الطرق تتبنى الذكاء الاصطناعي وتنتج طاقة الكهرباء بنفسها

لم يكن ينقص السيّارات – الروبوت (تسمّى أيضاً «سيّارات ذاتيّة القيادة») في مستهل زمن نزولها إلى الشوارع والأوتوسترادات، أن تتحطّم مركباتها في الصين، بعد حوادث أشد مأسويّة في الغرب. ترافقت تلك السلسلة من الحوادث شرقاً وغرباً مع إعلانات متتالية عن تأخير اندماج تلك السيّارات في المواصلات العامة. وقبل أيام، أعلنت شركة «تيسلا» Tesla تحطّم إحدى سيّاراتها الذاتيّة القيادة في بكين، ما أثار ردود فعل سلبيّة واسعة في الصين، ترافقت مع التزام الشركة إجراء تحقيق واسع عن ذلك الحادث. وتتخصّص «تسيلا» أصلاً في السيّارات الكهربائيّة والهجينة، لكنها تبنّت مشروع السيّارة – الروبوت بحماسة. وتأسّست الشركة في أواخر العام 2008 على يد إيلون ماسك، وهو من كبار المستثمرين في المشاريع العلميّة المتقدّمة.

وذكّر الحادث الصيني بآخر شهدته الولايات المتحدة في وقت مبكر من العام الجاري، وأودى بحياة السائق «المـــساعد»، ما أثار ردود فعل سلبيّة بعد أن كانت مجموعة من ولاياتها رخّصت لسيّارات الروبوت.

اذاً، الأرجح أن سيّارات – الروبوت سوف تتأخّر بضع سنوات، قبل أن تصبح جزءاً من المواصلات الميكانيكيّة في العالم.

تنبيه السائق «الغافل»

الأرجح أيضاً أن الذكاء الاصطناعي في المواصلات لا يقتصر على السيّارات، إذ تعكف دول أوروبيّة عدّة على مشاريع علميّة متطوّرة تهدف الى جعل الشوارع والأوتوسترادات طرقاً ذكيّة تنتشر فيها تقنيّات متنوّعة. ومع زيادة انتشار نظام «جي بي إس» GPS في السيّارات، وهو نظام لتحديد الأمكنة على الأرض بواسطة الأقمار الاصطناعيّة، بات مستطاعاً إرسال تحذيرات إلى السائقين من طريق إشارات ضوئيّة إلكترونيّة أوتوماتيكيّة لما يستجدّ من أشياء غير متوقعة على الطرقات التي يسلكونها، خصوصاً عندما ترصد تلك النُظُم عدم تنبّه السائق لتلك المستجدّات. ويجري العمل على خطط تجعل تلك الطرق الذكيّة قادرة على انتاج الطاقة التي تستخدمها الأنظمة الإلكترونيّة المبثوثة في تلك الطرق، مع إمكان إرسال فائض الطاقة إلى شبكات عامة للكهرباء.

وتتصدّر مدينة ايندهوفن الهولنديّة التي تحولت في السنوات الأخيرة مركزاً أوروبيّاً مهمّاً للاختراعات الصغيرة غير المألوفة، قائمة المدن الغربيّة في مشاريع «الطرق الذكيّة الآمِنَة». وقبل شهور، جرّبت إحدى طرقها الدائريّة مشروعاً لافتاً لشركة «بايك سكاوت» BikeScout الهولنديّة، إذ أزالت الإشارات الضوئيّة التقليديّة كلها، ونصبت محلها نظاماً إلكترونياً لتحذير السيّارات وسائقي الدرّاجات الهوائيّة من الأخطار. وعلى رغم أنّ التجربة ما زالت في بداياتها، إلاّ أنّ هناك مؤشرات الى أنها ساعدت في تسهيل إنسيابيّة المرور في ذلك الطريق. وكذلك ظهرت انتقادات على درجة الأمن في المشروع، خصوصاً مع عدم اعتياد مستخدمي الطريق الإشارات الضوئيّة الجديدة التي تصدر تحذيرات في شأن اقتراب سيّارات ودرّاجات هوائيّة، مع تنبيه السائق إلى ضرورة تخفيف سرعته. وتتكامل التكنولوجيا التي تستخدمها «بايك سكاوت» مع نظام الـ «جي بي إس»، وهي آخذة في الانتشار تدريجيّاً.

كهرباء الطرق

في موازاة ذلك، هناك بحوث متواصلة تسعى إلى توليد الطاقة الكهربائيّة من الطرق من طريق نصب خلايا شمسيّة في جنباتها. وفي هولندا، تضمّ طرق سريعة كثيرة عوازل للصوت تخفف وصول ضوضاء الشوارع إلى الأحياء السكنيّة القريبة منها. وهناك خطط لتحويل تلك العوازل منصات للخلايا الشمسيّة، لتزويد الطّرق بالكهرباء.

في سياق متّصل، ثمة تجارب بريطانيّة على أن تعمل منصّات توليد الكهرباء على الطرق، كمراكز لشحن السيّارات الكهربائيّة. كما تنهض كوريا الجنوبيّة بمشاريع مماثلة تركّز على الباصات الكهربائيّة.

وتختص شركة «سولار رودوايز» Solar Roadways الأميركيّة في مسألة إنتاج الطاقة من الطرق الذكيّة. وحصلت الشركة على دعم مؤسسات علميّة لمشروع آخر يسعى إلى جعل الطرق خلايا شمسيّة بحد ذاتها، ما يمكّنها من الحصول على طاقة كهرباء لتشغيل النُظُم الذكيّة عليها، إضافة إلى المساهمة في إذابة الثلوج عند تراكمها عليها، وهي من المشكلات البارزة في المواصلات أثناء فصل الشتاء في دول غربيّة عدّة.

استطراداً، هناك مكوّنات كثيرة من السيارة الذكيّة صارت موجودة فعلياً في السيّارات، كالمجسّات الإلكترونيّة التي تطلق تحذيرات عند اقترابها من أجسام متحركّة أو ثابتة، ونظم مؤتمتة لركن السيّارة في أماكن الوقوف. وكذلك تستخدم تقنية «جي بي أس» في إعلام السائق بأحوال المواصلات وحركتها ودرجة الازدحام عليها وغيرها.

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى