ابتكارات العالم الرقمي تخنق وتفقر البيئة

 

صحيح أن ابتكارات التكنولوجيا تساهم في تقدّم العلوم وتنوير العقول، غير أن استهلاك الوسائل التقنية للطاقة ومخلّفات الأجهزة الإلكترونية التي غالبا ما تصدّر إلى بلدان قيد النموّ، هما من الرهانات الكبيرة في مجال الحفاظ على البيئة.

وقالت إنيس ليوناردوتسي على هامش معرض “فيفاتك” للمشاريع الناشئة في باريس إن “ادمغتنا ليست مبرمجة لاستيعاب الأخطار التي لا تشعر بها حواسنا“.

وأردفت ليوناردوتسي المديرة العامة لمشروع “ديجيتل فور ذي بلانيت” الذي يسعى إلى رفع الوعي في أوساط الجهات الفاعلة في القطاع الرقمي إزاء هذه المسألة، إلى أن “التكنولوجيا الرقمية لا يمكن رؤيتها بالعين المجرّدة أو لمسها أو سمعها… هي تقنية افتراضية لكن تأثيراتها فعلية”.

إنيس ليوناردوتسي هي بين كوكبة من المشاركين في معرض “فيفاتك” الذين تطرّقوا إلى تداعيات القطاع الرقمي على البيئة، من إنتاج المعدّات وإنشاء البنى التحتية الشبكية والخوادم.

وقد جاء في دراسة صادرة عن “شيفت بروجيكت” في تشرين الأول/أكتوبر 2018 أنه “من المتوقّع أن ترتفع حصة انبعاثات غازات الدفيئة الصادرة عن القطاع الرقمي من 2,5 % سنة 2013 إلى 4% سنة 2020”.

وأوضح تقرير هذه المجموعة البحثية المعنية بالتحوّل في مجال الطاقة أن “هذه النسبة توازي تلك التي تسجّلها قطاعات معروفة باستهلاكها الشديد لمصادر الطاقة الأحفورية”.

وقال غاري كوك من منظمة “غرينبيس” إن “تداعيات استخدام البيانات وأشرطة الفيديو بالبثّ التدفقي وتقنيات الحوسبة السحابية غير واضحة لكنها كبيرة وقد تؤدي إلى ازدياد استهلاك مصادر الطاقة غير المتجددة بشكل كبيرة”.

وتجمع هذه المنظمة غير الحكومية منذ عشر سنوات نسب استهلاك الطاقة الخاصة بعمالقة القطاع الرقمي، خصوصا الشركات التي تتولّى إدارة مراكز بيانات “قد يكون استهلاكها للكهرباء موازيا للتيار الكهربائي الذي تستخدمه بلدة متوسطة المساحة”.

وأوضح كوك الذي يطمح إلى أن تعتمد “شبكة الانترنت على مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 100%” أن “القرارات المرتبطة بالتغذية الكهربائية هي في غاية الأهمية نظرا إلى النموّ السريع لهذه الخدمات من حيث عددها وحجمها”.

وقد قطعت غالبية الشركات الكبرى في مجال التكنولوجيا التزامات طموحة في هذا الصدد. وأبرمت فيسبوك مثلا شراكة مع غرينبيس منذ مطلع العقد الثاني من الألفية. وقال غاري كوك الكلّ يشهد على التظاهرات التي تنظّم من أجل المناخ في لندن أو بروكسل مثلا. وهي قد تشكّل محفّزا كبيرا للمضي قدما.

اعتدال

وأكدت كارول ماريشال من مجموعة “داتا4” أن “القطاع يعمل على الحدّ من بصمته في مجال الطاقة”. فمشغّل مراكز البيانات هذا الذي له فروع في فرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ يقترح على زبائنه قياس “بصمتهم في الوقت الفعلي”، أكان ذلك في ما يخصّ استهلاك الطاقة أو المياه أو انبعاثات غازات الدفيئة.

وتستهلك البنى التحتية للقطاع طاقة كبيرة أيضا خلال إنشائها ولا تقتصر تداعيات القطاع البيئية على “استهلاكه للطاقة”، بحسب ماريشال.

ومن المسائل الأخرى المطروحة على بساط البحث، إدارة الموارد المائية ومخلّفات القطاع. وبحسب منظمة “بازل أكشن نتوورك” غير الحكومية، يصدّر الاتحاد الأوروبي حوالى 350 ألف طنّ من مخلّفات المعدات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية إلى بلدان قيد النموّ. وجزء كبير من هذه المهملات “يذهب بطريقة مخالفة للقوانين”، بحسب ما أفاد مدير الهيئة جيم بوكيت في فبراير/شباط.

وتندد مجموعة “شيفت بروجيكت” بـ”الوتيرة المتسارعة لاستخراج المعادن، خصوصا النادرة منها، علما أن الكثير منها غير قابل لإعادة التدوير بكثرة”، داعية القطاع الرقمي إلى “التحلّي بالاعتدال”.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى