‘أوراق شمعون المصري’ يبحث في ماهية الدين والعقيدة
حققت الرواية الأولى للروائي الدكتور أسامة عبد الروؤف الشاذلي صدى بين القراء(أوراق شمعون المصري) ولقيت إشادة من العديد من الشخصيات العامة، إلى حد الذي جعله يتعجب من هذا الصدى الذي لم يتوقعه، حيث كان يقوم بنشر حلقات الرواية على صفحته الشخصية على فيسبوك وكان تفاعل القراء معها كبيرا ولكن كانت فئة معينة من الجمهور له ثقافة معينة، جمهور يهتم بفئة التاريخ تحديدا.
وما لم يتوقعه أن تلقى الرواية هذا الرواج بين فئة الشباب، الذي كان يظنه يميل إلى الكتابات الخفيفة، ولا يميل إلى الكتابات التي لها بعد فلسفي، ديني أو فكري، حتى أن بعض قراء الرواية من فئة النشء أعمارهم لا تتجاوز الرابعة عشر من عمرهم، وأعرب الشاذلي عن سعادته بوصول الرواية إلى هذه الفئة.
دعنا نعود 7 سنوات للوراء وهي فترة التحضير والعمل للرواية ماذا تحكي لنا عن تلك الفترة؟ ومن أين جاءتك فكرة الرواية؟
وافاد الشاذلي إلى أن الموضوع استغرق منه أكثر من 7 سنوات، حيث أنه مهتم بالقراءة حول هذا الموضوع منذ حوالي 20 سنة.
واعتبر ان السبع سنوات كانت فترة الكتابة فقط، فقد بدأ نشر أولى حلقات الرواية في يناير 2014 ونشر آخر حلقاتها في يناير 2021.
والرواية ليس لها بعدا تاريخيا فقط، بل تركز أيضا على ماهية الدين، ماهية العقيدة، والبحث عن الذات، وتبحث في معنى التيه الفردي والمجتمعي، ومن هنا كانت تلك الشرارة التي استفزته لبداية الكتابة في الرواية.
وأشار أن التيه المجتمعي شيء مكرر على مر الخليقة، شعوب مختلفة مرت بالتيه، ولكن المثال للتيه المجتمعي كان بني إسرائيل، فكلنا نحلم بالمخلص الذي يأخذ المجتمع ويخلصه ويعبر به إلى السعادة، والبحث عن الأرض الموعودة.
هذا الحلم تحقق لبني إسرائيل حين جاءهم المخلص ولكن فوجئنا بمقاومتهم لهذا التغيير.
كلنا نجلد هذا الشعب وتنظر إليه أنه شعب نمرود ولكن ماذا لو وضعنا مكانه هل سنسير على نفس الخطوات؟ هذا فيما يخص التيه المجتمعي، أما فيما يخص تيه الفرد، فماذا لو ضاع حلم هؤلاء الأشخاص داخل المجتمع فجأة، لأن المجتمع لم يساعدهم على ذلك؟ هذا ما حدث لبطل الرواية شمعون، حين ضاع حلمه في تحقيق الوصول إلى الأرض المقدسة، فقرر الوصول إليها بنفسه، ليصل في نهاية الرحلة إلى ما هو الوطن، وما هو الدين وما هي السعادة، وإجابات كثيرة كان يبحث عنها في رحلته، ونستطيع القول أن التيه كان هو الشرارة التي انطلقت منها الفكرة.
وعن إضافته لمصادر الرواية في آخر العمل أكد الشاذلي أن كاتب الرواية التاريخية لا يميل أن يكشف ما هو حقيقي وما ليس حقيقي، ويترك الأمر للقارئ يبحث عن ذلك بنفسه، اذ لا يحب الروائيين غالبا الكشف عن مصادرهم، بل يفضلون ترك مهمة البحث للقراء، وهذا يعتبر بمثابة ستار يريح الكاتب من المراجعة وراء ما كتب.
ولكنه فضل إضافتها في نهاية الرواية لأكثر من سبب، أولا: لعلمه أن القارئ سيحتاج مزيدا من القراءة حول الموضوع، حيث أن القراءة ستثير داخله تساؤلات في عقله، وهو شعور طبيعي.
أما السبب الثاني أن القارئ إذا تعلق بعمل تساءل في نهايته ماذا أقرأ بعد؟ وأحيانا يطلب من الكاتب جزءا ثانيا منه.
فأراد الشاذلي أن يريح القارئ فيعطيه بعض المصادر الأساسية والمتاحة في نفس الوقت ليمكنه الوصول إليها، وأوضح أن ما كتبه من مصادر لم تكن المصادر الوحيدة التي اعتمد عليها في الكتابة.
أما عن إضافته أسماء الشخصية الحقيقية والشخصية الخيالية في آخر الرواية، فربما سبب ذلك أنه أثناء نشره للحلقات على صفحته على فيسبوك كان أكثر سؤال يتلقاه من القراء.. من هي الشخصية الحقيقية ومن هي الشخصية الخيالية؟ وبالنسبة له لا يجد غضاضة أن يكشف للقارئ أن شمعون ليس شخصية حقيقية ولكنه شخصية روت الأحداث من وجهة نظره هو، بالإضافة بالطبع لشخصيات أخرى غير حقيقية.
أما الشخصيات الحقيقية فقد حددها وذكر المراجع لأنه لا يخشى أن يراجع القارئ ورائه، ومثال ذلك رحلة النقباء الإثنى عشر وكل موضوعات الرواية الأخرى.
ولا شك أن آراء القراء تمثل الكثير بالنسبة للكاتب، ولكن ما لم يتوقعه الشاذلي هو إشادة الشيخ أسامة الأزهري بالرواية على صفحته الشخصية على فيسبوك.
وأشار الكاتب أن أحد شخصيات روايته يدعى الشيخ عامر وهو نموذج الشيخ المعتدل.
وكان أسامة الأزهري قد كتب في وقت سابق على صفحته الشخصية على فيسبوك “أوراق شمعون المصري” انتهيت من قراءة هذا العمل الروائي الملحمي البديع، ورغم شغفي بعالم الرواية، ضمن قائمة المقروءات الثابتة عندي، حتى قرأت من الروايات العربية والمترجمة ما لا أحصيه، إلا أن هذه الرواية ستظل تحتل عندي مكانًا شديد التميز، يجعلها من أفضل ما قرأت.. تحية احترام إليك أيها العظيم، الدكتور أسامة عبدالرؤوف الشاذلي.
وأعرب الشاذلي عن سعادته كذلك بإشادة كل من الكاتب والروائي مصطفى بيومي، والكاتب الصحفي مصطفى عبيد والكاتبة ريم بسيوني، والكاتب وليد فكري والكاتب أحمد القرملاوي، وكذلك مكالمته الهاتفية مع الروائي كمال رحيم صاحب “ثلاثية اليهود”.
وتفاجأ الشاذلي بمستوى القراء الذين قام بعضهم قراءات نقدية للرواية وكأنهم محترفين درسوا النقد أكاديميا، فهناك من تناول الرواية من الناحية الفلسفية، وهناك من تناولها من الناحية الدينية، وآخرون تناولتها في سياقها التاريخي أو الأدبي وهناك من تناولوها من كل النواحي، لكن أفضل الكتابات من نظره كانت ما ليوسف الذي يبلغ من العمر ١5 عاما، حيث كتب قراءة عميقة للرواية.
ويؤكد الشاذلي أنه لم يدرس أي نوع من انواع الكتابة الأدبية بشكل أكاديمي أو محترف، ولم يكن له أي علاقات بالوسط الأدبي فلم يراجع له أحد روايته قبل نشرها أو يأخذ آرائهم، حيث أنه بطبيعة عمله كطبيب وأستاذ جامعي وله مناصب إدارية عديدة لم يكن لديه من الوقت ما يكفي لبناء علاقات جيدة بالأدباء، ولكنه اعتمد في كتابته على مخزونه الأدبي، حيث يرى أن القاريء الجيد كاتب جيد، ويشبه ذلك بالطعام، فالطباخ الجيد متذوق جيد.
فقد أكمل الشاذلي كل أعمال نجيب محفوظ، يوسف إدريس، يوسف السباعي في المرحلة الإعدادية، وكل أعمال إحسان عبدالقدوس في المرحلة الثانوية، كما قرأ الأعمال الكاملة لتشيكوف، وقد بدأ الكتابة في فترة الجامعة، حيث بدأ بكتابة القصص القصيرة.
واشاد الشاذلي بأهمية موقع فيسبوك في تشجيعه على الكتابة، لأنه يمكنه من التعرف على ردود فعل القراء بشكل فوري ومباشر.
وهذا ما شجعه على إنجاز كتابه الأول “رحلة إلى يأجوج ومأجوج” والذي سيتم إعادة طبعه من جديد.
وعن عمله القادم أوضح الدكتور الشاذلي أن العمل القادم وما يليه جزء من فكرة مشروع “أوراق شمعون المصري” والتي تتحدث عن ماهية الدين، فلسفة الدين، أما العمل الثاني فسيكون موضوعه الهوية، في حين سيتمحور العمل الثالث حول التعارض بين العلم والثقافة.
وعبر أسامة الشاذلي عن إمكانية تحويل رواية “شمعون المصري” إلى عمل فني، واعتبر ان هناك توجه من الدولة لإعادة الاعمال السينمائية لمكانتها المعهودة، والمرموقة حيث كانت تستلهم قصصها في الفترة الذهبية للفن السابع من روايات نجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي.
واعتبر ان الورق أهم ركن من أركان العمل الجيد، واستشهد بالسعي نحو تحويل بعض الروايات لأعمال فنية ومن بينها “أولاد الناس” للروائية ريم بسيوني.