك"، معتبرا ان المشكل يكمن في الاقتراض من اجل "اقتناء سيارة " او "السياحة " او " حفلات الزواج"، وغالبا ما يكون ذلك على حساب الحاجيات الضرورية كالتعليم والطبابة والسكن.
واعتبر باسيل ان المؤسسات الرسمية ذات الصلة تبذل جهودا جبارة لاحتواء الديون الشخصية المتعثرة، مشيرا الى ان المبالغ المستحقة بلغت حوالى 68.8 مليون درهم في العام الماضي فقط، فيما بلغت مديونيات المواطنين الذين شملهم رئيس الدولة بتسوية مديونياتهم 568 مليون درهم.
مؤكدا ان خطوة اللجنة العليا لحماية المستهلك خطوة استدراكية ضرورية لحث الافراد على التصرف الواعي حيال احتياجاتهم. وعن سبب توسع البنوك في الاقراض قالت حصة محمد المسؤولة عن وحدة البطاقات الائتمانية في احد البنوك المحلية لـ "إيلاف": "ان ذلك يعود الى توافر السيولة وانخفاض تكلفة الأموال في ظل انخفاض أسعار الفائدة على الودائع بين البنوك وزيادة حدة التنافس بين البنوك على منح القروض الشخصية.
وأشارت إلى أنّ القروض التي منحتها البنوك خلال شهر يونيو فقط بلغ 2.9 مليار درهم بمعدل شهري قياسي هو الأعلى منذ سنوات عدة، حيث كان إجمالي القروض الشخصية 252.1 مليار درهم بنهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، فبلغ حجم القروض التي منحتها البنوك خلال 6 شهور الأولى من 2012 نحو 7.1 مليار درهم بنمو شهري بلغ 1.1 ٪، وفي 6 شهور بلغ 2.8 ٪.
حصة نوهت بعمل اللجنة العليا لحماية المستهلك، مشيرة الى انه "نابع من المسؤولية المجتمعية الملقاة على عاتقها ودورها التثقيفي في حماية الافراد من الوقوع في فخ المديونية"، معتبرة انها جزء من "استراتيجية المؤسسات الرسمية الرامية الى مساعدة المواطن على العيش بشكل كريم من دون تبذير والمساهمة في دفعه للادخار وتحقيق التنمية".
محمد الزعابي يعمل في الشؤون المصرفية للافراد، ويعيل اسرة مكونة من 8 أفراد، قال لـ "إيلاف": "ان فئة الشباب ممن ولدوا بعد الطفرة الاقتصادية هم الشريحة الاكثر اقتراضًا من اجل الترفيه"، مشيرا الى ان جيل الكهول والشيوخ ممن واكبوا قيام الدولة وعاشوا مراحل شظف العيش قبل النفط يتصرفون بحكمة حيال مداخيلهم و مدخراتهم".
ورحب الزعابي بخطوة "النموذج الالكتروني لترشيد الانفاق"، مشيرا الى ان قرار لجنة الديون المتعثرة لم تكن لحث المستدينين على المزيد من الإنفاق والاستهلاك والاقتراض من البنوك أو لحل مشاكلهم المادية بدلا منهم، بل من اجل وضع المواطن على الطريق السليم للانطلاق في الحياة العملية والتنمية من جديد، وهي المرحلة الاولى للنهوض بالمجتمع نحو مزيد من الوعي وترتيب احتياجاته.
وكانت وزارة الاقتصاد قد اعلنت امس على لسان هاشم النعيمي مدير إدارة حماية المستهلك في الوزارة عن عزمها اطلاق مشروع نموذج اقتصادي إلكتروني لإنفاق الأسرة يهدف الى مساعدتها على ترشيد إنفاقها وضمان استدامة الموارد المالية المتاحة والمواءمة بين حجم الدخول والإنفاق عبر ترشيد الإنفاق الاستهلاكي واستبعاد الإنفاق الترفي -الذي يتم من خلال القروض الاستهلاكية- ورفع معدلات الادخار التي يمكن استثمارها لمصلحة عملية التنمية.
وقال النعيمي :"ان خفض استهلاك فئات الدخل المحدود من الحاجيات والضروريات لا يؤدي إلى زيادة المدخرات، بل إن العكس هو الصحيح، لأن عدم الوفاء بحاجات الإنسان الضرورية ينجم منه ضعف القدرة، فينخفض الناتج الذي هو مصدر الادخار والاستهلاك، وينخفض بالتالي الاستهلاك أو الادخار أو كلاهما، ما يؤدى الى مزيد من ضعف القدرة على الإنتاج، ومن ثم يتناقص مع الادخار".
وأظهرت نتائج الدراسة التي اعتمدت على استبيان ميداني أجرته الوزارة على شرائح مختلفة في مناطق عديدة من الدولة، أن نسبة الادخار تختلف من أسرة إلى أخرى وفقاً لعدد أفراد الأسرة ومستوى المعيشة والإمارة التي يقطنون فيها، حيث إن النتائج الأولية للدراسة تطابقت مع نتائج الاستبيان الميداني بنسبة 95%.
وتناولت الدراسة الميل الحدي للاستهلاك وللادخار والأرقام القياسية للأسعار ومستويات المعيشة في كل إمارة، بالنظر إلى عدد أفراد الأسرة وأعمارهم، وعلى ضوء كل المتغيرات الاقتصادية تم إعداد نموذج اقتصادي يعتمد على الاقتصاد القياسي في حساب هذه المعادلة، المتغيرة بتغير المعطيات الاقتصادية، بحيث يستطيع المستهلك إدخال دخله الشهري وعدد أفراد الأسرة وفي أي إمارة يقيم، ومن ثم تحتسب اوجه الإنفاق، من خلال قائمة بقيمة الإنفاق على الأغذية والملابس والسكن والخدمات الصحية والنقل والاتصالات وغيرها من المصاريف.

موقع إيلاف الإلكتروني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى