أشهر اختصاصيّ في علم النفس وأبحاث المُخ بإسرائيل: الشعب ليس جاهزًا معنويًا ونفسيًا للحرب الشاملة مع إيران وحزب الله و”أيُّها القادة لا تكذبوا وكفاكم تصريحات جوفاء”
هل المجتمع الإسرائيليّ يملك المناعة لتحمّل حربٍ ضدّ إيران وحزب الله؟ هل الصهاينة في دولة الاحتلال على قدرٍ من القوّة والقُدْرة لمُواجهة المُواجهة العسكريّة مع العدوين اللدودين؟، هذه الأسئلة وأخرى تناولها البروفيسور يورام يوفل، عالم نفس إسرائيليّ مشهور ومختّص بأبحاث المخّ، علاوةً على كونه مُحاضرًا في كليّة الطب في الجامعة العبريّة في القدس وفي كلية العلوم النفسيّة.
في مقالٍ نشره بالتزامن في صحيفة (يديعوت أحرونوت) وموقع (YNET) الإخباريّ-العبريّ، التابع لها، تساءل البروفيسور يوفل: هل نحن مستعدون من الناحية العملانية لحربٍ ربمّا قد تنشب؟ في ثلاث كلمات: ليست لديّ فكرة .آمل أننّا مستعدون. لكنّي أريد الكتابة عن استعدادنا نفسيًا ومعنويًا لخوض حربٍ ضدّ إيران وحزب الله. وتابع: أنا افهم شيئًا بهذا الشأن. أخشى، وخشيتي ترجع إلى المباهاة الطائشة والتباهي بدون رصيدٍ، اللذان يطلقهما السياسيون في إسرائيل، أخشى أنْ يكون استعدادنا النفسيّ والمعنويّ، لدى دولة إسرائيل ومواطنيها، للحرب القادمة يحتاج، في أحسن الحالات إلى تحسينٍ، وهذا تعبير مُلطّف جدًا، بحسب تعبيره.
وتابع قائلاً: رغم ضآلة فهمي بمتطلّبات النصر في الحروب، إلّا أننّي أجرؤ على القول إنّ الاستعداد النفسيّ والمعنويّ هو أساس كلّ انتصار، دون إغفال الأسس الأخرى الحاسمة من نوعية السلاح والكفاءات المطلوبة لإجادة استعماله، علاوة على الإيمان بالقضايا التي من اجلها تشنّ الحروب، على حدّ قوله.
وشدّدّ في سياق حديثه على أنّه في إسرائيل، حسب زعمي، يوجد خلل في كلّ العناصر، لافتًا إلى أنّ العامين 2000 والعام 2006 كانتا سنتين كاسرات للقلوب، لأنّها أوجدتا الأسباب للعقد النفسية وتثبيط المعنويات لدى الشعب الإسرائيليّ، كما أكّد.
وساق قائلاً إنّه في الحرب القادمة ستتعرّض كلّ بقعةٍ في الدولة العبريّة لقصفٍ بالصواريخ، سيسقط القتلى والجرحى من الشمال إلى الجنوب مرورًا بالمركز، مُشيرًا إلى أنّ الصواريخ لا تُفرّق بين المدنيين والجنود، وبين اليهود والعرب، فكلّ بيتٍ في إسرائيل بات في مرمى صواريخ حزب الله وإيران، هذا هو الوضع، ويتحتّم علينا التعايش معه.
وتساءل البروفيسور: هل على إسرائيل الشروع في الحرب ضدّ أعداءٍ على درجةٍ كبيرةٍ من الحكمة والإصرار، الذين يقومون بتضييق الخناق علينا، لا بلْ خنقنا، نعم يوجد طريقة واحدة للدفاع وهي الهجوم، الردع دائمًا أفضل من الحرب، زاد، ولكن عندما يُخفق الردع ويفشل، فإنّ دولة الاحتلال مُلزمة بالهجوم، كما قال.
ما العمل، تساءل البروفيسور يوفل، ووجّه النصائح لأقطاب دولة الاحتلال وللإعلام العبريّ: للسياسيين قال توقّفوا عن التصريحات العنترية والفوقيّة، لأنّها تؤدّي لأضرارٍ، وهذا يُعيدنا إلى حرب العام 1973، حقًا انتصرنا في نهاية المطاف، ولكننّا لم نكُن على استعدادٍ لدفع الثمن الباهظ والرهيب، ثمن تلك الحرب.
وطالب الوزراء بالتوقّف عن إطلاق التصريحات الجوفاء، العنتريّة والهستيريّة وحتى الحمقاء بأنّ إسرائيل ستُلقّن العرب درسًا لن ينْسَوه، مؤكّدًا لهم أنّه مثل المُربيّة التي تعجز عن السيطرة على الصّف في المدرسة. وشدّدّ على أنّ هذه التصريحات ستتفجّر في وجوه الإسرائيليين جميعًا عندما تبدأ الحرب، وتنهمر الصواريخ ويقع القتلى والجرحى، بحسب تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، طالب الوزراء بقول الحقيقة فقط، وألّا يُطوّرون الوهم لدى الشعب في إسرائيل بأنّ المنظومات الدفاعيّة مثل القبة الحديديّة والصولجان السحريّ وما إلى ذلك، قادرة على اعتراض الصواريخ بالكامل، لافتًا إلى أنّه لو أسقطت المنظومات 97 بالمائة من الصواريخ، فإنّ الباقي سيتسبب بالدمار الهائل وسقوط القتلى والجرحى في جميع أنحاء الدولة العبريّة، مؤكّدًا أنّ هذه الإصابات ستؤدّي لإصابة الإسرائيليين بالهستيريا، وأيضًا فقدان المعنويات، وعليه، أيُّها الوزراء لا تكذبوا علينا، بحسب تعبيره.
وأردف مُتوجهًا للوزراء: قولوا بنا بهدوءٍ، إنّه في حال اندلاع حربٍ شاملةٍ، فإنّ الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة ستتعرّض لضربةٍ مؤلمةٍ وقاسيةٍ، وأنّه لا يُمكن منع ذلك، ويتحتّم علين الصمود أمام هذا الوضع.
وانتقد البروفيسور يوفل تصرّف الإعلام العبريّ الذي من أجل الحصول على نسبةٍ عاليّة من القراء والمًستمعين والمُشاهدين يقوم بتهويل الأمور وزرع الأوهام الجوفاء لدى الإسرائيليين، وطالبهم بالتحلّي بالكبح الذاتيّ. كما طالب الإعلام بالترّوي والحذر قائلاً إنّ هناك بونًا شاسعًا بين قيام شابّة فلسطينيّة بصفع جنديّ إسرائيليّ وبين احتلال قوّة مؤلفة من 500 مقتل من حزب اله لإحدى المُستوطنات في الشمال، وشدّدّ على أنّ الإعلام بدلاً من مُساعدة قوات الإنقاذ خلال وقوع الكارثة، يقوم بإجراء مقابلاتٍ مع المسؤولين، مُوضحًا أنّ التقارير الإعلاميّة تعود سلبًا على الإسرائيليين، فيما تُضاعف على النقيض التأثير الذي تسبب به العملية الفدائيّة، على حدّ تعبيره.
والسؤال الذي يبقى مفتوحًا على ضوء ما ذُكر آنفًا، هل صدق سيّد المُقاومة، الشيخ حسن نصر الله، عندما أرسى مقولته المأثورة: إنّ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية