أشعل المنطقة وصب الزيت على النار..
حاول وزير الأمن الإسرائيلي من تيار اليمين المتطرف، إيتمار بن غفير، أن يُثبت لإسرائيل والعالم أجمع بأنه شخصًا لا يخشى التهديدات والتحذيرات وسياسة “لي الذراع”، وأن خطوته “الاستفزازية” باقتحام المسجد الأقصى المبارك، ستكون أول إشارة صريحة لنهج الحكومة المتطرفة التي ينتمي لها تحت رئاسة بينيامين نتنياهو.
صحيح أن بن غفير الذي يلقب بـ”المجنون” بهذه الخطوة “المفاجئة” والتي جاءت بعد تسريبات إعلامية بأنه تراجع عن فكرة اقتحام الأقصى، أثارت الكثير من الغضب وردات الفعل الفلسطينية والعربية والدولية وحتى الأمريكية، لكنها في الوقت ذاتها كشفت عن وجه هذه الحكومة الحقيقي أمام العالم.
بن غفير والتي بدت على ملامحه الكثير من التوتر والقلق خلال تدنيسه لساحات المسجد الأقصى، واستقباله بابتسامة صفراء لتكبيرات والصيحات الفلسطينية، هرب مسرعًا من الأقصى بعد دقائق معدودة، وكأنه فقط أراد أن يوصل رسالة بأنه لا يخشى التهديدات وسأهرب مسرعًا لمخبئي.
الخطوة الاستفزازية أشعلت الغضب الفلسطيني والعربي بكل مكان، اعتبرت فصائل المقاومة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، أن “اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى تصعيد خطير واستفزاز لشعبنا الفلسطيني وينذر بحرب دينية بالمنطقة.
ودعت الفصائل الفلسطينية، خلال مؤتمر صحفي، “أهل الضفة المحتلة لتصعيد الاشتباك والمواجهة مع الاحتلال الصهيوني دفاعا عن الأقصى”، كما ودعت الفصائل “السلطة الفلسطينية لوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي”.
واقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي، زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف إيتمار بن غفير المسجد الأقصى، الثلاثاء، وسط حراسة مشددة، وتم الاقتحام تم دون إعلان مسبق وبعد أن أشاعت مصادر إسرائيلية بأنه قرر إرجاء الزيارة بعد طلب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وتم الاقتحام عبر باب المغاربة في الجدار الغربي للأقصى، في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء وشمل جولة في باحات المسجد.
وسبق أن اقتحم بن غفير المسجد الأقصى مرارا في الماضي ولكن بصفته الشخصية ثم بصفته نائبا في الكنيست، ووعد خلال حملته الانتخابية باقتحام المسجد في حال أصبح وزيرا.
وأدانت الرئاسة والفصائل الفلسطينية بشدة دخول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، اليوم الثلاثاء، المسجد الأقصى بشرق القدس والتجول في ساحاته.
ودانت كذلك وزارة الخارجية الأردنية في بيان، تسلل بن غفير إلى المسجد الأقصى، ووصفت ذلك بـ”خطوة استفزازية” و”تنذر بالمزيد من التصعيد”.
كما وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، إن خطوة بن غفير “تحد للشعب الفلسطيني، وللأمة العربية والمجتمع الدولي”، وحذر أبو ردينة من أن “استمرار هذه الاستفزازات بحق مقدساتنا الإسلامية والمسيحية سيؤدي إلى المزيد من التوتر والعنف وتفجر الأوضاع”.
وشدد على أن “محاولات سلطات الاحتلال الاسرائيلي لتغيير الواقع التاريخي والقانوني القائم في الأقصى عبر تكريس تقسيمه الزماني على طريق تقسيمه مكانيا، مرفوضة ومصيرها إلى الفشل، والقدس الشريف والمقدسات خط أحمر لا يمكن تجاوزه”.
ودعا الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، الإدارة الأمريكية، إلى تحمل مسؤولياتها وإجبار إسرائيل على “وقف تصعيدها واقتحامات المسجد الأقصى قبل فوات الأوان”.
الإدارة الأمريكية كانت غاضبة من هذه الخطوة، فقال السفير الأميركي في إسرائيل، توماس نايدس، إن الولايات المتحدة أبلغت الحكومة الإسرائيلية بأنها تعارض أي خطوة تستهدف الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس.
وأضاف نايدس أنه “ليكن واضحا، نحن معنيون بالحفاظ على الوضع القائم، وأي عمل يمنع ذلك غير مقبول. وقلنا هذا الأمر بصورة واضحة لحكومة إسرائيل”.
