أزمة «السويس» تتعقّد: انطلاق البحث عن طرق بديلة
دخلت عملية تعويم السفينة الجانحة، «إيفر جيفين»، في قناة السويس، مرحلة الحسم، وسط ترقُّب لتحديد موعد زمني لاحتمال استئناف المرور في القناة، بعد إغلاق دام خمسة أيام كاملة. وفيما تنتظر أكثر من 360 سفينة، بينها أربع ناقلات نفط عملاقة، بدأت الخطوط الملاحية التوجُّه نحو طريق رأس الرجاء الصالح تدريجياً، من جرّاء مخاوف من طول فترة إغلاق القناة، وغموض موعد استئناف الحركة فيها على نحو طبيعي.
ويعمل مسؤولو القناة، حالياً، على تنفيذ الخطة الأولى التي تمّت فيها الاستعانة بشركة هولندية متخصّصة، والقائمة على تعويم السفينة بوضعها الحالي وبظروف عملها نفسها، مع استغلال المدّ المرتفع لتحريكها حتى تكمل مسارها خارج المجرى الملاحي الذي تسبّبت في إغلاقه، بما يسمح باستئناف الحركة الملاحية بصورة اعتيادية، وتوازياً بحث إمكانية استئناف الناقلة رحلتها. ويرتبط هذا السيناريو بنجاح الكراكات في حفر ما لا يقلّ عن 20 ألف متر مكعّب من الرمال والطمي حول جسم السفينة بما يسمح بتحريكها. لكن تواجه الكراكات والحفارات مشكلة جذرية مرتبطة بطبيعة الصخور في هذه المنطقة الشديدة القوة.
وتقرَّر توسيع نطاق الحفر والتكريك بجوار مقدّمة السفينة للمساعدة في التعويم، مع تطبيق معايير للسلامة تضمن بقاء الكراكات على بعد عشرة أمتار على الأقلّ عند العمل، واستخدام مساحات الأعماق وتقديم أرقام تقديرية كلّ ثلاث ساعات عما تمّ إنجازه، وأيضاً استخدام تقنية الموجات فوق الصوتية. وفي ظلّ توجيهات الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بالاستعداد للسيناريوات الأسوأ التي تستغرق وقتاً أطول، يبقى السيناريو المعمول به حالياً محفوفاً بالمخاطر أيضاً لاحتمالية انقلاب السفينة والحمولة التي على متنها، والمُقدّرة بمليار دولار تقريباً. كما أن انقلابها يحتاج إلى وقت طويل لإزالة وتطهير المجرى الملاحي من آثار الشاحنات العملاقة التي تحملها في حال انقلابها نتيجة اختلال توازنها بعد الانتهاء من التكريك.
السيناريو الثاني الذي سيبدأ العمل عليه خلال ساعات، مرتبط بإفراغ حمولة السفينة من الوقود والمياه تدريجياً، بما يسمح بتسهيل قَطرها من موقعها، لكن المخاوف من اختلال التوازن وغرق السفينة كبيرة أيضاً في هذه الخطّة، التي تتضمّن تخفيف الأحمال من على متنها، خاصة أنها تحمل 224 ألف طن من الحاويات، وأن مسألة التفريغ شديدة التعقيد والصعوبة، وليس ثمّة تقدير للزمن الذي يمكن أن تستغرقه، سواءً كانت جزئية أم كلية. أمّا السيناريو الثالث، فقائم على تفريغ الحمولة بالكامل وتعويم السفينة، وهو ما يزيد احتمالات غرقها، ما يعني أنّنا سنكون أمام شهر على الأقلّ ستظلّ فيه «السويس» مغلقة بشكل كامل. وجرى إبلاغ القناة بتباطؤ بعض السفن في الوصول انتظاراً لما ستسفر عنه محاولات التعويم الأخيرة، قبل اتخاذ قرار باللجوء إلى رأس الرجاء الصالح الذي سيضيف إلى الرحلات 12 يوماً على الأقل. في المقابل، قدّمت هيئة القناة التسهيلات اللازمة لمئات السفن المنتظِرة في منطقة البحيرات من أجل المساهمة في تخفيف الآثار الناتجة من الانتظار، مع البحث في صرف تعويضات لها، فيما تمّ توفير علف لسفن تحمل ماشية، لكن وسط مخاوف من تأثير الإغلاق في شحنات طبّية على متن بعض الناقلات.
وطبقاً لمسؤولين في القناة، ثمّة سيناريوات أخرى، من بينها إقامة جسر برّي لنقل ما تحتويه السفن برّاً إلى ناقلات أخرى، لكن هذا الأمر مكلِف للغاية من الناحية المادية، وسيكون من الصعب تنفيذه في حال الاضطرار إلى إفراغ شحنات السفينة الجانحة بسبب حشد السيارات والمعدّات في موقعها. وفي ما يتعلّق بأسباب الحادث، توصَّل مسؤولو القناة إلى اقتناع بأن ثمّة خطأً مرتكَباً من قِبَل قبطان السفينة بخلاف الطقس السيّئ، وذلك بعد الاستماع إلى أقوال المرشدين على متنها. وسيجري تفريغ الصندوق الأسود لمعرفة تفاصيل ما حدث، ليس من أجل تحصيل تعويض للقناة من الشركة المالكة فقط، بل من شركات التأمين المعنيّة أيضاً.
صحيفة الأخبار اللبنانية