عودة ظاهرة الاغتِيالات للعِراق فألٌ سيّء لحُكومة الكاظمي.. هل الهدف جرّ العِراق لفوضى السّلاح؟ ومن يَقِف خلفها؟ ومن هي الضحيّة التالية؟

 

جاءت جريمة اغتِيال الدكتور هشام الهاشمي، الخبير والباحث في شُؤون الجماعات الإسلاميّة المُتشدّدة، وأحد مُستشاري الحُكومة العِراقيّة في الشؤون الأمنيّة لتسلط الأضواء على حالةِ عدم الاستِقرار وفوضى السّلاح التي تسود العِراق حاليًّا. صحيح أنّ السيّد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء تعهّد بمُعاقبة المُتورّطين في هذه الجريمة البَشِعَة، وأقال العميد ركن محمد قاسم قائد الفرقة الأولى بالشرطة الاتحاديّة، ولكنّ الضّرر قد حصل ومن غير المُستبعد أن تكون عملية الاغتِيال هذه مجرّد قمّة جبل الجليد، وفألٌ سيٌّء لحُكومته التي تُواجه اتّهامات شَرِسَة مِن فصائل وأحزاب في الحشد الشعبي بمُوالاة الأمريكيين، والدّفاع عن وجود قوّاتهم في الأراضي العِراقيّة.

ما زالت الجِهة التي تقف خلف عمليّة الاغتِيال هذه مجهولةً، فهُناك مَن يتّهم فصائل مسلّحة مُوالية لإيران، بينما يُشير آخرون بأصابِع الاتّهام إلى تنظيم الدولة الإسلاميّة، أو “داعش”، الذي كشف المرحوم في دراساته وأبحاثه عن هيكله التنظيميّ والقِياديّ، والعديد مِن عمليّاته الإرهابيّة داخِل العِراق وخارجه، ولذلك فإنّ مَهمّة السيّد الكاظمي في البحث عن الجُناة وتقديمهم إلى العدالة ستظَل في غايةِ الصّعوبة، ومحفوفةً بالمخاطر أيضًا.

الدكتور الهاشمي كان مُقرّبًا مِن الحُكومة الحاليّة، والحِراك الشعبي العِراقي المُطالب بالديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة والقضاء على الفساد، وإنهاء النّفوذ الإيراني في العِراق، ممّا يعني، بطريقةٍ أو بأُخرى، أنّ عمليّة الاغتيال هذه رسالة قويّة مُوجّهة إلى السيّد الكاظمي، رئيس الوزراء الذي أرسل قوّات أمنه لاقتِحام أحد مقرّات “حزب الله العِراق” واعتِقال عدد من عناصره بتُهمة إطلاق صواريخ كاتيوشا على السّفارة الأمريكيّة والمِنطقة الخضراء، وتعهّده، أي الرئيس الكاظمي، بتجريد جميع الفصائل والميليشيات مِن سِلاحها، وحصر السّلاح في يَد الدولة وقوّاتها الأمنيّة والعسكريّة في تَلميحٍ مُباشرٍ إلى فصائل الحشد الشعبي.

جُثمان المرحوم الهاشمي، شهيد الصّحافة وحُريّة التعبير، حسب وصف مُعظم زملائه ورموز الحِراك الشعبي، ربّما يكون قد وري الثّرى ظُهر اليوم، ولكنّ تداعيات عمليّة اغتِياله وانعِكاساتها على أمن العِراق واستِقراره لن تختفي بسُهولةٍ في ظلّ حالة التوتّر السّائدة في صُفوف البِلاد حاليًّا.

إنّ آخِر ما يحتاجه العِراق في ظِلّ حالة الاحتقان الشعبي، والأزَمات الاقتصاديّة، والاستِقطاب السياسي والطائفي، هو فوضى السّلاح، وتَصاعُد ظاهرة الاغتِيال السياسي، ولهذا فإنّ مَهمّة السيّد الكاظمي وحُكومته في حفظ الأمن ومُواجهة خطر الإرهاب الذي عاد ليَطُل برأسه من جديد، ستكون صعبةً للغاية، إن لم تَكُن مُستحيلةً، لأنّ أعداءها، يملكون القوّة المُسلّحة والمُنظّمة، والدّعم الخارجيّالسيّد الكاظمي يسير وسَط حقل ألغام شديدة الانفِجار، ويُواجه نفوذين قويّين مُتنافِسَين، الإيراني والأمريكي، وأيّ خطأ في الحِسابات قد يكون كارثيًّا، وقد يكون إنهاء الوجود العسكريّ الأمريكيّ في العِراق هو الأقل كُلفةً لأنّه يأتِي تجسيدًا لقرار برلمانيّ، حسب ما يعتقده الكثيرون الذين يَعرِفون هشاشَة الوضع الداخليّ في الوقتِ الرّاهن.

مِن غير المُستَبعد أن يكون السيّد الكاظمي هو الضحيّة التّالية، فالتّهديدات له كثيرةٌ ومِن أكثر مِن جهةٍ.. واللُه أعلم.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى