أكّدت تمسّكها بالتهدئة: إسرائيل تُقَّر بعجزها امتلاك معلوماتٍ دقيقةٍ لتنفيذ الاغتيالات المُمركَزة بالقطاع ووزيرٌ يُهدِّد بعمليّةٍ كبيرةٍ للقضاء على حماس وحيفا بمرمى صواريخ “الجهاد”

 

خلافًا لحركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس)، التي أعلنت تأييدها للغزو التركيّ لشمال سوريّة من قبل الجيش التركيّ، فإنّ حركة (الجهاد الإسلاميّ) في فلسطين، لم تُعلِن عن تأييدها للعملية العدوانيّة التركيّة على سيادة دولةٍ عربيّةٍ من قبل غُزاةٍ أجانب، وبرأي المصادر السياسيّة والأمنيّة في تل أبيب، كما أفادت هيئة البثّ العامّة الإسرائيليّة شبه الرسميّة (كان)، فإنّ حركة (حماس) تخشى من أنْ يؤدّي موقفها من الغزو التركيّ إلى تردّي العلاقات بينها وبين الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، التي لا تُخفي دعمها للمُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، وبالإضافة إلى ذلك، استقبل قادة طهران كبار المسؤولين في حركة (حماس)، وما زال الدعم المعنويّ والماديّ مُستمِّرًا، على حدّ قول المصادر في كيان الاحتلال الإسرائيليّ.

ومن الأهمية بمكان الإشارة في هذه العُجالة إلى أنّ الاهتمام الإسرائيليّ، الرسميّ والإعلاميّ، بموقف الحركتين الفلسطينيتيْن من الغزو التركيّ لسوريّة، نابِعٌ من سيطرة الأوضاع في جنوب كيان الاحتلال على الأجندة في تل أبيب، إذْ اجتمع المجلس الوزاريّ الأمنيّ-السياسيّ المُصغَّر، وأكّد، كما قالت صحيفة (يديعوت أحرونوت)، على أنّ حركة (الجهاد الإسلاميّ) هي التي أمطرت جنوب إسرائيل بالصواريخ ليلة الجمعة الماضية، ولكنّ الحكومة الإسرائيليّة أكّدت في بيانها الرسميّ على أنّها ترى في حركة (حماس) المسؤولة الوحيدة عن إطلاق الصواريخ باتجاه مستوطنات ما يُسّمى بـ”غلاف غزّة”، باعتبار أنّ قطاع غزّة، وفق قرارات حكومة بنيامين نتنياهو، ترى في قطاع غزّة كيانًا مُعادِيًا، يُحكَم من قبل حركة حماس، كما أفادت المصادر السياسيّة والأمنيّة بالدولة العبريّة.

وفي السياق عينه، نقل مُحلِّل الشؤون العسكريّة في موقع (YNET)، الإخباريّ-العبريّ، رون بن يشاي، نقل عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلاع في تل أبيب قولها إنّ المعضلة الماثِلة أمام إسرائيل تكمن في كيفية ضرب حركة (الجهاد الإسلاميّ) من دون انهيار التهدئة مع حركة حماس، مُضيفًا في الوقت عينه أنّه في أعقاب إطلاق القذائف على سديروت والمنطقة، شدّدّت إسرائيل على حقيقة أنّ حركة “حماس” تُريد المحافظة على التهدئة، وتبذل كلّ ما في وسعها من أجل ذلك، لكنْ حركة (الجهاد الإسلاميّ) في قطاع غزّة، على ما يبدو، هي التي تُحاوِل إحباط ذلك، وفقًا للمصادر التي اعتمد عليها.

