لعنة الهوية !
الحزن…موسيقى ناعمة لمرور الزمن… يمسّنا واحياناً يسعدنا !
__________________________________________
لعنة الهوية !
عندما ترى “الغجري” متطاير الشعر، في الأفلام، تفكر: “لأنه خارج الهوية فهو حرّ”، لا يملك إلا خيمة وغيمة، وفي الاستخدام الجمالي للحياة يضاعف من تعلّقه بها وذلك بتوزيع الموسيقى على سلم البراري .
الوردة في يده قطفها للتو من قلبه، وثمة خيوط تلوّن سرج الحصان الذي يبدو على شكل طائر. هو يعتقد أنه القائل :
” تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو. إنها لا تتعب ولا تمل” .
وربما… بعد أن لمس يده قسسٌ عابرٌ في وسط أوروبا قال له: ” هذه الجملة، يابني، قالها المسيح… ولكنك يمكن أن تعلقها في أي مكان من عنقك !”
إلا أنه ، كمؤلف أغان جوّال، لا بد له من الشعر. فتّسش الحقيبة القماشية ليجد قمرا لحبيبته، وحين رآه ينمو في الكلمات، كان قد احتاج إلى حصان، ليطير به إليها… فسرقه من حظيرة أغنياء، وعلى ظهره كتب قصيدة أخرى عن حصان أبيض، في أطراف غابة أخرى!
الغجر متهمون بأنهم ” سلالة جماع غير شرعي بين أنثى سمراء وشيطان.”
وعندما سئل أحدهم عن انتمائه، تلعثم، مرة أخرى، بأغنية ليس للحصاد والحاصدات، وإنما لزيزان الصيف، والعسل الوافر من شجيرات الخروب البرّية. قيل له أنت هندي… فقال أنا إنسان ما قبل الوصف. لم يعلم شيئاً عن فترة الشعوب والانزياحات في الهوية ، لكنّ الآخرين، ولتنظيف الأحياء الصافية الهوية من الغرباء، لم يناقشوا أفراداً يعيشون من ريع الوتريات. ألمانيا النازية جمعت نصف مليون غجري. وفي بضعة أيام أصبحوا، في بولندا، خمسة آلاف حي لا غير!
غجري بائس، ربما من بقايا المحرقة وبقايا الذاكرة. المحرقة التي لم يذكرها أحد، بسبب الأهم، في تلك الأيام… اليهود، كتب هذه الأبيات:
“ادفنوني واقفاً، لقد أمضيت حياتي كلها راكعاًعلى ركبتيّ”.
ما عدا لعنة الهوية، ثمّة نعمة الحرية، حتى عندما يشقق البرد جلد الطبول. فالأفراح الصغيرة ممكنة دوماً ما دام نزع الملكية، أو التخلي عنها، بمحض الخيارات، قد أبقى على خيمة وغيمة!
ثمة هويات أخرى أصيبت بلعنة أكثر فداحة، ذلك لأن بلاداً في هذه الأرض “يعتقلها موقعها الجغرافي“. وإذا ابتليت بالحداثة، في عصرنا الحديث، فسيكون نصيبها القتل والجدران التي تصد الرياح.
الحداثة تبيّن، لاحقاً أنها الحرب، وأحياناً بأسوأ أشكالها: الحرب الأهلية، التي تنتهي عندما ينتهي … الأهل !
ثمة أيضاً… ” لعنة القداسة” في المكان الذي تدعيه الأسطورة منذ آلاف السنين… من قبور الفراعنة الى قبور الكهّان.
وإذا كانت “لعنة القداسة” أداة لفرض الطاعة على الأحياء في كل العصور… فإنها كانت أيضاً أداة زرع المخاوف من قبل الموتى في كل القبور.
لعنة القداسة… مؤخراً تبين أنها لعنة الجغرافيا… وأحياناً الغباء المحكم!
05.04.2014