وأي جهاد غيرهنّ أريد؟
وأي جهاد غيرهنّ أريد؟ …حاكم عربي مسلم عسكري( أيضاً) ـ (اسمه الآن غير مهم فقد نقله الربيع العربي إلى الموت) أن يكون من بين مهماته، كقائد إسلامي ، إدخال أكبر عدد من الكفار والنصارى إلى الإسلام. فأنشأ جمعية للدعوة ولها أضخم موازنة بعد الدفاع ، وبدأ رسله باستقدام الكفار إلى البلد لأسلمتهم. وكان من أوائل هؤلاء ، رؤساء دول أفريقية، ومثقفين وضباطاً ومدراء… ونصّابين طبعاً!
لم يكن المطلوب أكثر من أداء الشهادتين. (هكذا ظن المتأسلمون) حين فوجئوا بضرورة “الطهور” فقبلوا مقابل حفنات الدولارات ، أن تقطع تلك القلفة الزائدة من أعضائهم التناسلية.
هكذا دخل الإسلام، وبهذه الطريقة، عدد من رؤساء الدول، من بينهم الزعيم غريب الأطوار ـ رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى ـ الجنرال “بوكاسا” .
ولقد شكك الكثيرون بهذه المعلومات ، حتى أتى شهود عيان بمزيد من الغرائب … مثلاً : في متحف الدعوة كان هناك جناح زجاجي معروض فيه زوائد المتأسلمين المقطوعة. ومثل بطاقات تعريف القطع الأثرية في المتاحف، مكتوب إلى جوارها بطاقة تعريف لعائدية هذه التحف !
بالطبع……
لا داعي للقول بان الإسلام في أسوأ طبعاته ، لدى الشعوب، ليس كذلك . والجانب الهزلي تولاه قابضو الدولارات أنفسهم ، حين ارتدوا عن إسلامهم فور عودتهم إلى بلدانهم، فقيل لهم: الارتداد عقوبته قطع الرأس…فعلق أحدهم :” ماهذا الدين الذي عند دخوله يقطعون لك رأس عضوك ، وعند الخروج منه يقطعون لك رأسك؟”
عندما يتصرف الحاكم العربي بهذه الطريقة، بأموال المسلمين ، يغدو “بيت المال” ـ كسابق عهده ، في عصور فاشية الحاكم بأمر الله، ليس وزارة للمالية في الدول الحديثة، بل أكياس نقود ، تذهب إلى المجهول دون رقابة كما أتت، من النفط ، دون حساب. وعندما يتصرف الحاكم بهذه الطريقة يدلنا على بقية أسباب الصرف ، الأمر الذي يؤدي إلى كل كوارث الغضب والفقر، والتخلف ،والفصول …الأربعة من سيرورة الانحطاط!
وأعتقد أن الصرف على “الأسلحة” لا يختلف كثيراً على “الأسلمة” . وليس ضرورياً التدقيق في الأرقام الخيالية التي دفعت ثمناً لبقايا أسلحة أمريكا بعد حرب الخليج، والتي تفوق مئتي مليار دولار. وكذلك التخفيضات التفضيلية لأسعار النفط الذي يضخ إلى أمريكا. مع أن القصة التالية توضح الفرق بين الحاكم عندنا والحاكم عندهم، لجهة الانضباط ، والفروقات بين ” وزارة مالية” في الدول الحديثة، و”بيت مال” المسلمين في دول الحاكم بأمر الله.
يروي محمد حسنين هيكل أنه مرة أهدى جون كينيدي ـ الرئيس الأمريكي سيجاراً كوبياً. فقال له: لا أستطيع تدخينه.. فإذا اشتمّ أحد رائحته في البيت الأبيض ، ستكون فضيحة. فنحن نقاطع ونحاصر كوبا. وسيكون هذا السيجار سبباً عند الكونغرس… لعزلي!
…………..
وإذا كان الحاكم يطلب المصادقة على ما يفعل فإن لديه ورشة الفتوى.
وهذا معروف لدى انتهازيي المؤسسة الدينية منذ أقدم العصور. ولم ينج حتى الشعراء من مديح عصمة الحكام فأبو تمام قال في الخليفة المعتصم :
ولو أن مشتاقاً تكلّف فوق ما في طبعه… لمشى إليك المنبر
واليوم… نجد الغرائب الجديدة في الفتاوى… في إسلام الربيع العربي.
وهو اختراع “الجهاد بالمناكحة”. أي تطوع فتيات للترفيه عن المجاهدين في الميدان، وخاصة في سورية (باعتبارها اليوم ساحة جهاد رقم واحد). وسوف تخصص، وغداً نرى، موازنات ومؤسسات لهذا النوع من الجهاد… علماً أن مؤسسات البغاء العربي غير الرسمي ازدهرت في المحنة العراقية التي امتدت 13 سنة، انخفضت خلالها رتبة ” الماجدات” العراقيات إلى “مجاهدات” المعيشة بالأثداء، نظراً لذلك الحصار الفظيع الذي تعرض له الشعب العراقي.
لمن لا يصدق ما يحدث، لمن لا يصدق أن هذا ممكن الحدوث…فثمة التجربة بالقياس..والاختبار بالمقارنة: فشيوع استخدام أدوات القتل القديمة… كالفأس والبلطة والسيف والسكين في الثقافة الجهادية ( ومدرستها الرسمية القاعدة)… يشير، بوضوح، إلى إمكانية استخدام كل أنواع ثقافات الجهاد، عبر فتوى ليس ضرورياً التدقيق في مصدر شرعيتها، ما دامت تلبي مسرح العمليات وضروراته الجهادية! ولقد دفعت الجزائر ثمناً لهذه الثقافة أكثر من ثلاثمائة ألف قتيل خلال عشر سنوات.
فلا يبالغن أحد في التوقعات، حين تنتشر هذ الجهادية المغرية، في سورية وغيرها من البلدان المرشحة لهذا المصير، حين تغدو الأرقام بالملايين، في مقص استبداد الحاكم والمحكوم، زمن الفوضى، وانهيار المعايير. وزمن هدر المال والنساء ووعود السماء!
زمن قال عنه جبران خليل جبران، قبل مائة عام: ” كثرت طوائفه وقلّ فيه الدين!”