ويبدو أن خطوة بن غفير جاءت بمباركة من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي عقد اليوم أولى جلسات حكومته، وتحدث عن كل الملفات التي تتعلق بإسرائيل دون أي ذكر لخطوة بن غفير الاستفزازية باقتحام المسجد الأقصى.
مصر بدورها أعربت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، عن أسفها لاقتحام مسؤول رسمي بالحكومة الإسرائيلية الجديدة المسجد الأقصى بصحبة عناصر متطرفة تحت حماية القوات الإسرائيلية، مؤكدةً رفضها التام لأي إجراءات أحادية مخالفة للوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس.
وحذرت مصر من التبعات السلبية لمثل هذه الإجراءات على الأمن والاستقرار في الأراضي المحتلة والمنطقة، وعلى مستقبل عملية السلام، داعيةً كافة الأطراف إلى ضبط النفس والتحلي بالمسئولية والامتناع عن أي إجراءات من شأنها تأجيج الأوضاع.
هذا وأجمع محللون ومراقبون، أن خطوة اقتحام بن غفير للأقصى، هو إعلان حرب على الشعب الفلسطيني، سواء كان بالاقتحامات أو الاستيطان أو التغول على الفلسطينيين في النقب والجليل والداخل المحتل وكذلك في غزة.
وأكد المحللون والمراقبون، أن خطوة الاقتحام من صواعق الانفجار القادمة والتي تعكس عنصرية هذه الحكومة الفاشية التي تريد الإفصاح عن وجهها الحقيقي لحكومة ربما هي الأكثر تطرفا منذ نشأة هذه الكيان.
ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي شرحبيل الغريب، أن برنامج حكومة الاحتلال هو إعلان حرب على الشعب الفلسطيني ويأتي ذلك بتطبيق فعلي سواء كان بالاقتحامات أو الاستيطان أو التغول على الفلسطينيين في النقب والجليل والداخل المحتل وكذلك في غزة، وما هي إلا صواعق انفجار قادمة تعكس عنصرية هذه الحكومة الفاشية التي تريد الإفصاح عن وجهها الحقيقي لحكومة ربما هي الأكثر تطرفا منذ نشأة هذه الكيان.
وأوضح الغريب: “مما لا شك أن الاقتحام هو تخوفات من أطراف كثيرة وهذا السلوك الميداني يعيد المواجهة من جديد على غرار ما تم بين حماس و(إسرائيل) في معركة سيف القدس عام 2021م”.
وأكد في تقدير موقفه “بأن تتجه الأمور إلى سيناريوهات أكثر سخونة خلال الأيام القادمة وهذا السلوك لن تقبل فيه الفصائل والشعب الفلسطيني وهذا الواقع سيشتعل من جديد ولكن هذه المرة ليس مع غزة وحدها بل مع كل الساحات كافةِ”.
وقال خلال حديثه بأن “هذه الحكومة ماضية في برنامجها وستتجه الأوضاع إلى سخونة وهذه الخطوة ستُعلن حرب كبيرة في المنطقة والمعطيات الفلسطينية تتدلل على ذلك”.
ونوّه لتحديد موقف واحد بأن “يتحرك شبابنا وأهالي القدس بعد خطوة بن غفير في تظاهرات واعتصامات حاشدة في الأقصى ترفع خلالها شعارات التحدّي وتأييد المقاومة، مما سيساعد في تثوير المكان الذي دخله بن غفير وتحويله إلى بيئة طاردة لبن غفير وأمثاله وجالبة للأبطال أصحاب العمل المفرد”.
من هو الوزير الفاشي
ايتمار بن غفير وصل إلى هذا الموقع الهام داخل الحكومة نتيجة تطرفه وعدوانه المستمر على الفلسطينيين واستهدافه المستمر للقدس والمسجد الأقصى، ولا يمكنه أن يتراجع تحت التهديدات لأنه يعتبر الأمر (مصلحة شخصية) ومصلحة حزبية وغير معني بأي تداعيات أمنية، وقد سبق وأن تجاهل التهديدات وكان شرارة اندلاع مواجهة سابقة نتيجة عدوانه على حي الشيخ جراح.
وفي الأوساط الصهيونية ينعتونه بالمجنون لأنه يحاول صب الزيت على النار وكسر حالة الهدوء واستفزاز المقاومة الأمر الذي سيدفع المشهد نحو مزيد التصعيد، كما ويتهمونه بأنه متهور ولا يتصرف بمسؤولية على الرغم من موقعه المتقدم لأنه لا يزال يتصرف كمعارض وليس كرجل حكومي معني بنجاحها واستقرار الوضع الأمني.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية