أفلام الكرتون.. لماذا تجذب الشباب؟

تحوي أفلام الكرتون مضامين ترفيهية وخيالية مشوقة، وهو ما يجذب الأطفال إليها، لكونها أُخرجت خصيصًا لتناسبهم، لكنها امتدت لتدخل حيز اهتمام فئة الشباب وحازت على إعجابهم وجذبتهم لمشاهدتها، بدوافع مختلفة قد تكون ترفيهية أو نفسية، للتخلص من ضغوط الحياة والهروب من واقعهم باستعادة براءة وراحة بال الطفولة.

يقول د. يسري عبدالمحسن، أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة: تحتوي الأفلام الكرتونية على مضامين مختلفة، بعضها تعليمي والبعض الآخر ترفيهي وهناك أيضا الخيالي المشوق، ويفترض أن يكون جمهورها بأكمله من الأطفال فقط، ولكن تبيَّن أن نسبة كبيرة من الشباب يتابعون هذا النوع من الأفلام، ولعل لهذا أسبابًا مختلفة، قد يكون من بينها أن بعضها يحتوي على مضامين تحمل معانيَ جادة وتتناول موضوعات أكبر من مستوى مرحلة الطفولة، كما أن الحنين لمرحلة الطفولة وما بها من مشاعر بريئة وبساطة في الحياة والتفكير، من الدوافع التي تجذب الشباب لأفلام الكرتون، حيث إن نسبة كبيرة من الشباب يشاهدون الأفلام الكرتونية لتذكر ما مضى من أيام الطفولة وما كانوا يفعلونه حينها.

كما أن ضغوط الحياة من الدوافع التي تجذب الشباب لمشاهدة أفلام الكرتون، فقد يرغب الشاب الهروب من الضغوط التي يواجهها والمشاكل التي تحدث له، عن طريق شيء يحمل في طياته الضحك واللعب مثل أفلام الرسوم المتحركة، والتي غالبًا ما تحمل مضامين مضحكة وبسيطة تعيد الإنسان لفطرته وتلقائيته.

إلى جانب ذلك، هناك ما تتميز به أفلام الكرتون من مستوى عالٍ من الإخراج والجودة التصويرية، فقد اختلفت كثيرًا عن ذي قبل، حيث أصبحت أكثر وضوحًا من حيث التصوير وطريقة الإخراج، الأمر الذي يجذب الشباب كثيرًا، فقد يرغبون في مشاهدة أعمال ناضجة فنيًا، كما أنها أضحت تتناول أفكارًا متنوعة، وتطرحها بطريقة أكثر وضوحًا، ما جعلها بديلًا حقيقيًا وواقعيًا للأفلام الأخرى المتاحة، بصورة تؤهلها لتكون أفضل أيضًا من الأفلام الأجنبية، لكون بعضها يحتوي على مضامين عنيفة وغير أخلاقية، فقد أصبحت رغبة الشباب تتجه نحو مشاهدة أفلام الكرتون أكثر فهم يفضلون الأفلام التي تخاطب الجزء الناضج منهم ولا يهمل الجزء الطفولي، بالإضافة إلى أنها تشعر الشباب بشيء من الفرحة والسعادة لكونها وسيلة لملء أوقات الفراغ التي يعانونها، حيث يعاني غالبية الشباب من البطالة، ولا يجدون سبيلًا للتنفيس عن أنفسهم سوى مشاهدة أفلام الكرتون.

وكذلك من بين الشباب ما يتعمد متابعة تلك الأفلام للخروج منها بشئ قد يفيد به أبناءه مستقبلًا، حيث احتوى بعضها مؤخرًا على تلميحات غير أخلاقية، الأمر الذي يعود بكل تأكيد إلى طبيعة التركيبة النفسية للشاب ذاته.

• المضمون والإنتاج السينمائي

فيما توضح د. زينب الشريف، استشارية العلوم السلوكية، أن أفلام الكرتون تطورت بصورة أقوى من حيث المضمون والإنتاج السينمائي، فقد تطورت تلك الأفلام وأضحت تتناول أفكارًا أكثر عمقًا تخاطب بها أعمارًا مختلفة، ويبدو أن الهدف من ذلك هو التعامل مع الأطفال باعتبارهم أكثر نضوجًا عن ذي قبل، وتهدف أيضًا إلى الارتقاء بمستوى تفكيرهم أكثر، يساعدها في ذلك توافر سبل الإنتاج، ما يجعلها مفضلة لدى الشباب أكثر مقارنة بالأفلام التي يفترض فيها النضوج، ورغم ذلك فإن لها تأثيرات على سلوكيات الشباب بصورة أكبر من تأثير الأفلام الموجهة لهم، لأن حنين الشباب لمرحلة الطفولة وما كانت تحتويه من براءة وفطرة وتلقائية، يخلق داخله رغبة في التعامل بهذه الصفات، وباعتباره لا يزال طفلًا، الأمر الذي قد ينال من شخصه أمام الآخرين، فمن المعلوم لديهم أنهم يتعاملون مع شخصية ناضجة، لا يتوقعون منها أفعالًا طفولية، ومنها يبدأ الإنسان الدخول في معاناة صعوبة التواصل مع الآخرين، إلى جانب ذلك أن هناك طبيعة بشرية لا تعترف بالمعاني الإيجابية، فقد كثر الكذب والنفاق، وهو ما يتعارض مع طبيعة الشاب الذي يميل لمشاهدة مثل تلك الأفلام الطفولية.

وتضيف د. زينب: الشاب والذي من المفترض أن يكون قد نضج، يتأثر بالأفلام الكرتونية مثلما تؤثر على الأطفال، ويقع عليهم تأثيرها دون شعور منهم بذلك، حيث يصبح الشاب أكثر رغبة في الانعزال بعيدًا عن محيطه والبقاء وحيدًا مع أفلام الكرتون، وهو ما يؤثر على حياته الاجتماعية، كما أنها تخلق منه شخصًا خياليًا يبتعد عن الواقع، يرغب في معايشة الأحلام ولا يسعى لتحقيقها، فقد تساعده أفلام الكرتون في الهروب من واقعه، والاكتفاء بالخيال وتدعيم تلك الحاسة لديه لتكتمل حياته في الخيال أكثر من اكتمالها في الواقع.

ميدل ايست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى