أول زعيم عربي زار موسكو كان… سعودياً
ولد الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود في سنة 1906م وكان من أبرز السياسيين في العالم العربي ومنذ مقتبل شبابه أوكل إليه والده مهام بالغة المسؤولية داخل البلاد وخارجها.
وقاد الأمير فيصل الزحف الظافر للقوات السعودية إلى عسير وهو في الثامنة عشرة من عمره الذي انتهى بالنصر المبين. وبعد ضم الحجاز عين فيصل نائبا للملك في هذا الإقليم، كما ترأس دائرة الشؤون الخارجية أيضا، التي أصبحت تسمى لاحقا وزارة الخارجية.
وبعد زيارة الأمير فيصل إلى لندن اعترفت بريطانيا باستقلال دولة ابن سعود، واعترفت به ملكا للحجاز وسلطانا لنجد وملحقاتها بموجب المعاهدة المعقودة في جدة في العشرين من مايو /أيار سنة 1927.
وكان الاتحاد السوفيتي أول دولة اعترفت باستقلال مملكة ابن سعود، وأقامت علاقات دبلوماسية كاملة معها .
وتعد المملكة أول دولة عربية أقامت موسكو معها علاقات دبلوماسية، ففي جدة كانت تقوم بمهامها الوكالة الروسية والقنصلية العامة التي تغيرت تسميتها في الأول من يناير /كانون الثاني سنة 1930م فأصبحت مفوضية.
وحيث لم تكن في موسكو بعثة دبلوماسية دائمة للمملكة فقد جرت مباحثات بين موسكو والرياض في العشرينيات بشأن إيفاد بعثة مؤقتة الى روسيا، وجرى الحديث عن إرسال وفد دبلوماسي برئاسة فيصل، غير أن الزيارة تأجلت في سنة 1927م .
وفي أوائل الثلاثينات تغير الوضع في المملكة، فمن ناحية انتهت عملية توحيد الأراضي سنة 1932م تقريبا، ومن ناحية أخرى ازداد الوضع المالي والاقتصادي في الدولة سوءا، بسبب الأزمة العالمية التي شملت جزيرة العرب أيضا. وشهد الاتحاد السوفيتي تطورا كبيرا ووطد مواقعه، وهذا ما أدركه ابن سعود جيدا، فغدت موسكو شريكة جذابة على نحو متزايد من الناحية الاقتصادية، وكان في وسعها أن تصدر المواد الغذائية ومنتجات البترول، بل والآلات والمعدات أيضا.
وقرر الملك عبد العزيز إيفاد نجله، الأمير فيصل إلى عدة دول أجنبية عام 1932م (فرنسا، وبريطانيا، وبولندا، وتركيا) وتم إدراج روسيا ضمن هذه البلدان أيضا. في الثامن عشر من مايو /أيار سافر الأمير من أمستردام الى برلين. وبعد برلين توجه فيصل الى بولندا ومنها الى موسكو، ووصلها يوم 29 مايو /أيار. وتزينت شوارع العاصمة الروسية لأول مرة برايات كتب عليها” لا إله إلا الله، محمد رسول الله”، وعلى الرصيف رفعت لافتات باللغة العربية كتب عليها “أهلا وسهلا”.
وكان برنامج إقامة الوفد يشمل الاطلاع الواسع على مختلف نواحي حياة الدولة الروسية. وأبدى الأمير فيصل اهتماما جما بحالة القوات المسلحة السوفيتية، ففي الثلاثين من مايو/أيار) زار الأمير وأعضاء الوفد المقر المركزي للجيش الأحمر. وفي النهار تمتع الضيوف بزيارة ميدان سباق الخيل في موسكو. وفي المساء شاهد الوفد باليه “دون كيشوت” على خشبة مسرح بولشوي.
وزار الوفد الأكاديمية الجوية الحربية وتعرف الضيوف السعوديون باهتمام على مختبرات الأكاديمية، ثم ذهبوا الى المطار حيث شاهدوا تحليقات استعراضية. واطلع الأمير فيصل على الصناعة الروسية التي كانت تشهد تطورا متسارعا للغاية. وقام الوفد في اليوم نفسه بزيارة مصنع السيارات المسمى باسم ستالين. وشملت زيارة الوفد، مدينة لينينغراد ومدينة أوديسا ومن الأخيرة غادر الوفد السعودي أراضي الاتحاد السوفيتي.
روسيا اليوم