الإمارات تبدأ الاصلاحات بقطع الطريق على “الإخوان” (محمود العوضي)
محمود العوضي
تسعى دولة الامارات الى الحفاظ على وحدتها وتماسكها بعيدًا عن التدخلات الخارجية، وتأثير جماعة الاخوان المسلمين التي سيطرت على الثورات العربية مؤخرًا، من خلال اتخاذ خطوات اصلاحية واجراءات حازمة تهدف الى تحسين البلاد.
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي استهدفت برجي التجارة العالميين في الولايات المتحدة الأميركية، انتبهت حكومة دولة الإمارات إلى أن هناك اماراتيين شاركوا في حروب عبثية في افغانستان والشيشان، وتفاجأت بأن عدداً من هؤلاء الإماراتيين قتلوا "تحت مسمى الجهاد" وتركوا وراءهم أبناءهم وعائلاتهم. في تلك الأثناء سعت الإمارات إلى لملمة مواطنيها وأحكمت السيطرة عليهم وعملت على تعديل هذا الوضع، بما يصب في مصلحة المعتقلين في ذلك الوقت حتى لا يطلب من الدولة تسليمهم لمعتقل غوانتاناموا، ونجحت الإمارات في إبقاء أبنائها خارج المعتقل.
وبعد ثلاث سنوات تم الإفراج عن بعض المعتقلين، وكان من بينهم مدرسون وعسكريون وعاملون في مجالات مختلفة، وقامت الحكومة بمنحهم رواتب شهرية كاملة عن السنوات التي قضوها في السجن، وكأنهم كانوا على رأس أعمالهم. هذا وقد سمحت الحكومة لهم بالعودة إلى وظائفهم التي كانوا يشغلونها قبل اعتقالهم. وكانت النتيجة أن هؤلاء الأشخاص تراجعوا تمامًا عن الأفكار التكفيرية التي كانوا يتحدثون عنها من قبل، ومن ثم قامت الدولة باحتوائهم.
تعتبر دولة الإمارات بحسب مسؤوليها وقياداتها أن هذا النهج قديم حيث يتواصل حكّامها بشكل دائم مع الشعب للملمة البيت الإماراتي من الداخل وإصلاحه من ابوظبي إلى الفجيرة وقطع الطريق على ما يسمونه بالأجندات الخارجية. وربما يكون حاكم الشارقة سلطان القاسمي هو أهم من تحدث حول ما يجري في الإمارات الايام الأخيرة، إذ قال في حديثه للإذاعة المحلية إن الإمارات وطن استثنائي، كما اعتذر من امهات المعتقلين "من أجل اصلاح ابنائهم والعودة إلى صوابهم والتراجع عن خدمة الملفات الخارجية، حيث أن هدفهم ليس الاصلاح كما يدعون، بل نقل أمراض المجتمعات الأخرى وأزماتها".
ومن جهته، قال الشيخ حمد بن محمد الشرقي حاكم إمارة الفجيرة: "في هذا الشهر المبارك خرجت علينا مجموعة تدعو للخروج على هذه الثوابت بمنهج منحرف وأفكار ضالة، سعيًا إلى فرقة الكلمة وشق الصفوف بحجج واهية واتهامات باطلة لا وجود لها إلا في عقولهم مدفوعين بمصالح شخصية تلبية لأجندات خارجية". هذا وقد ظهر بعض هؤلاء المعتقلين من إمارة الفجيرة التي أصبحت ذات اهمية استراتيجية كبرى، لأبوظبي ودبي، بعد تصدير النفط من خلالها بعيدًا عن مضيق هرمز. فالإمارة ستلعب دورًا حيويًا في تطوير الاقتصاد الإماراتي وتنميته بشكل كبير.
وفي التفاصيل، فإن الأحداث الأخيرة التي شهدتها الإمارات أدت الى اعتقال اسماء ناشطة، كانت لهم سوابق، أوقف بعضهم في العام الماضي، إلى أن أفرج عنهم من قبل رئيس الدولة.
لكنّ أمورًا كثيرة يرى الإماراتيون من خلالها أنها تدخل سافر في شؤونهم الداخلية، وخاصة من خلال الضغوط من قبل المنظمة الأم في القاهرة والوعاظ في الكويت، ووضع الحكومة الإماراتية تحت مقصلة الهجوم، إلا أن الإمارات ترفض هذا الأمر وتعتبره مؤامرة عليها من قبل "الذين يدعون الاصلاح ويريدون أسلمة الإمارات وكأنها خالية من المشاعر الدينية".
ويعتبر البعض أيضاً أن هذه الضغوط تترافق مع حملات فضائية تستضيف أهالي المعتقلين الذين يشكون من اعتقال آبائهم أو أزواجهم. وفي المقابل لا يوجد متفاعلون اماراتيون، للتحدث عبر تلك القنوات الفضائية للرد والدفاع عن الدولة، كما يعبرون عبر شبكات التواصل الاجتماعي للحصول على حل لمشكلاتهم.
وتحاول القنوات الأجنبية أن تتصل بالجهات الرسمية الإماراتية حتى تحصل على رد منها حول هذه القضايا، إلا أن الجميع يرفض أن يرد او يشرح وجهة نظر الحكومة بالنسبة للمعتقلين، وفي المقابل هذا يعطي فرصة للمتعاطفين ولأهالي هؤلاء المعتقلين بالاتصال بالجهات الاجنبية وخصوصًا الناشطين الكويتيين أو الذين يسمونهم في الإمارات بـ"وعاظ الكويت" وتمرير وجهة نظرهم بجدارة، حيث يحاول الأهالي نشر ثقافة التعاطف في الاعتقال، خاصة خلال شهر رمضان، حيث يقوم بعضهم بنشر صور آبائهم ويكتبون في أسفلها بأنهم يعيشون حياتهم من دون أب لكسب تعاطف افراد المجتمع معهم.
الشائعات والأزمة المالية العالمية
تأثرت دبي بالأزمة المالية العالمية التي وقعت عام 2008 وعندما حاول الاعلام الأجنبي الحصول على توضيحات من الجهات الرسمية هناك، تهرب مدراء الدوائر في من الحديث في ذلك الوقت، ما أشاع الكثير من الغموض وأكد ما يثار من شائعات حول وضع الإمارة المالي. ولكن عندما قرر الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن يقابل الإعلاميين شخصيًا وأن يدلي بتصريحات شخصية للاعلام الأوروبي والأميركي حول حقيقة الوضع الاقتصادي وضع حدًا للشائعات وطمأن المستثمرين، حيث أمر بتوضيح الصورة الحقيقية عن دبي وعدم المبالغة والتضخيم.
إلا أن هذا الأمر غاب عن الإعلام الرسمي الإماراتي في قضية المعتقلين، ويطالب المواطنون بضرورة أن يوضح الاعلام وخاصة الاماراتي للجميع ما كان ينوي هؤلاء المعتقلون القيام به بعد صدور حكم المحكمة بشأنهم. وبإمكانهم في هذا الصدد رصد شهادات بعض الأهالي والمتعاطفين الذين كتبوا على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أنهم يزورونهم في السجون "ذي الخمس نجوم" ويجدون أن المعاملة جيدة، وأنهم يتواصلون معهم بكل ارتياح في سجونهم. وكان بعض هؤلاء المعتقلين مقربين من دائرة الحكم وخصوصاً في امارتي الشارقة ورأس الخيمة وبعضهم من ابوظبي.
قصة هروب الركن وأتباعه
في الخليج هناك تخوف من الإخوان المسلمين يلمسه المتابع، وفي الإمارات تبدو تصريحات رسمية عديدة تؤكد الحاجة لمعالجة هذا المد "الإخواني"، خصوصاً بعد أن اختطفوا ثورات الشعوب العربية بحسب المراقبين، ويمكن استحضار تصريح قائد شرطة دبي ضاحي خلفان حول هذا الأمر حينما قال إن الإخوان يريدون السيطرة على الخليج وثرواته.
هذا الأمر دفع بالإمارات إلى اتخاذ إجراءات سريعة نحو حصار هذا المد، ومن ذلك قضية محمد الركن المعروف في الإمارات بأنه "محامي الاخوان"، والذي حاولت "إيلاف" أن تلتقيه قبل عدة أشهر عندما هوجم عبر تويتر وأتهم أنه يمثل الاخوان ، ولكنه رفض أن يجري أي حوار وانكر أنه يمثل الاخوان، ولكن المفاجأة كانت قصة هروبه مع ابنه بمساعدة أطراف من نفس المجموعة.
الركن كان يريد الهروب إلى سلطنة عمان مع ابنه، وعن طريق مطار مسقط كان سيتوجه إلى دول أخرى ليلتقي مع مجموعته وشركائه ليقوموا بتكوين معارضة للدولة من الخارج، ولكن تم اعتقاله في منطقة المدام في الشارقة بين الجبال، قبل أن يتمكن من الهرب. وقد تمكنت مجموعة من اصدقائه من الفرار إلى اميركا واوروبا.
إخوان الكويت
تعاطف اخوان الكويت الذين يشكلون "الحركة الدستورية الاسلامية" أو ما يسمى بـ(حدس) مع الركن واتباعه، وتهاجم هذه الحركة دولة الإمارات وتقف ضدها، وهذا ما اتضح جليًا عندما استضافوا في "غبقة حدس" كل سفراء دول الخليج اضافة إلى السفير الايراني ولم يستضيفوا السفير الإماراتي في الكويت.
ولا تزال تداعيات مصافحة النائب الكويتي جمعان الحربش، للسفير الايراني في "غبقة حدس" تلقي بظلالها على الشارع السياسي الكويتي، وفي هذا الصدد اعتذر النائب الحربش عن مصافحته لممثل سفارة ايران مؤكدًا أن حضور السفير للغبقة كان خطأ يجب ألا يتكرر.
وقال الحربش "اعتذر للأمة لأن يدي مست يد ممثل سفارة النظام الايراني وكفارتها، بعد أن أغسل يدي بالماء سبعاً ستكون باذن الله اطلاق حملة جديدة لتمويل الجيش الحر". مضيفًا أن "دعوة السفير الايراني لحضور غبقة الحركة، خطأ يجب ألا يتكرر رغم عدم علمي بهذه الدعوة لأنها تتم عن طريق شركة خاصة توجه دعوات لجميع السفارات".
موقع إيلاف الإلكتروني