وتابع قائلاً، اعتمادًا على المصادر نفسها، إنّ الشخص البارز الذي اعتُبر منذ فترة يقود الخط المتشدد هو قائد اللواء الشماليّ لحركة (الجهاد الإسلاميّ)، بهاء أبو عطا، وهو صاحب أجندة قتاليّة أشّد تطرفاً من زعيم الحركة الموجود في دمشق، أيْ زياد النخالّة، لافِتًا إلى أنّه ليس لدى عطا مسؤوليات إزاء السكّان كما لحركة (حماس)، بناءً على ذلك، فهو لا يستجيب لطلب وتهديدات الاستخبارات المصريّة التي تُحاوِل إقناعه بالتوقّف قبل أنْ يتدهور القطاع إلى حربٍ مع إسرائيل، طبقًا للمصادر في تل أبيب.

وتابعت المصادر قائلةً إنّ حركة (الجهاد الإسلاميّ) هي تنظيم تدعمه إيران، لكنّها لا تُشرِف عليه مباشرةً، ويوجد لديه آلاف القذائف والصواريخ، بعضها يُعتبر أكثر دقة من الصواريخ “العادية” في القطاع، وهي قادرة على الوصول حتى إلى شمال مدينة الخضيرة، ألتي تقع على بعد عدّة كيلومترات من حيفا.

وفي مُحاولةٍ بائسةٍ ويائسةً لدقّ الأسافين بين الحركتين، زعمت المصادر الإسرائيليّة، بحسب المُحلِّل بن يشاي، زعمت أنّ قيادة (حماس) تبذل جهودًا كبيرةً من أجل لجم عطا، لكنها لا تنجح، وتتخوَّف من أنْ تظهر، في رأيه، كمتعاونةٍ مع إسرائيل، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ (حماس) تُحافِظ على التهدئة بقدر ما تستطيع بعد أنْ تمت الاستجابة إلى كلّ مطالبها، وهي ترى فرصة جيدة أيضًا في الاستجابة إلى مطالباتها الإستراتيجيّة كالمطالبة بمرفأ مستقلٍّ للقطاع في وقتٍ قريبٍ، على حدّ زعمها.

وشدّدّت المصادر على أنّه من بين الاحتمالات التي جرى بحثها في تل أبيب كان موضوع الاغتيالات المُمركزة، لكنّ من أجل إخراج هذا الأمر إلى حيّز التنفيذ، أضافت، فإنّ جيش الاحتلال وباقي الأذرع الأمنيّة في الكيان بحاجةٍ إلى معلوماتٍ استخباراتيّةٍ نوعيّةٍ بصورةٍ خاصّةٍ، على حدّ تعبيرها، وبناءً على ما ساقته المصادر فإنّ إسرائيل تُقِّر بعجزها عن توفير المعلومات المُهِّمة من أجل تنفيذ الاغتيالات المُمركزة، أيْ القتل بدون مُحاكمةٍ، كما فعلت وما زالت تفعل إسرائيل ضدّ قياداتٍ عربيّة وإسلاميّةٍ وفلسطينيّةٍ.

هكذا، خلُص المحلِّل إلى القول، تقوم إسرائيل بمُواجهة ما أسماها بـ”معضلة” التحرّك بصورةٍ مُكثفةٍ ضدّ (حماس) وضدّ أهداف ذراعها العسكريّة، كي تحظى بالعمل ضدّ أبو عطا، والمخاطرة، حينئذ، بالتصعيد في القطاع، لأنّ (حماس) لن تكون قادرةً على ضبط نفسها أوْ الامتناع عن القيام بعمليّةٍ مُهمّةٍ، وأنْ تسمح للـ(جهاد الإسلاميّ) بجمع الثقة بالنفس والجرأة يمنحانه دعمًا، وفي نهاية الأمر يفرضان عمليةً عسكريّةً كبيرةً في غزّة.

ومن الجدير بالذكر أنّ الوزير الإسرائيليّ يوفال شتاينتس، لوّح باللجوء لعمليّةٍ عسكريّةٍ واسعة النطاق في قطاع غزّة، للقضاء على حكم حركة (حماس)، وتزامنت تصريحاته مع تهديدات مسؤولين إسرائيليين بالتحرّك العسكريّ ضدّ قطاع غزّة.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى