أنباء غير سارّة لإدارة بايدن: الصين تجاوزت أمريكا وباتت “رسميًّا” أكبر قوّة بحريّة في العالم.. ماذا يعني هذا الإنجاز؟ وما عُلاقته بإعادة صِياغة السّياسة الأمريكيّة في الشّرق الأوسط وإنهاء الحربين اليمنيّة والأفغانيّة وترتيب البيت السّعودي؟
لم يَكُن مُفاجئًا، ولا مُستَغربًا، أن يسير الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن على خُطى سلفه دونالد ترامب، ويضع الصين في خانة العدوّ الأوّل، والأخطر، بالنّسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة بسبب خطواتها المُتسارعة، اقتصاديًّا وعسكريًّا للتّربّع على عرش القوّة الأعظم في العالم.
أمس السبت كشف تقرير استخباري أمريكي أذاعت مُحتواه قناة “سي إن إن” أنّ الصين تجاوزت أمريكا في عدد القطع البحريّة، بحيث باتت “رسميًّا” أكبر قوّة بحريّة في العالم، وبات لديها 360 قطعة بحريّة هُجوميّة تَضُم سُفنًا وغوّاصات نوويّة وطائرات مُسطّحة بالمُقارنة مع 250 قطعة هي مجموع قطع الأسطول الأمريكي في الوقت الرّاهن.
الاستراتيجيّة الصينيّة، كانت، وما زالت، تتبنّى عدّة خطط مُحكَمة الإعداد، الأولى، بناء بُنى تحتيّة اقتصاديّة قويّة، والثانية، قوّة عسكريّة نوويّة صاروخيّة مُتطوّرة، والثّالثة، ترسانة من الأسلحة السّيبرانيّة والذّكاء الاصطِناعي، ويبدو أنّ هذه الاستراتيجيّة بدأت تَدخُل طور الاكتِمال، وفي زَمنٍ قياسيّ، وتُثير قلق الولايات المتحدة وحُلفائها الغربيين.
الصينيّون يعملون بصَمتٍ مَدعومٍ بثقةٍ عاليةٍ بالنّفس، وتُؤكّد مُعظم التّقديرات الغربيّة أنّهم سيُصبِحون القوّة الاقتصاديّة الأعظم في العالم في غُضون خمس إلى عشر سنوات، وسيُصبِح “اليوان الذّهبي” الصّيني العُملة الرئيسيّة الأولى في العالم، وبِما يُطيح بهيمنة الدّولار، والنّظام المالي الغربي الذي حكَم العالم واقتِصاده مُنذ الحرب العالميّة الثّانية.
وبينما يُعاني الاقتِصاد الأمريكي من أزمة فيروس كورونا، ووفاة 537,120، وإصابة 29,654,050 حتى اليوم، تعافت الصين كُلِّيًّا مُنذ عدّة أشهر، واستطاعت احتواء الوباء كُلِّيًّا، وحقّقت وتُحقّق نُمُوًّا اقتصاديًّا تجاوز التوقّعات ليَصِل إلى 6.5 بالمِئة مُرشّحة للارتِفاع بنسب عالية في غُضون الأعوام القليلة القادمة، وباتت تَكسَب عُقول وقُلوب مُعظم شُعوب العالم الثّالث بإرسال عشرات الملايين من اللّقاحات إليها.
العُقوبات التي فرضتها حُكومة الرئيس ترامب على الصّين جرى امتِصاصها، والتّعايش معها، حسب آخِر التّقارير الغربيّة، ولا نُبالغ إذا قُلنا أنّها أعطت نتائج عكسيّة أبرزها تسريع الإدارة الصينيّة في تطوير قُدراتها الذاتيّة في المجالات العسكريّة، وامتِلاك قُوّة ردع دفاعيّة وهُجوميّة جعلتها تُحكِم سيطرتها على بحر الصّين الجنوبي، وبِما يُنهي الهيمنة العسكريّة الأمريكيّة في شرق آسيا تَدريجيًّا.
إدارة الرئيس بايدن التي ورثت أمريكا يسودها الانقِسام والتّوتّر والأزَمات الاقتصاديّة والصحيّة، والقلق الدّاخلي، باتت تُواجِه تحالفًا روسيًّا صينيًّا مُتعاظِمًا، يُغطّي نُفوذه مناطق عديدة من العالم على حِساب النّفوذ الأمريكي الغربي، ولعلّ هذا ما يُفَسِّر استِجداء هذه الإدارة الجُلوس مع إيران على مائدة المُفاوضات للعودة إلى الاتّفاق النّووي، وإعادة ترتيب بُيوت حُلفائها في الشّرق الأوسط، وأوّلهم البيتان السّعودي والعِراقي، ومُحاولة الهُروب مِن الحُروب المُتأجِّجَة في أفغانستان واليمن.
احفظوا اسم الرئيس الصيني شي جين بينغ جيّدًا، وتعرّفوا على اسميّ وزير خارجيّته وانغ يي ووزير دفاعه وى فنج خه بأسرعِ وَقتٍ مُمكن، فهذه الأسماء سيتم تداولها بكَثرةٍ في الأيّام المُقبلة، وستَحُل قريبًا محَلّ أسماء نُظرائهم الأمريكيين في مِلفّات العُلاقات الدوليّة، وتغطيات محطّات التّلفزة العالميّة.. واللُه أعلم.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية