تحليلات سياسيةسلايد

هل ينهي القانون رقم 4 لسنة 2012 أزمة ليبيا السياسية؟

أصدر 58 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة في ليبيا الثلاثاء بيانا موجها إلى الشعب الليبي أوضحوا فيه وجهة نظرهم حول أزمة الانسداد السياسي التي تشهدها البلاد منذ نهاية العام الماضي.

وكشف الأعضاء عما يرون أنه الحل للأزمة، من خلال “إجراء انتخابات تشريعية في المرحلة الأولى، تفضي إلى برلمان تنبثق عنه حكومة”، على أن تكون المهمة الأساسية للبرلمان الجديد هي “إنجاز الاستحقاق الدستوري وإجراء الانتخابات الرئاسية”.

وجاء في بيان أعضاء مجلس الدولة أنه “بالإمكان إجراء الانتخابات التشريعية بناء على القانون رقم 4 لسنة 2012 والصادر عن المجلس الوطني الانتقالي، دون الحاجة إلى اعتماد قانون جديد، أو قاعدة دستورية”.

وهذا المدخل القانوني إذا جرى اعتماده يمكن أن ينهي السجالات والتجاذبات السياسية حول قانون الانتخابات والقاعدة الدستورية ويمكن من كسب الوقت. واقترح الأعضاء الـ58 إجراء الانتخابات التشريعية “قبل نهاية العام الحالي إن أمكن”، مع ترك هذا الأمر للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، من أجل “تحديد الموعد المناسب لإجرائها”.

ويعتبر هذا البيان تبرئة ذمة في ظل حالة الانسداد واستمرار صراع النفوذ والشرعية بين سلطتين متنافستين (حكومة الدبيبة وحكومة باشاغا). وقالوا إن هذا المقترح “يعد اجتهادا منهم في سبيل الخروج من حالة الانسداد السياسي”.

ونتج عن فشل الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، صراع بدأ بعد تكليف مجلس النواب في فبراير/شباط الماضي حكومة جديدة يرأسها وزير الداخلية الأسبق فتحي باشاغا، فيما رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة مجادلا بأن سلطته هي الشرعية وانه لن يسلمها إلا لحكومة منتخبة.

أظهرت الاشتباكات الأخيرة في العاصمة الليبية طرابلس حدود الإمكانيات العسكرية لرئيس الحكومة الليبية المعين من البرلمان فتحي باشاغا والذي سبق له أن تولى منصب وزير الداخلية في عهد حكومة الوفاق السابقة (حكومة فايز السراج).

وفشل باشاغا مجددا في اقتحام طرابلس ليخسر بذلك الرهان للمرة الثانية على قلب المعادلة القائمة أو حكومة الأمر الواقع ما يعزز وفق خبراء وسياسيين ليبيين مقاربة الحوار الوطني والمصالحة سبيلا لإنهاء الأزمة والعمل على بناء الدولة بالتوافقات لا بالسلاح.

ونقلت وكالة ‘سبوتنيك’ في تقرير لها اليوم الثلاثاء عن خبراء ومراقبين ليبيين قولهم إن معركة طرابلس الأخيرة أظهرت حدود صراع النفوذ لكل من الطرفين (باشاغا والدبيبة).

وبحسب المصدر ذاته حمل صلاح البكوش المحلل السياسي والمستشار السابق للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا، رئيسي مجلس النواب والمجلس الأعلى عقيلة صالح وخالد المشري المسؤولية عن تدهور الأوضاع، مشيرا إلى أنهما وبعد انتهاء ولايتهما، لم يتوصلا إلى القاعدة الدستورية ومتطلبات المرحلة من قوانين انتخابية وغيرها من الاجراءات ذات الصلة لإجراء الانتخابات، ما أبقى ليبيا في حالة من الانسداد السياسي.

وفي تقييمه لمسار المعركة الأخيرة ولموازين القوى فيها، أشار إلى أنه “كان من الواضح، وخاصة فشل باشاغا في دخول طرابلس خلال الأشهر الست الماضية منذ تعيينه من قبل البرلمان والفشل المدوي لقواته قبل أيام وهزيمتها خلال 24 ساعة، دليل على امتلاك قوات الدبيبة تفوقا واضحا”.

واعتبر أنه “لا توجد في ليبيا قوى سياسية مقبولة، لكن هناك اعتقاد شائع بقوة بين الليبيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والقبلية والجهوية أن الطبقة السياسية، قد خذلتهم وأنه يجب إزاحة جميع الأجسام السياسية المتواجدة الآن ومعظمهم يرى في الانتخابات حلا مناسبا”.

وأوضح كذلك أن الوضع بات منفتح على جميع السيناريوهات وأنه لا يمكن التنبؤ بما سيحدث في قطاع النفط الذي يعتبر الشريان المالي الوحيد تقريبا لليبيين.

ورأى أن “الحلول السياسية التي طرحت في السابق كانت مصممة كحلول مؤقتة تعتمد على مبدأ المشاركة في السلطة لتهدئة الأوضاع وبناء الثقة بين الأطراف المتصارعة وكان الأمل أن ذلك سيقود إلى انتخابات وحل مستدام للصراع وهو ما لم يحدث”.

وشدد على أن حل الأزمة السياسية يبقى رهين الوصول إلى إجراء انتخابات رغما عن مجلسي النواب والأعلى للدولة، مضيفا لا بد من “الوصول إلى شرعية جديدة تمنحنا فرصة للوصول إلى حل مستدام”.

مدير مشروعات المجلس الأفريقي العربي للاستثمار والتنمية محمد أمطيريد اعتبر من جهته في تصريحات للوكالة الروسية أن ما حدث في طرابلس هو “صراع نفوذ لدول أجنبية تتحكم في رسم سياسات في العاصمة الليبية”، مضيفا أن “الدبيبة كسب جولة بدعمه من الجناح السياسي لدولة تركيا وبريطانيا والتي أعطت قواته إحداثيات وتحركات قوات باشاغا قبل انطلاق العملية العسكرية”.

وتابع “ما حدث في العاصمة الليبية في حقيقته صراع نفوذ لدول أجنبية تتحكم في رسم السياسات بالعاصمة وتحديدا منذ أن سيطر الإخوان المسلمون على سلطة القرار في طرابلس وعلى ضوء ذلك أصبح لكل كيان جناح عسكري ينفذ رغبات أصحاب هذه الكيانات بالنيابة عن دول أجنبية”.

وبين الصدمة والخوف، عاشت طرابلس على مدى ليلتين بعدما تحولت مسرحا لاقتتال عنيف بين جماعات مسلحة أسفر عن مقتل 32 شخصا وجرح 159، وتسبب في حالة من اليأس العميق لدى السكان الذين سئموا عدم الاستقرار المزمن وأزمة سياسية لا تنتهي.

وعاد الهدوء في طرابلس وأعادت المتاجر فتح أبوابها وأجرت الخدمات البلدية عمليات إزالة الأنقاض وتمت تعبئة فنيين من شركة الكهرباء لإعادة الطاقة إلى المناطق المتضررة.

لكن السكان ما زالوا في حالة صدمة بعد الاشتباكات العنيفة بين الميليشيات المتناحرة وسط المدنيين والتي اندلعت من فجر الجمعة حتى مساء السبت، في مؤشر على الفوضى التي لا تزال تسود ليبيا.

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى