اجتماع بعبدا : إما إصلاح يبعد أمراء الحرب و الفساد، و إما الانهيار والفوضى !!

خاص باب الشرق

أهم ما قيل في اجتماع بعبدا الخميس، ما جاء في كلمة رئيس الحكومة حسان دياب الذي اعترف باسم السياسيين أنه ( لم يعد لكلامنا أية قيمة، إن لم يقترن بأفعال تخفف المعاناة عن المواطنين) . . وهو اعتراف بأن الخطابات والمؤتمرات والندوات (لم يعد لها أية قيمة) وعلى السياسيين الانخراط بالأفعال التي تخفف المعاناة عن المواطنين، ومضمون كلام دياب، أن جميع السياسيين، ما زالوا  يحترفون الكلام بلا أي قيمة، ويبتعدون عن الأفعال المطلوبة لتخفيف معاناة الناس..

تمت الدعوة لاجتماع بعبدا للعمل على ( تحصين السلم الأهلي) خوفاً من الفتنة التي أطلت برأسها يوم 6/6/ بتحطيم المتاجر في بيروت وطرابلس. وبما سميّ (غزوة الموتسيكلات) ولكن هل وصل الاجتماع بالمشاركين فيه ليكون (اجتماعاً وطنياً) يتمثل فيه جميع المكونات للمجتمع اللبناني ؟؟ وكان لغياب تيار المستقبل ممثل السنة، وغياب الكتائب والقوات والمردة كجزء أساسي من التمثيل المسيحي، أثره و بذلك فإن التمثيل اختفى في الاجتماع، مما جعله اجتماعاً لأطراف الحكم القائم من رئاسة وحكومة ومن يدور في فلكهم، ولم يخرج عن ذلك، إلا حضور الرئيس ميشال سليمان، الذي شكل خرقاً لامتناع البعض عن الحضور، وخرقاً للون الواحد الممثل للحكم، كما مارس خرقاً للمطروح بدعوته بالرجوع إلى إعلان بعبدا والتمسك بالنأي بالنفس، مما أثار حماسة مؤيدي حزب الله وعون، للرد عليه بكلام مبطن وبلهجة حماسية، كما فعل إيلي فرزلي. وهكذا فإن التمثيل المجتمعي الناقص والمختل أثر بعدم إضفاء الشمولية على الاجتماع لكنه لم ينف أهميته للسلم الأهلي.

يجمع اللبنانيون، سواء اجتمعوا في بعبدا أو تلاقوا في الساحات والشوارع للاحتجاج, يجمعون على أن الكيان، أو الصيغة اللبنانية، مهددة بخطر الانهيار بعدما قام الحكام والسياسيون المتقاسمون لغنائم الحكم بسرقة موارد البلد، وجنى عمر اللبنانيين. و دفعوا الوطن اللبناني إلى حافة الانفجار . في الحقيقة فإن ما هو مهدد بالانهيار والانفجار، ليس الصيغة اللبنانية المتعددة والمنفتحة والحرة. بل المهدد بالانفجار هو دولة ( أمراء الحرب) الذين خرجوا من خنادق الحرب الأهلية إلى كراسي البرلمان ومناصب الإدارة ومراكز الحكم. دولة ( أمراء الحرب) هي من سرق الناس، ونهب ثرواتهم، وحجز ودائعهم. و (امراء الحرب) ببدلات الحكم الجديدة، ربطوا لبنان بدول وأجندات بعضها إلى الشرق وبعضها الآخر إلى الغرب مما جعل لبنان أسير تناتش وتنازع أجندات أجنبية، يقودها لصوص الحكم المرتقين من مواقعهم كمجرمي الحرب الأهلية. دولة ( أمراء الحرب) هي الانهيار والفشل و السقوط والارتهان للأجنبي وتجويع الناس وإهدار كرامة المواطن. هذه النهاية الطبيعية لأي دولة يختلسها أمراء الحرب..

عقد اجتماع بعبدا للتوافق على خطوات تحصين السلم الأهلي فكانت النتيجة تأجيج الخلافات بين مكونات المجتمع وأطراف العمل السياسي، واستفزاز الشارع و المظاهرات. وبذلك فإن بالإمكان تعديل كلام حسان  دياب حول انعدام قيمة أي كلام للسياسيين، ليصبح أن أي نشاط سياسي للقوى السياسية لم يعد له من تأثير غير تأجيج الحنق الشعبي وإشعال الثورة ضد أمراء الحرب الذين دمروا المجتمع اللبناني بدءاً من الحرب الأهلية حتى سرقة ودائع شعبه، وتحويل مصارفه إلى دكاكين نصب و نهب..

اجتماع بعبدا و ما نتج عنه من مبارزات كلامية، ليس لها أية قيمة, غير الإفصاح عن أن ليس أمام لبنان إلا إنجاز الإصلاح الذي يطهر الدولة من أمراء الحرب الذي تحولوا إلى ملوك الفساد والنهب. كما ليس أمام اللبنانيين إلا تحقيق التغييرالذي بحافظ على تعدديتهم وانفتاحهم ومقاومتهم وانفتاحهم وتفاعلهم الحي، في ظل دولة تحفظ سيادة لبنان واستقلاله، وتعيده لرسالته الحضارية المنتجة والمبدعة والحافظة لكرامة كل لبناني وحقوقه وأرزاقه. أما إن فشل لبنان واللبنانيون بتحقيق هذا الإصلاح والتغيير فلا بد أنه ذاهب إلى النتيجة الحتمية لسياسة أمراء الحرب و ملوك الفساد ألا وهي انهيار الدولة وسقوط الحكم، وانتشار الفوضى … لا سمح الله!!

باب الشرق