خان الحرير.. حلب !

خاص :

تأخر تصاعد الأحداث في مدينة حلب السورية عام 2011، إلى الدرجة التي بدت فيها وكأنها بعيدة عن مفاعيل ماسمي ب ((الربيع العربي))، فكانت الحياة تبدو طبيعية، وكانت التصريحات ترد من هناك، وكأن كل شيء يسير طبيعيا، إلى أن التهمتها نيران الحريق سريعا وبلا رأفة ، فقال فيها بعض (( أبناء حلب)) الذي شاهدوها فيما بعد وهي تئن:

ــ لقد أصابونا بالعين !

فما أصاب حلب خلال السنوات التي مرت من الحرب على السوريين جرح صميم حيويتها وأمنها واقتصادها، فالدمار والخراب وتدمير البنى التحتية والآثار والملامح العامة يجرح العين ويدمع القلب، والزائر لمدينة حلب اليوم ممن يعرفها من قبل ويعرف حيوتها وأسواقها وآثارها يصاب بالحزن والكآبة..

إن حلب اليوم لم تعد حلب التي أدهشت كل من زارها عبر التاريخ من الكاتبة أجاتا كريستي إلى الشخصية التاريخية المعروفة لورنس العرب إلى شاعر فرنسا لامارتين إلى زعماء كثر من زعماء ودول العالم ..

أمس فاجأت حلب أهل دمشق بنشاط مهم، عندما أقامت فعاليات سوق الحرير في فندق الداما روز القريب من ساحة الأمويين، من خلال معرض تخصصي في عالم الأزياء والأقمشة أشرفت عليه غرفة صناعة حلب التي قال رئيس مجلس إدارتها فارس الشهابي :

“إن حلب كانت بوابة رئيسية و مركزاً هاماً على طريق الحرير القديم الممتد من الصين إلى أوروبا، و خان الحرير في حلب هو مركز تجمع الصناعات النسيجية في قلب حلب القديمة، و باعتبار أن حلب هي العاصمة الصناعية لسورية و العاصمة النسيجية للشرق الأوسط كله فاخترنا هذا الإسم ليمثل إعلان انطلاق هذه الصناعات من جديد و من تحت الرماد و في أحلك الظروف و أصعبها “.

وهذا الكلام المهم جدا في توقيته، يحمل رسائل كبيرة على صعيد الحرب في سورية، وفي وقت تتفاوت فيه التحليلات إزاء الحدث السوري ، فهل سورية قادمة على الاستقرار بعد وقف الأعمال القتالية فيها، والاشارات تتحدث عن نجاح أولي على هذا الصعيد كما أفادت المصادر الدولية؟ وهل يمكن أن تنجح المحاولات المتتالية لعقد حوار في جنيف من أجل حل الأزمة السورية؟ وكيف سيكون حال المجموعات المسلحة التي تنتشر في أكثر جهات حلب والتي لايعرف العالم برامجها وخططها للمرحلة القادمة؟

وأخيرا : من الذي سيغامر برساميله ومشاريعه وأحلامه الآن ويضع رغباته وإمكاناته على سكة التوقعات وسط رياح لاتزال عاتية ليس على حلب وحدها، وإنما على كامل الخارطة السورية؟

لقد ازدحمت دمشق في المساء الذي افتتح فيه المعرض الحلبي، وكان الحضور الرسمي على مستوى أربع وزراء، وحشود مهمة من الاقتصاديين، وقامت الفضائية السورية بفتح بث مباشر من قلب المعرض وغطت التظاهرة باهتمام بالغ ..

حصل ذلك بعيدا عن حلب ..

ولكن حلب اليوم شرعت تعود إلى الحياة وتتعافى : عادت إليها الكهرباء، عادت إليها مياه الشرب، وشرعت الحيوية تدب في أطراف المدينة مع الماء والكهرباء، لذلك يطرح البعض سؤالا كبيرا يقول :

ــ إذا كانت حلب قد تأخرت في دخول أتون الأزمة الكبرى وحريقها، فلماذا لاتكون أول من يخرج من هذه الأزمة ولو عن طريق الصناعة والتجارة ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى