اللحظة الحرجة ، لمياه الشرب في دمشق !
دمشق ــ خاص
مرة جديدة يقع تفجير في خطوط مياه الشرب التي تغذي مدينة دمشق عبر نبعي الفيجة وبردى، فقد أعلن مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب بدمشق وريفها حسام حريدين أن المجموعات المسلحة فجرت خط بردى الواقع بين منطقتي «دير مقرن وكفير الزيت» وتعتبرانمن المناطق الساخنة في ريف دمشق. وأكد حريدينً أن الخط المغذي لمدينة دمشق وأطرافها عبر نبع الفيجة خرج بشكل كامل عن مهمته في تأمين مياه الشرب للسكان.
ويأتي ذلك بعد المعارك التي حصلت في وادي بردى والتي اٍسفرت عن استعادة الجيش السوري بلدة هريرة التي كانت تسيطر عليها مجموعات مسلحة معارضة تتمترس في الجبال المحيطة بالينابيع العذب التي يشرب منها الدمشقيون .
ويؤدي خروج الخط من الخدمة إلى فقدان طاقة ضخ في الشبكة تصل إلى حوالي 1،5م3 في الثانية و المناطق الأكثر تأثراً بنقص المياه هي الدويلعة ودف الشوك والزاهرة والجادات العليا في منطقة قاسيون إضافة إلى مناطق دمشق القديمة لحين إصلاح خط المياه المتضرر..
وبغض النظر عن التصريحات التي أطلقت عن السعي لإصلاح مكان الانفجار لتعود المياه سريعا وخلال أيام كما كانت، فإن المخاوف تزداد في دمشق من جهة العبث بأمن الينابيع وخطوط المياه التي تصل إلى مختلف أنحاء المدينة لتنقل نوعا من أعذب مياه في العالم إلى أربعة ملايين سوري يتوزعون في مختلف أحياء المدينة .
وترسم قصة المياه العذبة لمدينة دمشق تاريخا طويلا من الجمال والخصب والحضارة، لأن مياه نهر بردى التي كانت تصب فيها المياه الفائضة عن الشرب من ينابيع الفيجة وعين الخضرة كان تشكل شرايين شبكة الري التاريخية التي تغذي المناطق الشاسعة الخصبة المحيطة بدمشق والتي يعرفها العالم باسم ((الغوطة)) والتي تغص بالأشجار والزراعات المروية .
وتصل مياه الري إلى أقصى مسافة في الغوطة وتتجمع هناك في بحيرة ((العتيبة))، وتاريخيا عملت الدولة الأموية على تطوير الشبكة التي كانت موجودة منذ أيام الاحتلال الروماني، فشقت طريقا حمل اسم نهر يزيد ( ابن معاوية) بحيث تصل المياه إلى جهات جديدة من أراضي العاصمة الأموية .. واليوم أصبح لنهر بردى سبعة فروع تتدفق فيها المياه أيام ارتفاع معدل الأمطار، رغم الاستهلاك الكبير للمياه من قبل السكان ومن قبل الصناعات السورية، لكن هذه الفروع فارغة اليوم، تسيل في بعضها كميات قليلة من المياه السوداء التي يلجأ بعض المزارعين الفقراء لسقاية مزروعاتهم منها والتي تسبب الأمراض والأوبئة، وفي المجرى الرئيسي الذي يخترق دمشق من جهة الربوة تفوح هذه الأيام روائح كريهة تشوه الصورة الجميلة التي رسمها المؤرخون لأقدم عاصمة مأهولة في التاريخ.
أي ببساطة تحول نهر بردى ومياه الفيجة وعين الخضرة إلى قضية شائكة بدأت بعدم قدرتها على تأمين مياه الشرب، وظهور الخيار المؤلم (( إما الشرب أو الزراعة)) ، وصولا إلى إدخالها في مجال الحرب بين المجموعات المسلحة والجيش وبذلك أصبحت رهينة اللحظة التي قد تؤدي إلى نوع من التفجيرات التي حصلت أكثر من مرة خلال الأزمة/الحرب.
وتبدو وجوه الدمشقيين حزينة رمادية وهي تسمع مثل هذه الأخبار وتترحم على أيام البحيرات الصغيرة في البيوت وأشجار الكباد والليمون والياسمين في بيوت الشام، وأيام النوافير والبساتين العامرة بالخيرات .. والجميع يسألون :
“هل هي لعنة؟!”
ولا جواب !
وفي تقرير صحفي نشر اليوم، أشارت صحيفة الوطن إلى أن إنتاج المياه في دمشق يبلغ يوميا “ما بين 370 إلى 400 ألف م3 من المياه من نبع الفيجة وبردى وآبار دمشق على حين تبلغ احتياجات دمشق اليومية نحو 570 ألف م3 ، أي أن الأزمة موجودة قبل حصول مثل هذه الأعمال التي تستهدف المياه !
وفي الموسوعة الألكترونية (ويكي) فإن عين الفيجة هي بلدة وناحية تقع غرب دمشق على نهر بردى بين السلاسل الجبلية تبعد عن دمشق حوالي 15 كيلو مترًا ومن سفوح جبالها يتدفق نبع الفيجة الذي يزود مدينة دمشق بالمياه. وترتفع عين الفيجة عن سطح البحر حوالي 890م وهي تقع في بيئة جبلية حيث تحيط بها مجموعة من الجبال هي جبل الهوّات من الشرق وجبل القلعة من الشمال وجبل القبلية من الجنوب ويجتازها نهر بردى في طريقه إلى دمشق حيث يغذي النهرَ ما يرفده من مياه نبع الفيجة الفائضة في فصل الربيع وبداية الصيف.
وتضيف الموسوعة أن مياه نبع الفيجة تتفجر من سفح جبل القلعة في عين الفيجة فمن ماء نبع الفيجة تشرب مدينة دمشق وضواحيها، وهو نبع غزير إذ تبلغ غزارته في فصل الربيع حوالي 30 متر مكعب في الثانية بالإضافة إلى نقاوة المياه فقد أثبتت الفحوص أن ماء الفيجة من أفضل المياه على مستوى العالم والصخور الكلسية التي تختزن هذه المياه بعيدة عن مصادر التلوث بالإضافة إلى خلوّ المياه من الطفيليات والجراثيم.
وتتبع ناحية عين الفيجة لمنطقة الزبداني في محافظة ريف دمشق. ويبلغ عدد سكانها 19,584 نسمة حسب تعداد عام 2004.
ومن جهة التاريخ يوجد في البلدة أثر يدل على قدم السكان فيها إذ يوجد معبد روماني قديم عند منبع الماء كان الرومان يقدمون فيه القرابين لآلهة الينبوع التي كانت في المعبد والموجودة حاليا في المتحف الوطني بدمشق كلمة فيجة قديمة تعود إلى كلمة اغريقية πηγη تعني العين باللغة الاغرقية القديمة. ويوجد في عين الفيجة آثار لنفق قديم كانت زنوبيا ملكة تدمر تجر خلاله مياه نهر بردى إلى تدمر عبر البادية السورية، فما فعلته ملكة تدمر كان خيالا على صعيد نقل مياه دمشق إلى تدمر، فماذا يقال عن وقائع الأحداث التي تجري حول الينابيع؟!