أمير من البلاط الملكيّ السعوديّ زار بشكلٍ سرّيٍ إسرائيل وبحث فكرة دفع “السلام الإقليميّ” قُدُمًا
ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيليّة “كان” في خبرٍ حصريٍّ لها أنّ أميرًا من البلاط الملكيّ السعوديّ زار بشكلٍ سرّيٍ الدولة العبريّة خلال الأيام الأخيرة، حيث بحث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين فكرة دفع “السلام الإقليميّ” إلى الأمام، وفق التعبير الإسرائيليّ، أوْ كما أكّدت المصادر السياسيّة للهيئة البحث في المبادرة العربيّة، التي أقرّها مؤتمر القمّة العربيّة في بيروت عام 2002، ومن ثمّ عاد وأقرّها ثانيّةً مؤتمر القمّة العربيّة الذي انعقد في العاصمة السعوديّة، الرياض، في آذار (مارس) من العام 2007.
وبحسب موقع القناة، رفض كلٌّ من ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو ووزارة الخارجيّة، والتي تقع تحت مسؤولية نتنياهو أيضًا، التعليق على هذا الخبر.
ويأتي هذا التطوّر في العلاقات في ظلّ التسريبات المتلاحقة عن اتصالاتٍ جاريةٍ على قدمٍ وساقٍ بين الجانبين الإسرائيليّ والسعوديّ، بعيدًا عن الأنظار، والحديث الأمريكيّ الذي أدلى به الرئيس دونالد ترامب عن نيّة واشنطن تأسيس ناتو شرق أوسطيّ، بمُشاركة ما يُطلق عليها في أمريكا وإسرائيل بالدول العربيّة السُنيّة المُعتدلة، وطبعًا الدولة العبريّة.
وبحسب المصادر في تل أبيب، فإنّ الهدف الرئيسيّ من تشكيل هذا الحلف هو العمل على وقف التمدّد الإيرانيّ في منطقة الشرق الأوسط، علمًا أنّ إسرائيل والدول المذكورة ترى في الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران عينًا بعين، من ألذّ الأعداء.
وفي هذا السياق، لا بُدّ من التذكير أنّه قبل أيام، اعترف نتنياهو بوجود تعاون في شتى الوسائل والمستويات مع دول عربية، مؤكدًا أنّ هذا التعاون لم يسبق له مثيل في تاريخ إسرائيل حتى بعد التوقيع على اتفاقيات مع بعضها”.
وأوضح نتنياهو أنّ هذا التحوّل الكبير يحصل على الرغم من الشروط التي يضعها الفلسطينيون للوصول إلى تسوية سياسية، التي وصفها بغير المقبولة بالنسبة لغالبية الإسرائيليين، على حدّ تعبيره.
وأرجع نتنياهو هذا التغيّر في موقف الدول العربية إلى ما أسماه “عظمة إسرائيل” في المجالات العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية والتكنولوجية.
إلى ذلك، كشف الضابط في جهاز الأمن الإماراتيّ وصاحب حساب “بدون ظل” على موقع التواصل “تويتر” أنّ الأمير في الديوان الملكيّ السعوديّ الذي زار الدولة العبريّة سرًّا خلال الأيام الماضية هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بحسب زعمه.
وقال “بدون ظل” في تدوينات له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر”: سمو الأمير محمد بن سلمان وسعادة الجنرال أنور عشقي وفريق دبلوماسي متكامل هم الذين ذهبوا إلى إسرائيل في زيارةٍ سريّةٍ، على حدّ قوله.
وأضاف في تغريدة أخرى أنّ من شروط اخذ القرض من البنك الدوليّ هو الاعتراف بدولة إسرائيل، لذلك أخذت المملكة القرض من البنك الدولي لأوّل مرّةٍ في تاريخها للاعتراف بها.
من ناحيته قال موقع i24news الإسرائيليّ أنّ اسم الأمير السعوديّ الذي زار تل أبيب لم يُنشر حتى اللحظة، مُشدّدًا على عدم وجود علاقات دبلوماسيّة بين المملكة العربيّة السعوديّة والدولة العبريّة، كما أنّها تمنع التجارة مع إسرائيل.
وبحسب رؤية نتنياهو، فإنّ المعادلة التقليديّة القائمة على التوصل إلى سلامٍ مع الأنظمة العربية، بعد حلّ القضية الفلسطينية، باتت نتيجة “الودّ العربيّ” معكوسة: السلام والتطبيع مع هذه الأنظمة أولاً، وتحديدًا الخليجية، يجران ثانيًا إلى حلٍّ وتسويةٍ، على المسار الفلسطينيّ.
إلّا أنّ “الودّ العربيّ” الزائد يدفع ويتيح لنتنياهو أنْ يتطلع إلى المزيد، وأنْ يتريث ويتراجع حتى عن “المبادرة الإقليمية”، بعد أنْ باتت متاحةً، الأمر الذي يشير إلى رهانه على إمكان التطبيع مع هذه الأنظمة، وفي الوقت نفسه إنهاء القضية الفلسطينية، بلا “تنازلات”، حتى وإنْ كانت شكلية.
وكانت صحيفة “هآرتس″ نشرت نصّ وثيقة عرضها نتنياهو على رئيس المعارضة في الكنيست يتسحاق هرتسوغ، قبل ستة أشهر، تضمنت اقتراح تصريح مشترك لتحريك “مبادرة السلام الإقليمية”، كان يفترض بهما أنْ يلقياه خلال قمّةٍ تجمعهما بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة أوْ في شرم الشيخ، وربما أيضًا مع الملك الأردني عبد الله الثاني، في مطلع تشرين أول (أكتوبر) 2016.
نص الوثيقة، والمبادرة التي لم ترَ النور نتيجة تراجع نتنياهو عنها، من شأنهما أنْ يُفسّرا مواقف وتصريحات وإجراءات اتخذتها إسرائيل والولايات المتحدة ودول عربية، ومن بينها زيارات لتل أبيب، في حينه.
وكان كُشف النقاب في شباط (فبراير) من العام الجاري، عن أنّ اجتماع قمة عُقد في مدينة العقبة الأردنية، قبل عام، شارك فيه ملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الأمريكيّ حينذاك جون كيري.
وكشفت صحيفة “هآرتس″، انعقاد هذه القمة لأوّل مرّةٍ، وقالت إنّ كيري استعرض خلالها مبادرة سلام إقليمية، شملت اعترافًا بإسرائيل كـ”دولةٍ يهوديةٍ” واستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين بدعم دولٍ عربيّةٍ.
ووفقًا للصحيفة، فإنّ نتنياهو امتنع عن الرد بالإيجاب على المقترح، وادعى أنّه سيُواجه صعوبة في الحصول على تأييد أغلبية داخل ائتلافه اليميني المتطرف. رغم ذلك، استخدمت هذه القمة أساسًا لمحادثات بين نتنياهو وبين رئيس المعارضة وكتلة “المعسكر الصهيوني”، يتسحاق هرتسوغ، حول انضمام الأخير للحكومة وتشكيل حكومة وحدة وطنيّة.
جديرٌ بالذكر أنّ السعوديّة لم تُعقّب على النبأ لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، ولا بشكلٍ رسميٍّ أوْ غيرُ رسميٍّ.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية