تحليلات سياسيةسلايد

هل ستُؤدِّي عمليّة خطف الجِنرال الإيراني المُتقاعد إلى حرب اغتِيالات بين تل أبيب وطِهران؟

إقدام عُملاء لجهاز المُخابرات الخارجيّة الإسرائيليّة “الموساد” قبل أُسبوعين على خطف جِنرال إيراني مُتقاعد يحمل اسمًا مُستعارًا (صبري) بعد مُغادرته منزله في دِمشق للتّحقيق معه بحثًا عن معلوماتِ عن الطيّار الإسرائيلي آرون آراد الذي جرى أسره بعد إسقاط طائرته في لبنان في الثّمانينات من القرن الماضي، قد يقود إلى إشعال فتيل حرب اغتِيالات خطيرة بين البلدين، أيّ إيران ودولة الاحتِلال الإسرائيلي في الأشْهُر القادمة.

المعلومات المُتوفّرة لدى صحيفة “رأي اليوم” تقول إنّ وحدة سريّة تابعة للموساد راقبت الجِنرال الذي كان يُقيم قرب السّفارة الإيرانيّة في دِمشق لعدّة أشْهُر، ونصبت له كمينًا من أربعة أشخاص قُرب منزله، ادّعوا أنّهم يقومون بإصلاح شاحنة، وعندما اقتَرب منهم وهو يُمارس هواية الرّكض، هاجمه العُملاء الأربعة، وخدّروه ووضعوه في صندوق، ونقلوه في الشّاحنة نفسها إلى مَكانٍ مجهول.

كشفت مصادر وثيقة أنّ الجِنرال المُتقاعد الذي كان أحد القادة العسكريين في فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وأشرف على تدريب عناصر من “حزب الله” في بداية تأسيسه جرى التّحقيق معه من قِبَل جهاز الموساد في السّفارة الإسرائيليّة في ساحِل العاج، وليس جنوب إفريقيا مثلما نشرت بعض الصّحف، وعندما لم يَعثُر المُحقّقون على أيّ معلومات لديه حول الطيّار المذكور، وما إذا كان حيًّا أو ميّتًا، جرى إطلاق سِراحه بعد تزويده بأرقامِ سفارة بلاده في العاصمة العاجيّة.

إيران التزمَت الصّمت، ولكن يسود اعتِقاد في أوساط الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة حسب ما جرى نشره في الصّحف ومحطّات التّلفزة العبريّة، إن ردّها على عمليّة الاختِطاف هذه جاء سريعًا من خِلال تجنيد شاب من أذربيجان يحمل الجنسيّة الروسيّة، وعُمره 38 عامًا، للقِيام بعمليّة اغتِيال للعديد من رجال الأعمال الإسرائيليين المُقيمين في قبرص ومن بينهم مِلياردير إسرائيلي معروف.

الشّاب المُعتَقل يُعتَقد أنّه ينتمي إلى أحد “المافيات” الروسيّة، وجرى العُثور على مُسدّس مُجَهّز بكاتمٍ للصّوت، وعدد من الرّصاصات في سيّارته أثناء اعتِقاله من قِبَل البوليس القُبرصي، ويجري التّحقيق معه حاليًّا وسط حالة من التكتّم الشّديد.

إذا صحّت هذه الرواية الإسرائيليّة حول الاتّهامات الإيرانيّة، والرّبط بين عمليّة الاغتِيال “المزعومة”، وخطف الموساد للجِنرال الإيراني المُتقاعد وهو يُمارس رياضة الرّكض اليوميّة قُرب منزله، فإنّ هذا يعني أنّنا أمام حرب اغتِيالات ربّما تكون أكثر شراسةً من حرب السّفن بين إيران ودولة الاحتِلال الإسرائيلي، وستكون الغلبة لإيران فيها تمامًا مثلما كان عليه الحال في حرب السّفن لما لها من خبرةٍ عميقةٍ في هذا المَيدان.

الصّحافة العبريّة تتحدّث عن إعلان حالة الطّوارئ في السّفارات والقنصليّات الإسرائيليّة، في العالم تَحَسُّبًا لهجماتٍ يُقدِم عليها أعضاء في خلايا “فدائيّة” إيرانيّة، أو حليفة، ممّا يُؤكّد أنّ حرب الاغتِيالات هذه ربّما باتت وشيكة، ولعلّ حالة الارتِباك والقلق التي تسود الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة في الأُسبوعين الماضيين، وما زالت مُستَمرّة، أحد أبرز الأدلّة في هذا المِضمار.

حرب الاغتِيالات والهجمات التي قد تستهدف سفاراتها ومُؤسّساتها في الخارج واحدة من أخطر التّهديدات للدّولة العبريّة ومُواطنيها، خاصَّةً إذا صحّت الاتّهامات بأنّ إيران أشعلت فتيلها أوّلًا، وإذا عُدنا إلى مَرحلةِ السّبعينات والثّمانينات من القرن الماضي، عندما لجأت مُنظّمات فِلسطينيّة مُتشدّدة إلى هذا الخِيار، فإنّ الصّورة تبدو قاتمةً جدًّا، حيث تحوّلت هذه السّفارات والمُؤسّسات التجاريّة والطّائرات في أوروبا ومطاراتها، وقارّات أُخرى، إلى سلسلة من الهجمات الدمويّة، رُغم تحوّلها إلى ثكناتٍ عسكريّةٍ وإجراءات حِماية أمنيّة غير مسبوقة.

نفتالي بينيت رئيس الوزراء الإسرائيلي اعترف “مُتباهيًا” بأنّ جِهاز “الموساد” هو الذي بادر بالإقدام على هذا العمل “الاستِفزازي” الفاشِل ضدّ إيران، وأوحى بخطف جِنرالها المُتقاعِد، والمُتقدّم في السّن، وربّما يكون ثمن هذا الاستِفزاز باهظًا جدًّا، ولعلّ حالة الرّعب التي تسود الجالية الإسرائيليّة في قبرص، وهي كبيرة، وتملك شركات ضخمة، بعد كشف تفاصيل عمليّة الاغتِيال المزعومة، هي البِداية.. واللُه أعلم..

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى