أيتها المدن…لا تقلدي حلب
“الحروب الطويلة هي مصالح طويلة”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعادة النظر بالأحداث، وإعادة تقييم الخطط…بداية ثانية لاحقة لبدايات أخرى سابقة.
هذا ضروري كالحياة، عندما يتعلق الأمر، بأحداث كبرى، وقضايا كبرى، وبلاد كبرى.
لقد وضعت المعارضة…”الثورة” البرنامج الشهير…برنامج “الشعب يريد إسقاط النظام” وكانت كل الخطط تتجه إلى اليقين من تحقق هذا الشعار خلال ستة أشهر، وقد بالغ أحدهم فقال خلال شهر…
ما حدث، في السنوات الست، شيء لا يشبه شيئاً: دخلت القوى العظمى على الجغرافيا الصغرى، وأحالتها إلى قضية عالمية. واشتغلت، مثلها مثل جورج صبرا (صاحب شعار وسياسة: سلّحونا. سلحونا. سلحونا). اشتغلت على إسقاط النظام، وأضافت سطراً آخر كأنما من أجل يقين آخر: “النظام انتهى ويجب أن يرحل”.
أما الذي حدث، في السنوات الست، لاحقاً حتى اليوم، فهو لا يشبه أحداً أيضاً:
القوى العظمى غيّرت رأيها، وأصبح إسقاط النظام… مشاركة النظام، وتغيرت الخرائط، وجاءت معركة حلب، التي هي واحدة من سلسلة معارك دموية وكبرى، وتغيّرت المعطيات وها هي حلب على مشارف حياة بلا قذائف، وتنهض في أحياء بلا مسلحين، وقد ودّعت، بكل اليأس الممكن السائد…مسلحيها وتأمل ألا يعودوا.
لكن الذي لم يغير رأيه… هو المسلحون…الدنيا غيّرت رأيها وبقي عناد المسلحين. وما يزال البرنامج هو سطر واحد، ورغم الرحيل من ريف حلب إلى ريف إدلب، ومن ريف دمشق إلى ريف إدلب، ومن ريف العذاب البشري إلى ريف إدلب…
إن إعادة النظر بالأحداث، إعادة تقييم الخطط ليس عاراً، وليس مخالفاً حتى لقواعد الجهاد الشرعي، وغير الشرعي.
إعادة النظر فيها فوائد تشبه الشعائر، والواجبات الأخلاقية:
توفير الدم.
توفير الخراب.
توفير العذاب.
والأهم… توفير الفرص لحلّ تدعمه كل الدول التي قبلت، بسبب عقلانية الوقائع، أن تغادر السطر الواحد إلى النص الكامل. أن تعيد الاعتبار إلى مقولة: الحرب مسودة السلام.
وفي التفاصيل… ليس ضرورياً أن تقلد إدلب شقيقتها حلب. وليس ضرورياً الصمود الأسطوري، مديحاً لنتائج مسبقة الصنع. وسيكون أحد الغشاشين من سيعلن شعار: إدلب ستالينغراد، أو أم المعارك، أو ملحمة الثورة الكبرى.
آن أوان الحوار الفعال بين السلطة والمعارضة المسلحة، بشعار معاكس لذلك “السطر القديم المشؤوم” : “الشعب يريد وقف الحرب”.
تحت هذا السطر يوجد طن احتمالات، بدل أطنان ذخيرة!
ويوجد ملايين العقلاء خارج الظن بقدرة الخراب على بناء الدول الحديثة.