أسمع جعجعة .. ولا أرى طحينا
أسمع جعجعة .. ولا أرى طحينا هذا هو حال الواقع السوري اليوم ….
منذ بداية الأزمة والى اليوم سمعنا كثيرا”، وبمختلف اللهجات واللغات ..( رفض ..شجب.. تنديد .. تهديد .. وعيد ..اجتماعات .. لقاءات .. مؤتمرات ) والواقع السوري من سيء لأسوأ ، أكثر ما هنالك فرض عقوبات اقتصادية باعتبارها تنهك النظام وتستنزف سيولته .. واذا بها تنتقل بشكل تلقائي الى الشعب الذي بدأ يعاني الفاقة والجوع ..وفي حالة الافلاس من أي تدخل خارجي لكسر ميزان القوى لصالح طرف دون الأخر ..و لأن كل طرف تدعمه مجموعة من الدول تستغل الوضع السوري لكسب المعركة في حربها الباردة مع القوى العالمية الأخرى .. بدأ دعم عسكرة الثورة وتسليح المعارضة يلقى قبولاً داخليا”ً وخارجياً .. مقابل اعتماد النظام الحل العسكري .. باعتبار لا مصلحة للدول العظمى بالتدخل الخارجي العسكري في سوريا لعدة أسباب منها الخوف على مصالح الطفل المدلل اسرائيل من حيث توريطها بحرب قد تسبب استهلاكها واضعافها .. ورغبة في عدم خوض حرب اقليمية دولية أقرب ما تكون الى الحرب العالمية الثالثة .. اضافة الى الأزمة المالية العالمية واقتراب موعد الانتخابات الأميركية .. والسبب الأهم أن أرخص حرب هي الحرب الأهلية الداخلية التي لا تكلف الا دماء الشعب وتدمير البلد وتفتيت بنيته العسكرية والاجتماعية والاقتصادية .. وسوقاً مهماً لتصريف السلاح …
لم يتمكن أحد الى اليوم من القيام بفعل حقيقي لحسم المسألة .. أو الوصول الى تسوية عادلة ترضي جيع الأطراف وتوقف استنزاف البلد والشعب والدم ..ويبقى التدخل الخارجي الحقيقي في اطار الجعجعة الاعلامية ..والتحريض والتجييش الطائفي ..والتنافس في كسب المواقف التأييدية .. لتصل سوريا الى شفير الانهيار مع تسلل المحرمات الثلاث .. الطائفية .. السلاح .. والحرب الأهلية الى المجتمع السوري وما تتركه من ندب أخلاقية وأمراض مجتمعية تزيد الأحقاد والألام وترفع وتيرة الثأر والانتقام .. وتدمر البلد لسنوات وسنوات ..
واليوم بات وقف العنف والقتل اليومي من أولويات الشعب السوري ..مبادرة حملها المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي بصيغة هدنة فترة عيد الأضحى المبارك .. واذا بها تفتقر لكل شروط الهدنة الحقيقية من مراقبين دوليين نزيهين الى اعتمادها القرار الفردي .. ورفض العديد من كتائب الجيش الحر لها لأنه اعتبرها مخرجاً ليستعيد النظام السوري قوته من جديد بسبب غياب قيادة سياسية واضحة ومحددة للجيش الحر تلزمه بقرار واحد محدد … حلم يتلاشى من قلوب السوريين المترقبين لأي حل ولو مؤقت يحمي دماءهم ووطنهم من مزيد من التشرذم والانقسام .. يضاف اليه خيبة أمل كبيرة من عالم يتفرج على موتهم وألمهم ودمارهم وجل ما يفعله هو تصريحات طنانة أو تنديد شديد .. ودعم السلاح أوالحل العسكري ليساهم بمزيد من اراقة الدماء السورية .. فالعالم اليوم يشاهد ويتفرج على مأساة شعب تدمره آلة الموت الهمجية .. وكل ما يفعله هو تجميع أكبر ملف من الجرائم ضد الانسانية وتوثيقها وتسجيلها .. بدل وقف السبب المؤدي الى كل هذا الاجرام …
فليس الحل هو تدخل عسكري خارجي .. انما الحل الحقيقي هو بايجاد تسوية سلمية حقيقية ترضي جميع الأطراف بحكومة وحدة وطنية أو حكومة انتقالية أو انتخابات رئاسية مبكرة .. والضغط على أطراف النزاع للقبول بها. هل الدول العظمى عاجزة عن ايجاد حل سياسي سلمي ؟؟؟؟ بالتأكيد لا .. ولكنه اليوم ليس لمصلحتها … فمصالح الدول العظمى والتوازنات الاقليمية .. . وقودها الانسان ..
شعارات عالمية طنانة .. ومواثيق حقوق انسان ..انحرم منها المواطن السوري الذي يصارع بشتى الوسائل للحفاظ على انسانيته التي يقتلها كل يوم قصف أو تفجير أو خطف .. أو طائفية وأحقاد .. ..عالم ، لا يحترم الانسان في انسانيته، ولا يراعي أبسط حق من حقوقه ألا وهو حق الحياة الحرة الكريمة .. ليبقى السوري بانتظار معجزة الهية تعيد له الأمل بانسانية الانسان ..