صندوق النقد يقر قرضا بقيمة 12 مليار دولار لمساعدة اقتصاد مصر
اقر صندوق النقد الدولي الجمعة قرضا بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات لمصر التي تعاني من ازمة اقتصادية واضطرابات اجتماعية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. وتعهدت السلطات المصرية التي ستحصل فورا على القسط الاول من صندوق النقد الدولي وقيمته 2,75 مليار دولار ان تقوم مقابل ذلك بتنفيذ سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية غير الشعبية.
وافاد مجلس صندوق النقد الدولي في بيان ان القرض “سيساعد مصر في استعادة استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو الشامل”.اضاف ان “السياسات التي يدعمها البرنامج تهدف الى تصحيح الاختلالات الخارجية واستعادة القدرة التنافسية، ووضع عجز الموازنة والدين العام على مسار تنازلي، وتعزيز النمو وخلق فرص العمل وفي الوقت نفسه حماية الفئات الضعيفة”.
وياتي قرار صندوق النقد بعد ان اقرت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي خفضا حادا في دعم بعض المواد الرئيسية ما اسفر عن ارتفاع الاسعار في محطات الوقود. كما اقرت تحرير سعر صرف العملة الوطنية، وضريبة القيمة المضافة ما قد يؤدي الى زيادة تكاليف المعيشة رغم ان السلع الاساسية مثل الخبز وغيرها ستكون معفاة.
وما زالت مصر تترنح اقتصاديا بعد ست سنوات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تخللها الاطاحة برئيسين.
وفرقت الشرطة بعض الاحتجاجات الصغيرة الجمعة ضد ارتفاع الاسعار في حين يحذر محللون من ان الحكومة ستستمر في مواجهة التحديات. وتجنبت حكومات القاهرة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لسنوات خوفا من الاضطرابات لكن السيسي رغم الاستياء المتزايد للسكان قال ان الاصلاحات “صعبة لكن لا مفر منها”.
ووفقا لنظامه الداخلي، سيعمل صندوق النقد الدولي على التحقق من تنفيذ هذه الاصلاحات قبل صرف مزيد من اقساط هذا الخط الائتماني الحيوي للبلاد. وتجري عملية المراجعة عادة كل ثلاثة أشهر، وبعد ذلك يتم الافراج عن شريحة من القرض. وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الجمعة ان المخاطر التي تواجه تنفيذ البرنامج الاقتصادي الذي تم التفاوض بشأنه مع القاهرة كبيرة لكن ما يخفف من عبئها هو الدعم السياسي الواسع لأهداف هذا البرنامج وكذلك الإصلاحات الطموحة.
وقد تراجع احتياطي العملة الاجنبية لدى البنك المركزي الى قرابة 19 مليار دولار، اي ما يغطي بالكاد واردات السلع الاساسية مدة ثلاثة اشهر. وادى نقص العملة الاجنبية الى ارتفاع الاسعار ما اسفر بدوره عن انخفاض في القوة الشرائية في حين يعيش نحو ثلث 90 مليون مصري بالفعل تحت خط الفقر.
كما ان النمو الاقتصادي لا يزال بطيئا ومن المتوقع ان يتراجع الى %3,8 هذا العام، مقابل 4,2% عام 2015، وفقا لصندوق النقد الدولي.
كما ان التضخم يقترب من نسبة 14 في المئة ومن المتوقع ان يرتفع اكثر من 17 في المئة عام 2017 وكل ذلك وسط عجز في الميزانية نسبته 12 في المئة.
وصدر قرار صندوق النقد الدولي بعد ساعات من اعلان وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني انها عدلت من نظرتها لديون مصر المستقلبية من سلبية الى مستقرة.
وقالت الوكالة في بيان الجمعة إنها عدلت من نظرتها المستقبلية للديون السيادية الى مستقرة من سلبية لكنها ابقت على تصنيفها “بي سلبي” بالنسبة لديون العملة الاجنبية والمحلية على الامد الطويل و”بي” على الامد القصير. واضافت ان زيادة التضخم في مصر في الاجل القريب جراء تخفيض قيمة العملة وتخفيض الدعم بالاضافة الى رفع اسعار الفائدة سيضع ضعوطا على الاستهلاك المحلي وقد يسبب قلاقل اجتماعية.
وأوضحت الوكالة ان تصنيفاتها لمصر لا تزال مقيدة، نتيجة “العجز المالي الواسع النطاق والدين العام المرتفع ومستويات الدخل المنخفضة وهشاشة المؤسسات والمجتمع″.
وفي هذا السياق، يعي صندوق النقد الدولي تماما احتمال حدوث قلاقل، واكد مرارا أن تدابير الحماية الاجتماعية في صفقة قرض مصر “هي حجر الزاوية في البرنامج”، وتشمل زيادات في دعم المواد الغذائية حتى مع التخفيضات في الميزانية.
وقالت بسمة المومني، خبيرة شؤون العالم العربي في احد مراكز الابحاث لفرانس برس “حتى لو تغير صندوق النقد الدولي ولم يعد يفرض تدابير التقشف نفسها، فان الواقع على الارض يقول ان من الصعب جدا تطبيق الاتفاق”. وستساعد قروض من السعودية والصين، مصر في جمع خمسة الى ستة مليارات دولار كتمويل اضافي لازم لاستكمال قرض صندوق النقد الدولي.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية